تمثل زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية, أحمد الشرع, إلى أنقرة منعطفًا هامًا في العلاقات السورية التركية, حيث تعكس تحولات جيوسياسية قد تعيد رسم خريطة النفوذ في شمال سوريا.
فبعد أكثر من عقد من القطيعة السياسية, تتجه الأنظار إلى مخرجات المباحثات التي أجراها الشرع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان, والتي تناولت ملفات حساسة تتعلق بالوجود العسكري التركي في سوريا, ومستقبل الأكراد, إضافة إلى التعاون في مجالات إعادة الإعمار والاستقرار الإقليمي.
ووفقًا لوكالة "رويترز", فإن الشرع وأردوغان ناقشا إمكانية إقامة قواعد عسكرية تركية جديدة وسط سوريا, تحديدًا في منطقة البادية, مع احتمال نشر مقاتلات إف-16 مستقبلًا.
كما تطرقت المحادثات إلى اتفاق دفاعي مشترك يتضمن تدريب الجيش السوري الجديد.
ويبرز ملف الأكراد باعتباره أحد أكثر القضايا تعقيدًا, حيث تسعى تركيا إلى إنهاء أي وجود مسلح لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على حدودها الجنوبية.
في المقابل, أكد الشرع أن هذه القوات تبدي استعدادا للانخراط في عملية ضبط السلاح تحت سيطرة الدولة السورية, رغم وجود بعض نقاط الخلاف التي يجري التفاوض بشأنها.
)
ويشكل ملف اللاجئين السوريين في تركيا تحديًا آخراً في العلاقات بين البلدين. إذ أعلنت إدارة الهجرة التركية عن إجراءات لتسهيل عودة اللاجئين, من بينها زيادة عدد المعابر الحدودية من اثنين إلى سبعة, ومنح تسهيلات جديدة لحاملي الجوازات التركية لدخول سوريا.
ووفقًا للمصادر الرسمية, عاد أكثر من 50,000 لاجئ إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد, بينما لا يزال نحو 2.5 مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا.
وعلق مدير مركز إسطنبول للفكر, بكير أتاجان, خلال حواره مع سكاي نيوز عربية على هذه المستجدات, مؤكدًا أن الأولوية يجب أن تُمنح لإعادة الإعمار والاستقرار بدلًا من التركيز على الاتفاقيات الدفاعية معتبرا ان الإعمار ضروري لعودة النازحين ولتوفير الأمن, والاتفاقيات الدفاعية يجب أن تأتي في المرتبة الأخيرة".
كما شدد على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة التحديات الإقليمية, مشيرا إلى أن العلاقات بين الشعبين التركي والسوري تمتد لقرون, وأن الروابط الثقافية والتاريخية والدينية تجعل المصالح المشتركة أمرًا حتميًا.
ويرى أتاجان أن العلاقات السورية التركية قد دخلت مرحلة جديدة, حيث قال: "من المتوقع الإعلان عن اتفاقية بين تركيا وسوريا, لكنها ليست بالضرورة اتفاقية دفاعية أو أمنية كما يروج البعض, بل ستكون في إطار تحسين ظروف الحياة وضمان الاستقرار".
كما كشف أن الفصائل المسلحة في سوريا, بما في ذلك الجيش الحر, وافقت على تسليم أسلحتها والانضمام إلى الدولة السورية, مما قد يكون مؤشرًا على تحول كبير في المشهد السوري. (سكاي نيوز عربية)