تبدو واضحة سرعة تبدّل وتأقلم رئيس ""التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل مع التطورات الداخلية, وأبرزها انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية. باسيل الذي كان قد شنّ حرباً ضروساً على عون خلال توليه قيادة الجيش, متهماً إياه بـ"قلة الوفاء ومخالفة القوانين", ورفض دعمه لرئاسة الجمهورية, عادّاً أن انتخابه مخالف للدستور, انتقل سريعاً جداً لدعم العهد؛ انطلاقاً من "أن موقع تياره الطبيعي هو إلى جانب العهد بحيث يكون داعماً لرئيس الجمهورية, خصوصاً أننا رأينا بخطاب القسم ما يشبهنا ونريد تطبيقه", وفق ما قال.
وكتبت بولا اسطيح في" الشرق الاوسط": ولا يبدو "الوطني الحر" متحمساً للجلوس وحيداً في صفوف المعارضة على بُعد عام وأربعة أشهر من موعد الانتخابات النيابية, خصوصاً بعدما فقد معظم حلفائه, وعلى رأسهم ""حزب الله". وقد قال باسيل صراحةً مؤخراً: "يجب أن نعتاد على أن (التيار الوطني الحر) في موقع مستقل لا حلفاء لديه ولا أعداء".
وبعدما رفضت كتلة "التيار", التي باتت مؤلفة من 13 نائباً بعد انسحاب عدد من النواب منها وإقالة آخرين, السير بالتوافق الكبير الذي أدى لانتخاب عون رئيساً, عاد وسمّى نوابها في الربع ساعة الأخيرة القاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة, وكانت هذه الأصوات أساسية لنجاحه, فيما يعد ""حزب الله" أنه تعرّض لكمين, وتحدّث عن إقصاء وكيدية.
ويشير عضو تكتل "لبنان القوي" النائب جيمي جبور إلى أن "طي صفحة ما قبل انتخاب الرئيس عون أتى انطلاقاً من قناعتنا بأهمية موقع رئاسة الجمهورية على رأس الدولة اللبنانية, ووجوب احترام الموقع من خلال الوقوف إلى جانب شخص الرئيس.
ad
وقال: بما أن ثقة الحكومة تأتي من المجلس النيابي, فمن الطبيعي أن تكون الكتل الداعمة للتكليف شريكة عند التأليف, خصوصاً أن (كتلة التيار الوطني الحر) تُشكّل واحدة من أكبر الكتل النيابية الأربع في المجلس النيابي, ولكن في النهاية تبقى مسألة التأليف في عهدة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ورهن ما يعرض علينا". ويلفت في الوقت عينه إلى أن المعارضة تبقى خياراً "عندما تفرض علينا, إذ إننا بعد عودة العماد ميشال عون عام 2005 دخل (التيار) مرحلة جديدة, قوامها المشاركة الفاعلة بالعمل البرلماني والحكومي, وهو شارك بكل حكومات ما بعد الانسحاب السوري ما عدا حكومة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الأولى التي غطّى يومها التحالف الرباعي (حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي), الذي كان قائماً, عملية تغييب التمثيل المسيحي الوازن عن تلك الحكومة, وتغييب رأي 70 في المائة من المسيحيين الذين أولوا (التيار) ثقتهم". وختم قائلاً: "وحتى لا نقول ما أشبه اليوم بالأمس, أتى قلبنا للطاولة على تكليف ميقاتي, ومساهمتنا الأساسية في تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة, ويبقى أن نقول إن الأمور بخواتيمها".
من جهته, يعد المحامي أنطوان نصر الله, القيادي السابق في ""التيار الوطني الحر" أن "محاولة باسيل فتح صفحة جديدة مع العهد, لم تكن مفاجئة بالنسبة لنا, لأنه منذ بدء عمله السياسي اشتهر بمواقفه المتناقضة وبمعاداته أو مسايرته للقوى السياسية تبعاً لمصالحه وأجنداته, لذلك كنا نتوقع أن يسري ذلك على علاقته بالرئيس جوزيف عون", لافتاً في حديث لـ"الشرق الأوسط" إلى أن "هدفه الأوحد" هو أن يصل إلى سدة الرئاسة, وهو يفعل المستحيل لتحقيق هذا الهدف, لذلك كان هجومه الكبير على العماد عون حين كان قائداً للجيش ومرشحاً أساسياً للرئاسة.
ويرى نصر الله أن باسيل "يحاول راهناً إغراق العهد بعاطفته ومحبته؛ لأنه يدرك أن عون سيقضي على شعبيته القائمة بشكل أساسي على الجيش في حال استكمل عداءه للعهد, كما أن "التيار" أصبح حزباً سياسياً يتكل على الزبائنية, أي حزب سلطة, وهو يعتقد أنه يستطيع راهناً الحصول على قطعة من قالب السلطة, ويدرك أنه لا يستطيع أن يعيش ويستمر ولو لأسبوع واحد في المعارضة؛ لأن ذلك يعني نهايته".