"وجعٌ. مرضٌ. ظلمٌ. ألمٌ. حنيٌن, واشتياق". هكذا لخّص سهيل حموي, السجين اللبناني معاناة أكثر من ثلاثة عقود في زنزانات نظام بشار الأسد.
ويقول حموي: "كنت شابّا عندما اعتقلت, والآن عمري 61 سنة".
وتابع كاشفاً السرّ وراء صبره كل تلك السنين: "كنت إذا اشتقت لأحد, أغمضت عيناي لأراه, وإذا جعت أكذب على نفسي وأقول إنني أكلت, كل شيء كان له دواء إلا الحرية".
عندما اعتُقل قبل ثلاثة عقود, لم يكن يعرف حتى تهمته, بينما أمضى عدة أيام في ما أسماه بـ"الفرع", حيث يتم استنطاق السجناء "تحت الأرض".
وبعد 20 عاما من الاعتقال, قال "اتُهِمتُ بالتعاون مع القوات اللبنانية".
وأمضى حموي 5 أعوام في "فرع فلسطين", المعروف أيضا باسم "فرع 235″, وهو أحد السجون التي تديرها المخابرات السورية.
بعدها نقل إلى سجن تدمر, ثم إلى صيدنايا, حيث بقي نحو 14 سنة هناك, 1997-2011, ثم نُقل إلى سجن عدرا, ليمكث فيه بين عامي 2011-2015, قبل أن يُنقل إلى سجن اللاذقية حتى "تحريره".
ويقول واصفا تلك السنوات: "كان أكثر اشتياقي لأمي وإخوتي".
قبل أيامٍ من تحريره, كان حموي والسجناء قد سمعوا بتحرّك المعارضة التدريجي نحو كافة المحافظات السورية.
وفتح والسجناء معه أبواب السجن بأياديهم. اتخذوا هذا القرار بعد هروب موظفي السجن وحراسه.
ويقول: "في تلك اللحظة, لم أحسّ بأي شيء. كنت ضائعا. كنت في مكان لا أعرفه, ولا أعرف أحدا فيه".
بوعد تحرره, احتار في اختيار وجهته وقال: "لم أكن أعرف إن كان علي أن أذهب يمينا أو شمالا".
بعدها, رافق أحد السجناء السوريين إلى بيته, حيث أقام في انتظار عودته إلى لبنان.
وفي وصفه ليوم لقاء عائلته قال: "لم أعرفهم, لكنهم عرفوني. كنت أرى حلمي ينتظرني. كِدت أقفز فوق خندق حتى أصل إليهم, كانوا هناك. زوجتي وأصدقائي. كل أولئك الذين كنت أتحسس أرواحهم معي في الزنزانة".