يبدو ان الأجواء الاقليمية ستعود الى مربع المعارك, وذلك جراء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة, فاجأ الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة الجميع معلناً عن تأجيل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة إلى حين التزام إسرائيل وتعويض استحقاق الأسابيع الماضية بأثر رجعي, مضيفاً ان وأضاف أن "إسرائيل أخّرت عودة النازحين إلى شمال القطاع واستهدفتهم بالقصف وإطلاق النار في مختلف المناطق", كما منعت إدخال المواد الإغاثية بكافة أشكالها, وفق ما تم الاتفاق عليه, في حين التزمت المقاومة بجميع التزاماتها. في المقابل, أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عقب هذا الإعلان "إن إعلان حماس التوقف عن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين يعد خرقاً كاملاً لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة إطلاق سراح الأسرى", وأضاف كاتس, "أصدرت تعليماتها للجيش الإسرائيلي بالاستعداد بأقصى درجات التأهب لأي سيناريو محتمل في غزة والدفاع عن البلدات" و"لن نسمح بالعودة إلى واقع 7 تشرين الأول".

أما لبنانياً, وعشية اولى جلسات مجلس الوزراء الجديد المقررة غدا في قصر بعبدا لالتقاط الصورة التذكارية وتشكيل لجنة اعداد البيان الوزاري,وانطلاق ورشة التسليم والتسلم بين الوزراء السلف والخلف, سُجل اجتماع لافت في معراب, أعقبته مواقف متقدمة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الرهانات المبنية على الحكومة الوليدة.
ووقال جعجع بعد اللقاء إنّ "الحكومة الحاليّة هي حكومة الأمل لأنّها الحكومة الفعليّة الأولى منذ فترة طويلة والمطلوب منها نقلنا إلى الاستقرار. وأضاف بعد الاجتماع أنّ "الواجب الأول للحكومة هو إعادة تسليم القرار للدولة. يجب علينا كدولة أن نسيطر على حدودنا الشمالية والشرقية. أما فكرة أن الجيش لا يملك عديداً كافياً فهي فكرة خاطئة". وتابع أنّ "على الحكومة أن تباشر بتنفيذ الخطة الأوروبية والبريطانية لإنشاء أبراج المراقبة على الحدود لضبطها. كما يجب أن يكون موضوع مكافحة التهرب الضريبي جزءًا أساسيًا من الإصلاحات الحكومية". أما في موضوع وزارة المهجرين, فقال جعجع: "لو لم تكن هناك وزارة للمهجّرين, لكان من الضروري استحداثها مجددًا للاهتمام بإعادة الإعمار, من الجنوب إلى البقاع بعد الحرب الأخيرة". وأضاف: "يجب البدء "على بياض" مع الحكومة الجديدة, وننتظر مشاريع الوزراء. نحن غير مستعدين للعودة إلى الوراء, ولا مجال لبقاء السلاح خارج نطاق الدولة". وتوجّه جعجع إلى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد, وقال له: "ارتياحك لوجود حزب القوات اللبنانية في الحكومة الجديدة هو في محلّه. فهدفنا الوحيد هو بناء دولة فعلية لكل لبنان, وليس لمنطقة أو لطائفة بعينها". وتابع: "حصلنا على كل الضمانات اللازمة من الرئيس سلام لضمان عدم وجود أي عرقلة لعمل الوزارات من قِبَل وزارة المالية".
في المقابل, أشار رئيس تكتل بعلبك الهرمل عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين الحاج حسن, إلى أن "ما قالته نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ليس جديداً, وهي عندما تتحدث عن شكر العدو الإسرائيلي لأنه هزم حزب الله بحسب تعبيرها, فهذا تأكيد متجدد عن التماهي الأميركي الكامل مع العدو الصهيوني", مشدداً على أن "حزب الله لم يهزم, وهو مع باقي حركات المقاومة متجذر في الأرض, علماً أن هذا الكيان الغاصب الذي شكرته, سيزول يوماً من الوجود, ونحن لم ولن تتغيّر قناعتنا مهما اشتدت المحن والظروف".
من جهتها, هنأت اليونيفيل لبنان على تشكيل الحكومة الجديدة, وتعرب عن دعم قوات حفظ السلام لحكومة سلام في جهودها لتنفيذ القرار 1701 بشكل كامل, بما في ذلك من خلال الشراكة القوية مع الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى, مؤكدةً دعم المؤسسات الحكومية في سعيها لإرساء سلطة الدولة ومساعدة المواطنين على العودة إلى قراهم وبدء إعادة الاعمار. كما تظل ملتزمة بدعم استقرار المنطقة من أجل عودة الحياة الطبيعية للسكان على جانبي الخط الأزرق.
