يبدو ان لبنان سيكون ملزما مع انتهاء المهلة الممددة لوقف النار, على التعامل مع ما هو أبعد من مواصلة اسرائيل احتلال عدد من المواقع الاستراتيجية جنوبي البلاد, بحيث انه وباغتيالها القيادي في "حماس" محمد شاهين في مدينة صيدا عشية الثامن عشر من شباط تؤكد مرة جديدة تفلتها من اي ضوابط وعدم التزامها بأي شكل من الاشكال ببنود اتفاق وقف النار.

وان كان بعض المتفائلين يدعون لوجوب انتظار ما اذا كانت تل ابيب ستواصل هذا التفلت في الايام المقبلة ليبنى عندئذ على الشيء مقتضاه معتبرين ان احتمال ان يتوقف قصف المواقع واستهداف الشخصيات بالتزامن مع الانسحاب المرتقب من القرى والبلدات وارد جدا, ترجح مصادر مواكبة عن كثب لتطور الاوضاع ان "تواصل اسرائيل هذه الخروقات وبخاصة انه يبدو واضحا ان هناك غطاء اميركيا واضحا لها سواء أكان ذلك من خلال ورقة جانبية اتفق عليها الطرفان الاميركي والاسرائيلي بالتوازي مع اتفاق وقف النار او عبر تفاهمات غير مكتوبة تُطلق يد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في لبنان للتصدي لما يعتبره الطرفان تهديدا لأمن اسرائيل".
ولعل ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنتنياهو بشأن اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الاسرى في غزة "بيبي – افعل ما تريد"... يشمل ايضا لبنان.
وتعتبر المصادر في حديث لـ "الديار" ان "تلكؤ اللجنة الخماسية المعنية في مراقبة تنفيذ الاتفاق طوال الفترة الماضية سينسحب على الارجح على المرحلة المقبلة", لافتة الى ان "الضغط الاميركي لانسحاب اسرائيل من القرى التي لا تزال محتلة مقابل الموافقة على البقاء في ٥ مواقع استراتيجية, هو محاولة لاستيعاب الاحراج الذي يشكله الوضع القائم للدولة اللبنانية ممثلة برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام اللذين يفترض ان الولايات المتحدة الاميركية تدعمهما وتسعى لانجاح عهدهما". وتضيف المصادر: "لكن رغم حرص واشنطن على ذلك, لكنه لا يعني انه يتفوق على مصلحة اسرائيل التي اقنعت ترامب ان مصلحتها الاستمرار في الوجود في ٥ مواقع داخل لبنان لضمان عدم تكرار سيناريو طوفان الاقصى من الجنوب اللبناني, طمأنة المستوطنين المترددين بالعودة الى منازلهم وترسيخ هزيمة حزب الله ما يُعزز وضعية نتنياهو في الداخل الاسرائيلي".
بالمقابل, تبدو خيارات الدولة اللبنانية كما حزب الله ضيقة جدا في التعامل مع هذا الوضع, اذ ان كل الجهود التي يقوم بها عون وسلام لحث الدول المعنية على الضغط على اسرائيل لتنفيذ بنود الاتفاق كاملة, قد لا تلقى الصدى المطلوب, وهذا المرجح, بخاصة بعدما تبين الا احد "يمون" على نتنياهو ولا شيء يردعه وان عودة ترامب الى البيت الابيض جاءت بالنسبة له كـ "الكرزة على اعلى قالب الحلوى".
من جهته, سينكب حزب الله المنهمك راهنا بتشييع امينيه العامين الراحلين الاحد المقبل, بدراسة خياراته بدقة, وان كان وبحسب المعلومات سيترك للدولة اللبنانية وديبلوماسيتها مساحة من الوقت لمحاولة دحر الاحتلال قبل اللجوء مجددا للخيار العسكري الذي اثبت مؤخرا أن تكلفته عالية جدا وعلى المستويات كافة. وقد عبّر الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم عن ذلك بوضوح حين قال بآخر اطلالة له ان "مسؤوليّة الدولة اللبنانيّة أساساً وحصراً في هذه المرحلة, أن تعمل بكل جهد, بالضغوطات السياسيّة, بعلاقاتها, بأيّ عمل آخر, من أجل أن تجعل إسرائيل تنسحب في 18 شباط وألا تعطي فرصة لا لنقاط ولا لقطعة أرض" مشددا على انه "اذا بقي الإسرائيلي في مكان ما سيكون مُحتلاً, والكل يعلم كيف يتم التعامل مع الاحتلال".