في الوقت الذي يعكف فيه الرئيس المكلف نواف سلام على وضع تشكيلته الحكومية التي تعترض ولادتها بعض العثرات, وعلى وقع المستجدات جنوبا واستمرار إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار, يصل الى بيروت صباح غد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي, حيث من المقرر أن يعقد سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين, وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية جوزاف عون حيث سينقل له رسالة خطية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتأتي زيارة الوزير المصري في إطار زيارات التهنئة المتواصلة لكبار المسؤولين العرب والأجانب منذ انتخاب الرئيس عون ولتقديم جرعات الدعم للبنان, والتأكيد على الاستعداد لمساعدته لإعادة وضع مسار الدولة على السكة الصحيحة, من منطلق عودته للعب دوره الطبيعي في محيطه العربي من خلال استقراره وازدهاره.
وحول هدف الزيارة ومواضيع البحث وعلاقة لبنان مع الجمهورية العربية المصرية, إضافة الى دور اللجنة الخماسية تحدث السفير المصري في لبنان علاء موسى لـ"اللواء" وقال: "كما بات معلوما فإن زيارة الوزير عبد العاطي هي الثالثة الى بيروت منذ تعيينه في منصبه والذي لم يمرّ عليه سوى ستة أشهر, مما يؤكد مدى اهتمام مصر بلبنان, خصوصا ان هذه الزيارة تأتي في خضم التطورات اللبنانية الداخلية, وهي تحمل دعم لخيارات الشعب اللبناني, ممثلة بانتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس سلام, كما انها تأتي أيضا في وقت الانسحاب الإسرائيلي من لبنان, مما يؤكد على دعم مصر لحقوق لبنان المشروعة, وضرورة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بشكل كامل, والتي يجب أن يتوّج بالانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية".
وأشار موسى الى ان زيارة الوزير المصري تشكّل أيضا أهمية في هذه المرحلة خصوصا في ضوء التطورات الإقليمية سواء مع بدء سريان الهدنة في غزة, أو مع وجود نظام جديد في سوريا, مما يعني بانه من الضروري أخذ كل هذه المستجدات بعين الاعتبار في نطاق العلاقات في الإقليم.
ووصف السفير المصري زيارة الوزير عبد العاطي والتي تحمل أوجه عدة بانها تنسيقية من اجل الحوار حول عدة أمور, وفي مقدمتها التأكيد على دعم مصر للبنان في المرحلة القادمة.
مؤكدا التزام اللجنة الخماسية على مساعدة لبنان اقتصاديا وسياسيا وفي كافة المجالات فور تشكيل الحكومة, وبدء العمل في مؤسسات الدولة بشكل كامل, وذلك استكمالا لما قامت به من مساهمة لانتخاب الرئيس.
وردّاً على سؤال اعتبر السفير موسى ان لبنان مرّ بظروف صعبة, وهو الآن في مرحلة انتقالية وأوضاع مختلفة تماما, مبديا تفاؤله الى أبعد حد ممكن بعد انتخاب الرئيس عون وتكليف الرئيس سلام, ورأى بان الأجواء تميل الى الإيجابية ومهيّئة لتحقيق المزيد من الإنجازات المرتبطة بالجهود التي ستقوم بها الحكومة, والتناغم الذي يمكن حصوله بين الرئاسات الثلاث, باعتبار ان هناك إرادة لدى القوى السياسية لإحداث التغيير, وأيضا قدرة شعبية على التمسّك بالمكتسبات الجديدة, مما يعني وجوب أن يُكتب النجاح لكل المستجدات الحاصلة.
وإذ لم يستبعد السفير المصري المرور ببعض المطبات, يأمل أن يؤدي التناغم الموجود ما بين الشعب والحكومة والقوى السياسية الى التغلب على الكثير من العقبات, معتبرا ان هناك الكثير من البشائر في الأفق توحي بأن القادم سيكون أفضل ومشرق للغاية في لبنان.
وأكد السفير موسى الى ان الزيارات العربية والإقليمية والدولية التي شهدها لبنان على أثر انتخاب رئيس للجمهورية, تعتبر مؤشر للثقة وعنوان للمرحلة القادمة, لافتا الى ان زيارة الوزير عبد العاطي تأتي في هذا السياق.
وعما إذا كان الوزير المصري يحمل رسالة من القيادة المصرية الى لبنان, كشف السفير موسى ان وزير خارجية بلاده سيحمل رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الرئيس عون, مذكّرا بان الرئيس المصري كان من أول المتصلين برئيس الجمهورية مهنّئا بانتخابه, وهذه احدى المؤشرات التي تؤكد اهتمام مصر والرئيس السيسي شخصيا بلبنان وثقته بان الرئيس عون الذي ندعمه على كافة الأوجه يمثل إضافة إيجابية للبنان كما قال, مبديا ترحيب مصر باستقبال الرئيس عون بأقرب وقت ممكن.
وحول ما إذا كان هناك اتفاقات جديدة ستوقّع قريبا بين لبنان ومصر لتعزيز العلاقات على كافة المستويات, قال السفير المصري: "الاجتماع الأخير للجنة اللبنانية - المصرية المشتركة عقد منذ عدة سنوات في بيروت, وبالتالي نحن ننتظر تشكيل الحكومة الجديدة وتبدأ العمل, لإعادة تقييم الاتفاقات الموقّعة, ونتطلّع للتوقيع على اتفاقيات جديدة, باعتبار ان هناك عددا كبيرا من مشاريع الاتفاقيات موجودة, وتحتاج لعقد اجتماع للجنة المشتركة من أجل توقيع المزيد منها, لتعزيز التعاون والتنسيق خدمة لمصالح البلدين على حد سواء, ولتكون عنونا للتعامل بينهما في مجالات عدة اقتصادية وثقافية أو غيرها, خصوصا ان اللجنة يترأسها رئيسي الوزراء في البلدين, كما ان هناك أهمية على ضرورة الحفاظ على وتيرة الاجتماعات وتفعيل وتطبيق كافة الاتفاقيات والعمل بها لما فيه مصلحة البلدين".
وحول توقعاته بما إذا ستلتزم إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الجنوب في الموعد المحدد, قال السفير المصري: "هناك وقف للأعمال العدائية تم التزام به ما بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي, وهناك أيضا ضمانة من الأطراف الدولية الأخرى, أي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والأمم المتحدة, وبالتالي نحن ننتظر أن يتم الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية, وفقا للاتفاق في أقرب وقت ممكن, وعلى الطرفين التزام بكافة التعهدات والأوقات التي يتم الاتفاق والعمل عليها, كما ان على الجانب اللبناني القيام بدوره, كذلك على الجانب الآخر الإيفاء بالتزاماته".