تطرح عملية إعادة الإعمار في لبنان العديد من التساؤلات حول مستقبل القطاع العقاري في البلاد, هل ستتمكن هذه العملية من تنشيط السوق العقاري؟ وما هي التحديات التي قد تواجه هذا القطاع أثناء وبعد إعادة الإعمار؟
في هذا الإطار, تؤكد رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات, المحامية أنديرا الزهيري, في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت", أن "عملية إعادة الإعمار ستنعش حتمًا القطاع العقاري, صحيح أن تداعيات الحرب على لبنان كانت أكبر من كل التصورات, ورافقتها حوالي خمس سنوات من الجمود والحركة المحدودة في القطاع العقاري, فمن المعروف أن القطاع العقاري يعد من الركائز الأساسية في الاقتصاد وأحد الأعمدة الداعمة في الإنماء".
وتشير إلى أنه "إذا عدنا قليلًا إلى الوراء, نرى أن وضع أموال المودعين والمصارف كان له تأثير سلبي كبير, مما أدى إلى تكبد القطاع العقاري خسائر فادحة, تبعتها جائحة كورونا ثم الحرب, هذا القطاع يشكل شريانًا حيويًا لعدة قطاعات اقتصادية, بدءًا من الأرض مرورًا بالبيع والشراء وإعادة الإعمار التي تتطلب تعاونًا بين المهندس, الطوبوغراف, الخبير, المحامي, إضافة إلى اليد العاملة ومواد البناء مثل الأسمنت, الحديد, الخشب, الزجاج, البلاط, والسيراميك, وغيرها من المواد الأولية".
وترى أن "القطاع العقاري يحتاج إلى استعادة الثقة ليعود إلى الانتعاش, وهذا بدأ يتحقق مع انتخاب رئيس للجمهورية, كما يجب إيجاد تحفيزات وتسهيلات وقروض ميسرة لأصحاب الدخل المحدود, بالإضافة إلى إجراء إحصاء ودراسة ميدانية حول وضع العقارات, بحيث يتم بناء مبانٍ ذات جودة عالية تتوافر فيها معايير السلامة العامة, من الضروري أيضًا تسريع عمل الدوائر العقارية التي توقفت بشكل فعّال منذ ثلاث سنوات".
وتلفت الزهيري, إلى أن "عملية إعادة الإعمار ستؤثر أيضًا على انخفاض بدلات الإيجار, إذ نلاحظ سابقًا ارتفاع بدلات الإيجار بسبب الطلب المفرط نتيجة النزوح أو بسبب عجز بعض اللبنانيين عن شراء الشقق وتقسيطها نتيجة الوضع المصرفي وغياب قروض الإسكان".
وحول كيفية الاستفادة من الدعم العربي والدولي بعد انتخاب رئيس الجمهورية, تقول: "من المؤكد أن القطاع العقاري وإعادة الإعمار سيحظيان بدعم عربي ودولي بعد أن كان لبنان معزولًا, لكن تم فك هذا العزل بعد انتخاب رئيس الجمهورية, وفي مفهومنا لإعادة الإعمار, يجب إعادة الثقة بالقطاع المصرفي, تعزيز الاستقرار, وتوفير تحفيزات ميسرة للمواطنين من خلال القروض والإعفاءات الضريبية, كما يجب الإسراع في تنظيف العقارات من الردم والعوادم, وإعادة تدعيم وإعمار البنية التحتية لتسهيل عملية الانتعاش العقاري والاقتصادي, ولنبني الوطن من جديد, علينا التمسك بالاستقرار والثقة والشفافية, لأن هذه الأسس هي ما يبني اقتصادًا متينًا وإنتاجية أفضل".
وتضيف: "نحن في مرحلة نهوض وتفاؤل, مع تأكيدنا على أهمية توفير تحفيزات وقروض ميسرة لدعم وترميم الأبنية القديمة, وتحريرها من قيود الإيجارات القديمة, والحفاظ على التراث والهندسة المعمارية التاريخية للبنان, علينا أيضًا حماية السلامة العامة من أي انهيار لهذه الأبنية التي تضررت نتيجة الحرب أو العوامل الطبيعية أو بسبب قدمها وغياب الصيانة الدورية بسبب قوانين الإيجارات القديمة".
وتشدد الزهيري في الختام, على أن "باب الإصلاحات يبدأ بتطبيق القوانين واحترامها بشكل فعّال, حيث أن تنفيذ القوانين بشكل صارم هو الأساس لبناء بيئة قانونية شفافة ومستدامة, ومن خلال هذا التطبيق يمكننا تحقيق الاستدامة في القطاع العقاري الذي يعد ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والاجتماعي".