اشارت معلومات "الجريدة", من مصدر في مكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي, أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نصح خامنئي بأن يعمل من أجل اتصال هاتفي يجمعه هو شخصياً أو الرئيس مسعود بزشكيان بالرئيس الأميركي دونالد ترامب, مؤكداً أن مبادرة من هذا النوع لن تكسر فقط الجليد, بل قد تؤدي إلى نتائج إيجابية لإيران تماماً, كما حدث في الاتصال الهاتفي الشهر الماضي بين بوتين وترامب.

وأفاد المصدر "الجريدة" بأن بوتين قال لخامنئي إن ترامب على عكس ما يجري تصويره في وسائل الإعلام, يمكن أن يغير رأيه بشأن بعض المطالب إذا سمع كلاماً جاداً ومقنعاً من الطرف الآخر, وبالتالي فإنه قد يتخلى عن الكثير من المطالب التي تعتبرها إيران تعجيزية, مما يفتح الباب أمام انفراجة. وذكر أن خامنئي تمسك خلال الاتصال بقناعته بأن ترامب يسعى فقط إلى استعراض إعلامي على طريقة ما حصل بينه وبين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون خلال ولايته الأولى, وأنه في حال لمس أي جدية أو بادرة حسن نية من جانب الرئيس الأميركي فإنه لن يتردد كما فعل سابقاً في السماح بالاتصالات أو المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. وأضاف أن خامنئي أبلغ بوتين أن الرد على الرسالة التي تلقتها طهران من ترامب سيكون بأن إيران مستعدة لمفاوضات محصورة بالشأن النووي بشرط أن يبادر الجانب الأميركي إلى تعليق العقوبات خلال فترة المحادثات.
جاء ذلك بالتزامن مع إطلاق الجيش الأميركي, مساء أمس الأول, حملة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن, الذي يعدون آخر الحلقات المتماسكة في سلسلة النفوذ الإيراني في المنطقة, بعد الضربات القاصمة التي تلقاها حزب الله اللبناني في الحرب الأخيرة مع إسرائيل وسقوط نظام بشار الأسد في سورية والضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية التي شلّت حركة الفصائل العراقية. وقُتل نحو 31 شخصاً وأصيب نحو 100 قال الحوثيون إنهم مدنيون, في سلسلة من الضربات الأميركية على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء, وصعدة معقل الجماعة المتحالفة مع إيران, وحجة والبيضاء.
وتحدثت مصادر عن مقتل 6 قيادات حوثية, وتعليمات لقيادات الجماعة بتغيير أماكن إقاماتهم, تخوفاً من سيناريو إسرائيل و"حزب الله" عندما نجحت تل أبيب في اغتيال معظم قيادة الجماعة اللبنانية. وكان ترامب توجه إلى الحوثيين بالقول "وقتكم انتهى وهجماتكم يجب أن تتوقف بدءاً من اليوم. إذا لم يحدث ذلك فستشهدون جحيماً لم تروه من قبل", في وقت حذر إيران من استمرار دعمها للجماعة.
وفي تلويح لرد فعل شديد في حال قام الحوثيون باستهداف السفن الأميركية, قال ترامب: "لن نتهاون مع هجوم الحوثيين على السفن الأميركية. سنستخدم القوة الفتاكة الساحقة حتى نحقق هدفنا".
وتحدثت القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) عن 3 أهداف من "سلسلة من العمليات التي شملت ضربات دقيقة ضد أهداف الحوثيين في مختلف أنحاء اليمن", هي "الدفاع عن المصالح الأميركية, وردع الأعداء, واستعادة حرية الملاحة".
وفي بيان له, وصف المكتب السياسي للحوثيين الهجمات بأنها "جريمة حرب", وقال إن "قواتنا المسلحة اليمنية على أتم الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد", مضيفاً أن الضربات لن تمر دون رد, ولن تثني الحركة عن "دعم غزة". وكان الحوثيون أعلنوا الثلاثاء الماضي أنهم استأنفوا الهجمات في البحر الأحمر, رداً على عودة التوتر في غزة, بعد هدوء نسبي منذ وقف إطلاق النار بالقطاع يناير الماضي.
وفي وقت قال الإعلام الإسرائيلي إن صاروخاً أطلقه الحوثيون ليل السبت - الأحد سقط في الأراضي المصرية جنوب سيناء على بعد حوالي 250 كم من إسرائيل, أفاد مصدر إسرائيلي بأن تل أبيب تراقب ما يجري في اليمن وتدرس احتمال شن ضربات بنفسها. وفي طهران, انقسم الموقف بين رفض الإملاءات الأميركية والتبرؤ من قرارات الجماعة. ونددت "الخارجية" الإيرانية بالضربات, وقال وزيرها عباس عراقجي إن حكومة الولايات المتحدة "لا سلطة لها, ولا شأن لتملي على إيران سياستها الخارجية". وزار عراقجي أمس مسقط والتقى نظيره العماني بدر بن حمد البوسعيدي, الذي لعبت بلاده دور الوساطة بين واشنطن وإيران وواشنطن والحوثيين. من ناحيته, قال قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي إن "أنصار الله بوصفها ممثلة لليمنيين تتخذ قراراتها الاستراتيجية والعملياتية بنفسها" مؤكداً, في رده على تحذير الرئيس الأميركي لطهران, أن "إيران لن تشن حرباً, لكن إذا نفذت التهديدات ضدها فسترد بشكل مناسب وحاسم وقاطع".
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز, أمس الأول, بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يضغط على ترامب, للسماح بعملية أميركية - إسرائيلية مشتركة لتدمير المنشآت النووية الإيرانية, وأن الرئيس الأميركي "يتردد في الانجرار إلى حرب كبرى, ويقاوم الضغوط من جانب الصقور في كل من إسرائيل والولايات المتحدة".
الجريدة