في السياق, جددت الحكومة العراقية, اليوم الإثنين, موقفها بمواصلة "دعم العراق للشعب اللبناني وتقديم كل ما يمكن أن يعزز قوة هذا البلد العزيز وصموده بوجه التحديات", وقال المتحدث الرسمي بإسم الحكومة العراقية باسم العوادي, في بيان صحافي إنه "تأكيداً على أواصر الأخوة والعلاقات المتميزة بين العراق ولبنان, بعث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني برقيتي تهنئة إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام عبر فيهما عن خالص التهنئة, باسم العراق حكومة وشعبا إلى لبنان بمؤسساته الحكومية وأطياف شعبه الكريم بمناسبة اكتمال التشكيلة الحكومية اللبنانية الجديدة".
وفي سياق اعادة الاعمار وعلى مشارف فترة قصيرة سبقت انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن, وفي أثناء تحرّك المبعوث الأميركي السابق عاموس هوكشتين على خط بيروت – تل أبيب وبيروت – واشنطن – الرياض, طُرحت فكرة مثيرة للاهتمام والجدل في آن معاً, من جانب سياسي لبناني مخضرم, قوامها: إعادة إعمار لبنان, وتحديداً المناطق التي دمّرها العدو الإسرائيلي في عدوانه الأخير, جنوباً وبقاعاً وفي العاصمة والضاحية الجنوبية, بأموال إيرانية وتحت إشراف أميركي!
جنوبا, استكمل الجيش اللبناني انتشاره في بلدات رب ثلاثين وطلوسة وبني حيان بعدما انسحب منها الجيش الإسرائيلي وقام الجيش اللبناني بتسيير دوريات مؤللة على الطرقات وشرع بإزالة السواتر الترابية والردميات, وباشر التفيش عن القنابل والذخائر غير المنفجرة بين البيوت وعلى الطرقات. ودعت بلديات البلدات الثلاث المواطنين الى الالتزام بتعاليم الجيش وعدم الدخول اليها الا بعد أن تصبح آمنة وخالية من المتفجرات. وتوغل بعد ظهر اليوم, عدد من دبابات الميركافا وجرافة عسكرية الى الاطراف الجنوبية لبلدة عيتا الشعب وعملت الجرافة على رفع ساتر ترابي في المنطقة, من بعدها اسحبت القوة الاسرائيلية.
اما بقاعا, فاستكمل الجيش اللبناني اليوم انتشاره في المنطقة الحدودية الشمالية لمدينة الهرمل مع سوريا, بعد انسحاب مقاتلي ابناء العشائر خلف الحدود التي ينتشر فيها الجيش. وسادت حالة من الهدوء الحذر على الحدود اللبنانية السورية الشمالية منذ مساء امس حتى اللحظة, ولم يسجل اي اطلاق نار وقذائف. في حين عزز الجيش اللبناني انتشاره على المعابر غير الشرعية, واعطى اوامره بالرد الفوري على مصادر اطلاق النار في حال حصل باتجاه الاراضي اللبنانية. كما اصدرت عشيرة آل جعفر بياناً حول آخر التطورات, اكدت فيه على العلاقات الاخوية بين الشعبين اللبناني والسوري, اضاف البيان: "لقد سحبنا شبابنا وهجرت عائلاتنا من منازلها تاركين الدولة والجيش معالجة الامور".
مالياً, ووسط هذه الاجواء, أعلن صندوق النقد الدولي أنّ "هناك مشاورات مكثّفة مع أصدقاء لبنان لتقديم المساعدة ومستعدون للتحرّك بشكل سريع", أضاف أنّ "لبنان بحاجة إلى إصلاحات اقتصادية والوضع الآن يدعم القيام بذلك". أتى ذلك بعد أيام على تشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة الرئيس نواف سلام, هي الأولى في عهد رئيس الجمهورية جوزف عون, والتي تواجه تحدّيات اقتصادية ومالية وسياسية وأمنية جمّة. في سياق منفصل, قال صندوق النقد الدولي.
وعلى صعيد آخر, أعربت وزارة الخارجيّة والمغتربين عن إدانتها ورفضها الشديدين لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الداعية إلى إقامة دولة فلسطينيّة على الأراضي السعودية, مؤكّدة وقوفها إلى جانب المملكة العربيّة السعودية الشقيقة في مواجهة كل ما يُهدد أمنها, واستقرارها, وسيادتها, ووحدة أراضيها. كما شددت الوزارة في بيان, على رفضها أي محاولات لتهجير الفلسطينين أو توطينهم لا سيما في لبنان. كما تحث للدفع باتجاه حل عادل وشامل للقضية الفلسطينيّة على أساس حلّ الدولتيْن, استنادًا إلى قرارات الشرعيّة الدوليّة, ومبادرة السلام العربيّة الصادرة عن قمّة بيروت (٢٠٠٢) ممّا يُعزّز السلم والأمن الإقليمي والدولي.