قال الباحث الاقتصادي د.محمود جباعي, في حديث إلى "الأنباء", إن الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام "أمامها طريق صعب لإعادة النهوض بالوضعين المالي والاقتصادي نتيجة الأزمة التي عصفت بلبنان منذ خمسة أعوام, ولا تزال تلقي بظلالها على مختلف القطاعات".

ورأى جباعي أن "أولى مهام هذه الحكومة, فتح أبواب الإصلاحات في مختلف القطاعات المالية والاقتصادية والإدارية ومكافحة الفساد.
وهذه إصلاحات مطلوبة داخليا وخارجيا. ولابد أولا من حصول توافق سياسي لبناني- عربي, ولبناني- دولي.
وبعيدا من ذلك لن تكون هناك حلول للأمور الإستراتيجية, لا سيما تلك المتعلقة بإعادة إعمار المناطق التي تهدمت بفعل الحرب الإسرائيلية على لبنان. وهذا ملف يشكل تحديا أمام الحكومة, وقد وضعته في مقدمة أولوياتها".
وأشار جباعي إلى أن "تكلفة إعادة الإعمار كبيرة جدا, وهي بحسب البنك الدولي تصل إلى 14 مليار دولار, بين خسائر مباشرة أو غير مباشرة.
وهي على أرض الواقع أكثر بكثير, إذا تبين أن البيئة المحيطة بالأضرار أكبر مما هو متوقع, وتقدر بالحد الأدنى ما بين 10 إلى 14 مليار دولار. وهذا رقم كبير يتوزع على المنازل المدمرة وعلى البيئة المحيطة بها والقطاع الزراعي, فضلا عن المنشآت والمؤسسات والبنى التحتية, إلى الخسائر في قطاعي الكهرباء والاتصالات".
واعتبر "أن الحكومة تحتاج للنهوض بالإعمار, إلى وفاق دولي وعربي, والى التعاطي مع المجتمع العربي الذي هو أساسي وضروري.
وقد بدأ لبنان بفك عزلته مع محيطه العربي للنهوض على الصعيدين المالي والاقتصادي".
وتناول جباعي زيارة وفد من صندوق النقد الدولي إلى لبنان, "للتفاوض مع الحكومة اللبنانية ووزارة المال على برنامج دعم من الصندوق ومن البنك الدولي.
وستكون مفاوضات جدية مبنية على قرارات تتعلق بخطوات إصلاحية على لبنان القيام بها.
وبدأت وزارة المال تقوم بها لناحية مكننة عمل الوزارة والرقابة على الأسواق ومكافحة تبييض الأموال والتهرب الجمركي والطوابع البريدية.. هناك قرارات تتعلق بالاقتصاد والمال, على الدولة اللبنانية أن تتخذها لتساعد نفسها, ما يتيح المجال إلى عودة الاستثمار.
وعلى لبنان الاستفادة من إمكانياته لفتح الأبواب أمام الدول العربية والأشقاء العرب للاستثمار في لبنان وفي مجالات مختلفة. وهذه فرصة أمام الشركات العربية لتستثمر في لبنان, على قاعدة الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. وهذا يعطي أملا في النجاح".
وشدد على أن "نقطة الانطلاق الأساسية لحكومة العهد الأولى حكومة "الإصلاح والإنقاذ", هي في قضاء مستقل ونظام قضائي واضح المعالم, واعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة لا المحاصصة, لإعطاء صورة جيدة للمجتمع العربي والدولي وعودة الثقة بلبنان".
وأمل جباعي أن تكون موازنة 2025 التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة, تحاكي ما يطلبه صندوق النقد الدولي لناحية توزيع نطاق النفقات, على الا تحصر في الرواتب والأجور, بل بالنفقات التشغيلية على البنى التحتية والاستثمارات لتكبير حجم الاقتصاد. كذلك العمل على إعادة هيكلة القطاع المصرفي, ووضع خطة تحفظ أموال المودعين لإعطاء الثقة من جديد للمصارف اللبنانية.
ورأى أنه "على الدولة اللبنانية مسؤولية رد الأموال إلى المصرف المركزي والمصارف, لأن الدولة استدانت من المصرف المركزي ومن المصارف. ولابد من تشكيل لجنة لتحديد المسؤوليات, لمعرفة ما هو متوجب على الدولة لردها أيضا إلى المودعين", واعتبر انه "لا يمكن فقط ترك المصرف المركزي والمصارف لحل أزمة المودعين, لأن كل ما يملكه مصرف لبنان والمصارف لا يشكل أكثر من 15% من قيمة ما تبقى من ودائع. وفي حال جرى العمل على وضع صندوق لرد الودائع, تشترك فيه الدولة على أساس ما جرى طرحه, وهو الاستثمار في أصول الدولة بعد تحديد قيمتها من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص, وعلى الخصخصة تحت رقابة الدولة اللبنانية.
كل ذلك يرفع من حجم الناتج المحلي من 20 إلى 30% سنويا, على أن يصل إلى 100%, وبذلك يزداد حجم الإيرادات ويستعمل جزء من هذه الإيرادات لرد أموال المودعين".
الانباء الكويتية