في وطني, يتبدّى حجم الحقد السياسي كأنه بلا حدود , وتُختزل الحياة اليومية في جدالات وصراعات تُفسد حتى أبسط تفاصيل العيش . هنا تصبح الكتابة ضرورة أكثر منها اختيارًا ! لذا أستمر في الكتابة لأن الحياة باتت مملة في ظل هذه الفوضى الإعلامية لأنني أنزعج من كثرة الكلام المبتذل ومن سوء الفهم العالق في المحطات الاعلامية والمواقع الالكترونية وصفحات ما تبقى من صحافة مكتوبة . أكتب لأن الكتابة تطرد الأفكار السلبية وتمنحني فسحة صغيرة للهروب من هذا القرف السياسي الذي يستهلك طاقة المواطن الذي يطوق الى الحياة لا الى الموت , الى العز لا الى الذل !
لكن, أرجوكم ألا تفهموني خطأ . فالكتابة ليست مجرد هروب . هي عدسة أقف بها على حدود الواقع , أقلب زواياه وأعيد ترتيب فوضاه . فكيف لوطنٍ صغير بحجم مدينة أوروبية أن يحمل كل هذا الحقد؟ كيف لكل هذه الأصوات المتضاربة أن تصدح دون أن تجد مسارًا مشتركًا؟ الكتابة هنا تصبح أداة لطرح الأسئلة الصعبة, ولتحدي منظومة الكلام المكرّر الذي يدور حول نفسه بلا جدوى ! إنها فعل مواجهة, ليست فقط مع الواقع, بل مع ذواتنا التي قد تتورط من حيث لا تدري في دوامة هذا العبث .
نعم, سأستمر في الكتابة عن لبنان رفضاً للاستسلام للصورة القاتمة . الكتابة ليست مجرد كلمات تُسطّر على الورق بل هي فعل مقاومة للحقد بالكلمة, ولسوء الفهم بالفكرة, وللجمود بالحركة . إنها محاولتي البسيطة لرسم ملامح أمل وسط ظلال ثقيلة , ولإيجاد صوت مختلف وسط ضجيج بلا معنى . أكتب لأقول إن الكلمة قد تكون البداية , وإن في لبنان رغم صغر مساحته, ما يكفي من الحكايات الكبرى التي تستحق أن تُروى بعيدًا عن الحقد وبعيدًا عن الصخب. وهنا دعوتي لكم أصدقائي للتكاتف والاستعداد لاستقبال قائد عظيم سطر بطولات في تاريخه العسكري وهو ينتقل من قيادة الجيش الى قيادة الوطن للوصول به الى بر الامان والسلام والبحبوحة .
نقولا أبو فيصل ✍️