في غياب التقرير الإحصائي الرسمي الذي يُحدّد العدد الدقيق للنازحين السوريين الجدد القادمين إلى بلدات عكار وجبل محسن هربًا من المجازر المهولة التي تُرتكب بحقّ المدنيين العُزّل في الساحل السوري, نقلت صحيفة الأخبار عن غرفة "إدارة الكوارث" في محافظة عكار قولها, إنّ أعداد النازحين الجُدد في ارتفاع مستمر, حيث يتوجّهون إلى سهل عكار وبعض بلدات الدريب الأوسط, مشيرة إلى أنّ الرقم تجاوز عتبة الـ10آلاف.

ويستمرّ تدفّق النازحين السوريين الهاربين من نار الفتنة في سورية إلى قرى وبلدات سهل عكار, حيث تطوّع عدد كبير من الشبّان لمُلاقاة العائلات عند النهر الكبير, ومساعدتها على تجاوزه مع الأمتعة القليلة التي تمكّنت من حملها, بحسب ما أفادت به صحيفة الأخبار.
وبحسب الصحيفة, لحق عناصر من "هيئة تحرير الشام" النازحين إلى أسفل النهر الكبير الجنوبي من دون الدخول إلى الجانب اللبناني, ووقف آخرون على الساتر الترابي الذي يفصل بين لبنان وسورية يُراقبون ما يجري, وجهًا لوجه مع عناصر الجيش اللبناني المُتمركزين بمُحاذاة النهر.
وفي حين بادر عناصر الهيئة بالحديث مع بعض النازحين, إذ طلبوا منهم العودة وحاولوا إقناعهم بأنّهم في أمان, أكّد عدد من النازحين استمرار شلّال الدم, ونقلت الصحيفة عن أحد النازحين قوله: "الجميع يُريد المغادرة, خصوصًا أنّ المجازر تنتقل من منطقة إلى أخرى, وسط مخاوف من توسّع رُقعة الدمار والدم, مع فارق بسيط أنّ المجازر تُرتكب بشكل صامت بعد توقف المجموعات المسلحة عن توثيق جرائمها, بناءً على التعليمات التي أعطيت لها".
وقال محافظ عكار عماد لبكي: "إنّ عمليات الإغاثة مستمرة, وفُعّلت لجنة إدارة الكوارث لمواكبة المستجدّات, كما وُزّعت فرش وبطانيات وطعام ومياه ومواد تنظيف على النازحين", لافتًا إلى تلقّي وعود بإرسال المزيد من المساعدات لأنّ الحاجات مُتزايدة.
من جانبها, كشفت صحيفة الديار عن أوساط سورية علوية, حصول مجازر مهولة في مئات القرى العلوية على الساحل, وقالت "إنّ الأعداد قد تصل إلى حوالى الـ20 ألفًا, مع اكتشاف المزيد من الضحايا القتلى في المنازل التي يدخلها المُسلّحون". ولفتت الأوساط إلى توثيق سقوط حوالى 8 آلاف ضحيّة حتى الآن, وفق سجلات لمنظّمات إنسانية ودولية, ووفق روايات شهود العيان, لافتةً إلى أنّه يُعثر يوميًّا على مئات الجثث, حيث اكتُشفت أمس ثلاث مجازر جديدة في ريف اللاذقية, وعُثر على 100 جثة إضافية.
كما تكشف الأوساط أنّ المجازر مستمرة والتجاوزات والارتكابات لم تتوقّف, مؤكدةً أنّ ما تنشره سلطات الأمر الواقع والإعلام المُتواطىء معها محليًّا وعربيًّا ودوليًّا ليس صحيحًا, وما جرى ويجري هو مذبحة طائفية لمدنيين علويين, وانتهاكات و"اغتصاب" وتدمير مقدسات ومنازل وإحراقها وسرقتها وقتل أهلها, بجرائم لاإنسانية ووحشية غير مسبوقة, لمجموعات تكفيرية أفغانية وداغستانية.
وفي ملف النزوح العلوي إلى عكار وجبل محسن, يكشف مدير مكتب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور, الشيخ أحمد عاصي لـ"الديار" عن ارتفاع عدد النازحين العلويين في عكار, ليصل أمس (الخميس) إلى 15 ألفًا, مشيرًا إلى أنّ الرقم مُرشّح للتّصاعد كل نصف ساعة, إضافة إلى تسجيل 5 آلاف نازح في جبل محسن.
ويتحدث عاصي عن جهود كبيرة يبذلها المجلس الإسلامي العلوي, بالتعاون مع البلديات وإدارة الكوارث, لإغاثة هؤلاء النازحين, وسط توجه لفتح المساجد والمدارس والمحال والقاعات في عكار وجبل محسن, لاستيعاب هذا الكم الهائل من النازحين.
وعلى المستوى السياسي, يؤكّد عاصي قيام المجلس ورئيسه الشيخ علي قدور بحركة مكوكية تجاه السفارات العربية والإقليمية والدولية الفاعلة, لوقف المجزرة ضد العلويين وتأمين حماية دولية لهم.
كما كشف عن زيارة قدور مع وفد السفارة السعودية في لبنان, كما زار وفد من المجلس السفارة التركية, لافتًا إلى أنّ البحث تركّز على إغاثة النازحين وحماية العلويين دوليًّا, إن كان عبر قوة من الأمم المتحدة أو أي جهة دولية فاعلة أخرى تلجم سلطة الأمر الواقع الموجودة حاليًّا في سورية.
وشدّد عاصي على أنّ أرقام النازحين مخيفة, حيث هناك حديث أيضًا عن 200 ألف علوي في الأحراج والوديان, ولا يزالون هاربين من المجازر التي حصلت, وقد يكون هناك أعداد كبيرة من هؤلاء تتّجه للنزوح إلى لبنان, بعد خسارة المأوى والمحاصل والمونة بفعل السرقة والحريق.
علي ضاحي- الديار