لم يكن اعتصام دكاترة ومهندسي وفنيي وموظفي وعمال مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية في تل عمارة اعتصامًا عابرًا, بل هو اعتصام يحمل الكثير من المأساة. دولة أجبرت طاقاتها العلمية والفنية في أعرق مؤسسة بحثية علمية لبنانية على الاعتصام للمطالبة فقط برواتبهم, بعد أن حجبت عنهم كل الحوافز التي أُعطيت لموظفين لم يحضروا.

في مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية, هناك دوام كامل حتى في أحلك الظروف وحتى في أيام العطل, والأهم من ذلك, توجد ساعة لضبط الدوام, وهي غير متوفرة في أغلب إدارات الدولة المترهلة. هذه المؤسسة البحثية النشطة اضطر فنيوها إلى الاعتصام للمطالبة فقط برواتبهم التي تُجزَّأ منذ أكثر من سنتين ولا تصل إليهم دفعة واحدة. واليوم, ومع اقتراب نهاية الشهر الحالي, لا تزال رواتبهم محجوبة عنهم.
اعتصموا أمام مقر المصلحة لفترة من الوقت, مناشدين الوزارات المعنية, من المالية إلى الزراعة, للمطالبة بحقوقهم والإفراج عن رواتبهم وحل هذه المعضلة.
رئيس محطة تل عمارة, الدكتور إيهاب جمعة, اعتبر أن هذا الأمر تعاني منه المصلحة منذ سنتين, حيث يتقاضى جميع الموظفين في القطاعات الأخرى رواتبهم وحوافزهم, إلا موظفي مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية. وأوضح أنهم ليسوا مجرد موظفين عاديين, بل هم مرتبطون بمختلف إدارات الدولة, بما في ذلك المرافئ والمعابر الحدودية, ويعملون يوميًا وعلى مدار الساعة لإنجاز معاملات الوزارات وتسهيل أمور المواطنين, بينما لا أحد يسعى لتسهيل أمورهم المستحقة. كما أشار إلى ضرورة معرفة أسباب حرمانهم من حقوقهم, مؤكدًا أنهم لم يعودوا قادرين على الصبر أكثر, إذ يعمل هؤلاء الموظفون والمهندسون بـ"اللحم الحيّ" ويذهبون إلى عملهم رغم كل الصعوبات.
وأضاف: "نحن لسنا مجرد مكاتب مغلقة يجلس فيها موظفون, بل نحن جهة بحثية تعمل على نشر العلم, ولدينا علاقات خارجية. لكن لا يعقل أن نصل إلى منتصف الشهر دون أن نقبض رواتبنا كاملة. نأمل من المسؤولين والمعنيين أن يسعوا إلى إعطائنا حقوقنا المشروعة, فنحن لا نطالب بأكثر من ذلك. حتى الآن, لم نحصل على رواتبنا كاملة, بل تصلنا مجزأة وبطريقة غير صحية. من أجل تحسين الأداء والعمل, يجب أن يحصل الموظفون على كامل حقوقهم".
من جانبه, أكد الدكتور أحمد البيطار أن هذه المشكلة مستمرة منذ سنتين, وجميع الموظفين يعانون منها دون معرفة السبب الحقيقي وراء تهميش موظفي مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية.
كما أضاف المهندس ربيع قبلان: "نحن نداوم 25 يومًا في الشهر, ولا توجد أي إدارة أخرى في الدولة تعتمد نظام ضبط الدوام مثلنا. نطالب معالي الوزراء بأن يهتموا بالعاملين على الأرض بدلًا من التركيز على الطيور المهاجرة, لأن الأهم هو الحفاظ على من يعمل هنا قبل أن يضطروا للهجرة.



