صدر عن الأمانة العامّة للرهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة, البيان الآتي, بشأن قضيّة الأبوَين الأنطونيَّين المفقودَين ألبير شرفان وسليمان أبي خليل:
"أَلمجدُ للهِ في العُلَى, وعَلى الأَرْضِ السَّلام, والرَّجَاءُ الصَّالِحُ لِبَني البَشَر"
في ولادة طفل بيت لحم بشّرت الملائكة المعتادة تمجيد الله في العلى بحلول السلام في الأرض وبرجاءٍ أكيدٍ لبني البشر. فبحلوله المتواضع بيننا زكّى الطفل المخلّص الرجاء في قلوب "بني البشر" القابعين في ظلمة اليأس والقنوط. وفي هذا الزمن بالذات يتسلّل الأمل إلى قلوبنا وقلوب ذوي المفقودين والمخفيين قسراً في لبنان.
فقضيّتنا وطنيّة بامتياز, تطال شريحة واسعة من إخوتنا في الوطن على اختلاف مشاربهم, ومذاهبهم, وطوائفهم. عانى من آثارها وعذاباتها, العديد من الأُسر اللبنانية وأدمت قلوب أمّهات وزوجات وأبناء كثر, رحل بعضهم حاملاً معه الحسرة والفقد إلى دنيا الخلود. ورهبانيّتنا الأنطونيّة التي بليت باختفاء الأبوين ألبير شرفان وسليمان أبي خليل من عقر ديرهما, يجمعها بهذه الأسر, علاوةً على مشاعر القهر والظلم, حق المعرفة وتقفّي آثار مفقودينا وبيان مصائرهم وإحقاق العدالة.
وفي ضوء المتغيّرات الأمنيّة والسياسيّة في سوريا التي يمكن أن تشكل عاملاً جوهرياً ومهماً في عملية تعزيز وتوثيق المعلومات بشأنهم, والمساعدة في تقفّي آثارهم, وتحديد مصيرهم,
نناشد السلطات الرسمية اللبنانية, من سياسية, وقضائية, وأمنية, إتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية والإدارية اللازمة, بالتعاون الكامل مع السلطات السورية الجديدة, من أجل جمع المعلومات وإتخاذ الخطوات العملية اللازمة لتقفي آثار كل المفقودين والمخفيين قسراً, ومن بينهم أخوانا الأبوان ألبير شرفان وسليمان أبي خليل. ونحثّ الجهات الرسميّة على تحمّل مسؤولياتها كاملة في هذا الملف وإيلائه الاهتمام الذي يستحق نظراً لتبعاته الإنسانيّة المؤلمة فلا تتحوّل أخبار المحرّرين من السجون وشهادات ذوي المخفيين المؤثّرة إلى مادة إعلاميّة تعيد نكء الجراح وحسب, وإنما يتلقّفها المسؤولون فرصةً للقيام بواجبهم والعمل على تضميد الجراح ببلسم الحقيقة الشافي. فلا بدّ لهم من التعاطي بحرفيّة مع هذه المسألة بالكشف على السجون والإطلاع على بياناتها, وتوثيق الشهادات, وتحديد أماكن الدفن والمقابر الجماعية, وإتباع المعايير القانونيّة والعلميّة, والإستعانة بالخبرة الدوليّة في الأدلّة الجنائيّة توصّلاً لتحديد مصائر وهويات المفقودين والمخفيين قسراً, وإحقاق العدالة والحق.
وإننا نعاهد من يشاركونا هذا المصاب, من ذوي أبوينا وأقاربهما وأهل كل المفقودين, أننا لن نألو جهداً في سبيل متابعة هذا الملف مع المعنيّين لكي نطوي هذه الصفحة الأليمة من تاريخنا ونتطلع إلى مستقبل سلام وأمان وازدهار.
عسى هذا العيد أن يكون فاتحةً لبشائر عتيدة تعيد من غاب قسراً لمحبّيه وتريح من انتقل إلى عالم الخلود في مثوىً أخير وتعزي قلوب مفتقديه.