إتجهت الأنظار اليوم إلى عين التينة لرصد أي تقدم ممكن في موضوع تشكيل الحكومة, بعد المقاطعة المعلنة من قبل الثنائي الشيعي للاستشارات النيابية غير الملزمة, التي تُجرى لتشكيل الحكومة, وذلك بعد اعتباره أن هناك انقلاباً على التفاهمات التي سبقت الانتخابات الرئاسية والتي ركزت على أن يكون الرئيس نجيب ميقاتي هو الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة.
تزامناً, زار الرئيس الفرنسي لبنان في زيارة لافتة وواعدة تزامنت مع حدث اقليمي بالغ الاهمية تمثل بمصادقة الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة, على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والاعلان عن ان الإفراج عن الأسرى سيبدأ الأحد المقبل.
وعلى اهمية الحدثين لا بدّ من التوقف عند حدث ثالث يتمثل بما اعلنته وزارة الداخلية السورية عن ان الأمن العام في طرطوس أحبط عملية تهريب أسلحة وصواريخ إلى لبنان عبر معابر غير شرعية وصادرها, اذ كونها المرة الاولى منذ عقود تمنع سوريا تهريب السلاح الى لبنان في مؤشر الى عزم الادارة السورية الجديدة على ضبط الحدود ووقف تدفق السلاح والمسلحين.
وفي التفاصيل, بدأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارة رسمية للبنان لتهنئة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بانتخابه وعقد محادثات تتناول سبل دعم لبنان. واستقبله في مقر كبار الزوار في المطار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي, والسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو.ورافق ماكرون وفد يضم في عداده الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان.
ومن قصر بعبدا الذي وبعد اجتماع ثنائي مع الرئيس جوزاف عون كانت كلمتان للرئيسين. فقال الرئيس عون: السيد الرئيس, تأتون اليومَ لتهنئتنا. وأنتم تدركون أنّ التهنئة هي للبنان. ولكلِ لبناني. للذين صمدوا وناضلوا وتمسكوا بوطنِهم وأرضهم. للذين عادوا إلى بيوتهم المدمرة أمس, وهم يبتسمون للغد. وللذين رحلوا وعيونُهم علينا. أو سافروا, وأيديهم على حقيبةِ العودة, ينتظرون ... وننتظرُهم. قد يطولُ الكلامُ عما يحتاجُ إليه وطنُنا الآن. في السياسةِ والاقتصادِ والأمنِ وشتى المجالات. لكنني اليوم, بإسمِ شعبي, وباسمي شخصياً, أتمنى منكم السيدَ الرئيس أمراً واحداً فقط. أنْ تشهدوا للعالم كلِه, بأنّ ثقةَ اللبنانيين ببلدِهم ودولتِهم قد عادت. وأنّ ثقةَ العالمِ بلبنانَ يجب أن تعودَ كاملة. لأن لبنانَ الحقيقي الأصيل قد عاد. أما الباقي كلُه, فنحن وأنتم وأصدقاؤنا في العالم, قادرون عليه".
أكد ماكرون في كلمته أن فرنسا تقف الى جانب لبنان وتلتزم العمل معه, معتبرًا أن إنتخاب الرئيس أعاد الامل لهذا البلد. وتوجه لعون قائلا: " سوف ندعمكم وسندعم هدفكم بلبنان ذات السيادة وهذا شرط لحماية لبنان من الاعتداءات ولاستمرار وقف اطلاق النار مع اسرائيل الذي كان نجاحا دبلوماسيا", مضيفًا: " نتطلع لانسحاب كامل للجيش الاسرائيلي وأن يكون السلاح فقط في يد الجيش اللبناني, و سنعمل على تجنيد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في كل المجالات ويجب تعزيز عمل اليونيفيل للتتمكن مع انجاز مهمتها, سنستمر في تدريب الجنود اللبنانيين وننوه بتطبيق القرار 1701 وسنعمل معكم لترسيم الحدود على طول الخط الأزرق".
وبعد المؤتمر, عُقد إجتماع رباعيّ ضم إلى الرئيسين عون وماكرون رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. بعدها وقّع ماكرون على السجل الذهبي في قصر بعبدا, وانضم الجميع الى مأدبة الغداء.
