نشأت الأرثوذكسية في كنف الإمبراطورية الرومانية البيزنطية مما جعلها حاملة لإرثها , خاصة بعد أن تبنت هذه الإمبراطورية الديانة المسيحية كدين رسمي لها في القرن الرابع الميلادي , حيث أصبحت الكنيسة مركزًا للحياة الثقافية والسياسية, وازدهرت فيها العقائد الأرثوذكسية والطقوس الدينية والفنون. ومع سقوط القسطنطينية في العام 1453 انتهت الإمبراطورية البيزنطية , لكن الكنيسة الأرثوذكسية استمرت كحاضنة للإرث الثقافي والديني, وأصبحت قوة روحية تجمع شعوبًا متنوعة, مثل اليونانيين, السلافيين, والعرب. واستمر الإرث وتجاوزت الأرثوذكسية حدودها لتصبح كنيسة عالمية.
الأرثوذكس , اليوم ليسوا بقايا عرقية !! كما يمازحني احد الجهلاء في التاريخ , بل أنهم حاملو إرث الامبراطورية الرومانية الثقافي والديني, وقد حافظوا على طقوسها وعقائدها في المشرق العربي, وتحديدًا في لبنان, وقد لعب الأرثوذكس ولا يزالون دوراً محورياً في الدين والثقافة والفكر عبر شخصيات بارزة, منهم : غريغوريوس حداد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق, المعروف بـ"بطريرك الفقراء" لدعمه المحتاجين دون تمييز والمتروبوليت جورج خضر: المفكر واللاهوتي المعاصر الذي كتب في الفلسفة وعزز الفكر الأرثوذكسي بالعربية . كذلك شارل مالك: الدبلوماسي اللبناني الذي شارك في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , وفارس الخوري: رئيس وزراء سوريا ورمز للوحدة الوطنية وغسان تويني الصحافي والدبلوماسي اللبناني البارز.
كما أسس الأرثوذكس اللبنانيون مؤسسات تعليمية واستشفائية مثل جامعة البلمند ومستشفى القديس جاورجيوس الجامعي في بيروت , وأسهموا في النهضة العربية من خلال الصحافة والأدب, مثل بطرس البستاني, مما جعلهم جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية في المشرق العربي وخاصة في سوريا الحرة . من هنا نشد على ايدي ابينا صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر واخوته البطاركة بعد عظة اليوم الاول لسنة 2025 الذي مد يده للادارة الجديدة لسوريا الحرة لحفظ تاريخ وحاضر ومستقبل طوائفها , وصلواتنا مع اخوتنا المسيحيين في دمشق وحوران وصيدنايا ومعلولا والمعرة وحمص وحماه وحلب وصولاً الى اخر بقعة من ارض انطاكيا ليجعل الله خواتم هذه المرحلة سعيدة .
بقلم نقولا أبو فيصل كاتب وباحث وعضو اتّحاد الكتاب اللبنانيين