وكان ماكرون وميقاتي قد عقدا اثر وصول الرئيس الفرنسي اجتماعا ثنائيا استمر قرابة ثلاثة ارباع الساعة, قال في نهايته الرئيس ماكرون للصحافيين : انا سعيد لوجودي في لبنان الذي دخل مرحلة جديدة, وعبّرت عن امتناني وتقديري للرئيس ميقاتي وللمهمة التي قام بها على مدى سنوات لخدمة الجميع في لبنان لاسيما خلال المرحلة الصعبة جدا بسبب الحرب الاخيرة. وجهت الى دولة الرئيس رسالة تقدير, وسأجتمع بعد قليل مع عضوي لجنة مراقبة وقف إطلاق النار, كما ساجتمع مع الرئيس عون ثم مع رئيس البرلمان والرئيس ميقاتي.
وقال الرئيس ميقاتي: كما تحدثنا عن التحديات الراهنة, وكان الرئيس ماكرون متفهما جدا للاوضاع اللبنانية, واعدا بمتابعة العمل والدعم للحكومة الجديدة.
وردا على سؤال عن النية الفرنسية بتأمين الدعم للبنان قال: الرئيس ماكرون وعد بمتابعة هذا الموضوع من خلال عقد اجتماع على غرار الاجتماع الذي حصل في تشرين الفائت في باريس لدعم الجيش واغاثة النازحين.
ثم انتقل ماكرون إلى مقر السفارة الفرنسية في المتحف حيث وضع إكليلاً من الزهر على ضريح الجندي المجهول.
بعدها جال في منطقة الجميزة في بيروت يرافقه محافظ بيروت مروان عبود والتقى فاعليات المنطقة واستمع إلى آرائهم, ثم جمعه لقاء مع الشباب المتطوعين في الصليب الأحمر وزار مدرسة "الأقمار الثلاثة". كما تفقد بعض الصور للمباني البيروتية التاريخية, قبل ان ينتقل الى قصر بعبدا.
ليس بعيدا, وجه الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي وصل اليوم ووفد مرافق إلى المقر العام لليونيفيل في الناقورة كلمة الى قائدها العام الجنرال ارلدو لاثارو وقيادة البعثة, قال فيها: "أود أن أعلمكم أن قرار بقاء قوات اليونيفيل في مواقعها تم اتخاذه بعد دراسة معمقة لسلامتكم وأمنكم. لقد كنت واضحا تماما إنّ جميع الأطراف لديها التزام بضمان سلامة موظفينا. يجب احترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات", ورأى أن "الهجمات ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة غير مقبولة على الإطلاق.
كما عقد رئيس لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية - الفرنسية النائب سيمون أبي رميا لقاء في مجلس النواب مع الوفد النيابي الفرنسي المرافق للرئيس إيمانويل ماكرون, والذي يضم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية النائب برونو فوش والنائبة عن الدائرة العاشرة ممثلة الفرنسيين في بلدان الاغتراب ومن ضمنها لبنان أميليا لاكرافي ومنسق ملف لبنان في البرلمان الأوروبي النائب كريستوف غرادلر.
على الخط الحكومي الداخلي, إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة القاضي نواف سلام, حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية ونتائج الإستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس سلام على مدى يومين في مجلس النواب, اللقاء الذي إستمر لساعة إكتفى بعده الرئيس نبيه بري بالقول: اللقاء كان واعداً.
بدوره قال سلام: في الحقيقة لا أريد أن أقول أكثرية بل كان هناك إجماع من جميع الكتل ومن النواب الذين التقيتهم على ضرورة النهوض سريعاً بالبلد والعمل على الإنقاذ الذي أنا سأتعهد بالعمل 24 ساعة على 24 و7 أيام على 7 أيام, وشعوري من جميع الكتل و النواب المستقلين إستعدادهم للتعاون الإيجابي, ولفت "سنعود للقاء غداً وبعد الغد كل ذلك بعد إجتماعي مع فخامة الرئيس وبعد أن أكون قد وضعته بالأجواء وتفاهمنا على الخطوط ولدي تصوّر أولي سأعرضه على فخامة الرئيس" .
ومساءاً, سلام الرئيس عون وماكرون في قصر بعبدا حيث اشار الى انه سيعمل 24 على 24 ساعة لإنجاز الحكومة والانطلاق بورشة العمل الإنقاذية المطلوبة والأجواء أكثر من إيجابيّة, وأضاف انه أصرّ على ماكرون أن يحصل الانسحاب الإسرائيلي فوراً وأن لا يتأخر ولا ساعة وإلا فإنّ هذا يُهدّد استقرار البلد وان على كلّ المجتمع الدولي أن يضغط في هذا الاتّجاه.