يبدو أن هذه المنطقة محكومة عليها بسفك الدماء, فما أن وقف إطلاق النار في لبنان حتى بدأت بوادر حرب داخلية في سوريا, حيث أعلن الجيش السوري في بيان رسمي اليوم عن مواصلته "التصدي" للهجوم الذي شنته "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة حليفة لها, والتي وصلت إلى مشارف مدينة حلب بعد يومين من الهجوم المباغت الذي أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى من الطرفين.
وأوضح الجيش في بيانه أن قواته على جبهات ريفي حلب وإدلب تواصل التصدي "للهجوم الكبير" الذي تشنه "التنظيمات الإرهابية", مشيراً إلى أنه تم "استعادة السيطرة على بعض النقاط التي شهدت خروقات خلال الساعات الماضية".
أما في لبنان وفي أول إطلالة له بعد إعلان وقف إطلاق النار في لبنان, ألقى الأمين العام لحزب الله, الشيخ نعيم قاسم, كلمة تناولت التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد خلال الحرب مع إسرائيل, حيث أكد على صمود المقاومة وقدرتها على إفشال أهداف العدوان, واستهل الشيخ قاسم كلمته قائلاً: "صبرتم وجاهدتم, وأبناؤكم قاتلوا في الوديان وعلى الجبهات. كررنا مراراً أننا لا نريد الحرب, ولكننا جاهزون لها إذا فرضها العدو", كما أوضح أن إسناد المقاومة لقطاع غزة في تشرين الأول 2023 كان مسؤولية وطنية في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وايضاً, أكد قاسم أننا "سنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرة لبنان الدفاعية وستكون المقاومة جاهزة لمنع العدو من استضعاف لبنان بالتعاون مع الجيش اللبناني وسيكون حضورنا في الحياة السياسية الاقتصادية فاعلا ومؤثرا فالرهانات على اضغاف الحزب فشلت". وشدد قاسم, على استكمال عقد المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية بالموعد المحدد في 9 كانون الثاني. وتابع: "بدل تهجير 70 ألف من سكان شمال إسرائيل كما خطط العدو, أجبر صمود المقاومة مئات الآلاف منهم على النزوح, فيما خسر الجيش الإسرائيلي عدداً كبيراً من جنوده وعتاده العسكري". كما أشار إلى أن "إسرائيل اختارت التدمير نتيجة انسداد الأفق العسكري لديها, لكنها فشلت في تحقيق أهدافها".
وأشاد قاسم بالخطط التي وضعها السيد حسن نصر الله قبل الحرب, قائلاً إنها أثبتت فعاليتها في مواجهة العدو وأخذت بعين الاعتبار كل السيناريوهات المحتملة. كما نوّه بوحدة اللبنانيين التي فوّتت على إسرائيل فرصة تحقيق أهدافها عبر إشعال الفتنة الداخلية.وختم قاسم قائلاً: "إسرائيل راهنت على كسر إرادة المقاومة, لكنها خرجت من هذه الحرب خاسرة ومهزومة. النصر الذي تحقق.
وفي تعليق على خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بعد إعلان وقف إطلاق النار في لبنان, نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي, أفيخاي أدرعي, تغريدة عبر منصته على "إكس", انتقد فيها تصريحات قاسم واعتبرها "محاولة لتجميل الهزيمة" التي تكبدها الحزب خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل. وقال أدرعي: "نعيم قاسم 2024: لم نكن نريد الحرب. حسن نصر الله 2006: لو كنت أعلم". شعارات واهية وانتصارات مزعومة, والنتيجة واحدة: هزيمة".
ميدانيا, منذ ساعات الصباح رصدت خروقات إسرائيلية تعدت حدود اطلاق النار والقذائف, الى جرائم بيئية مع جرف واقتلاع أشجار الزيتون قرب منطقة العبارة قبالة الجدار في بلدة كفركلا حيث هدموا ملعب البلدة, تزامنا ًمع قصف مدفعي إسرائيلي استهدف اطراف بلدتي مركبا وطلوسة منذ بعض الوقت. وكان الجيش الإسرائيلي أطلق النار على مواطنين في بلدة الخيام, خلال تشييع أحد أبنائها, فيما سقطت قذائف مدفعية إسرائيلية على البلدة. وقام جنود الجيش الإسرائيلي بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة في مارون الراس.وفي قرى قضاءي صور وبنت جبيل يعيش السكان حالاً من الحذر والترقب, بعدما مُنعوا من دخول القرى المتاخمة للحدود بعمق ثلاثة كيلومترات ويقدر عدد هذه القرى بعشرين قرية تضاف اليها مدينة بنت جبيل. وكان الجيش الإسرائيلي وجّه تهديداً إلى سكان عدد من القرى في الجنوب , مشيرا الى انه "حتى إشعار آخر يحظر عليكم الانتقال جنوبًا إلى خط القرى التالية ومحيطها: شبعا, الهبارية, مرجعيون, أرنون, يحمر, القنطرة, شقرا, برعشيت, ياطر, المنصوري". كما دعا الجيش الإسرائيلي سكان أكثر من 60 قرية بعدم عودة سكانها إلى بيوتهم.
ونقلت وسائل اعلام إسرائيلية أنّ نسبة احتمال إستئناف الحرب على لبنان تصل لخمسين بالمئة. وكشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية, أن السبب الذي منع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة النازحين من شمال إسرائيل للعودة إلى بيوتهم, هو وجود مخاوف كبيرة من احتمال استئناف الحرب ضد حزب الله.
كما استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة اليوم رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي Major Gen. Jasper Jeffers, وتناول البحث الأوضاع العامة وآلية التنسيق بين الأطراف المعنية في الجنوب.
على الضفة الرئاسية, أكد المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان, في ختام زيارته إلى بيروت, الحاجة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة التي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقدها.وقال لودريان في حديث لوكالة "فرانس برس" : "جئت إلى لبنان فور إعلان وقف إطلاق النار لإبداء دعم فرنسا لتطبيقه بالكامل ولتأكيد الضرورة الملحة لانتخاب رئيس للجمهورية واستئناف العملية المؤسساتية". وأعرب عن "ارتياحه" لإعلان بري الخميس عقد جلسة لانتخاب رئيس في 9 كانون الثاني المقبل.
وفي السياق, رحِّب الاتحاد الأوروبي بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وأشاد بجهود الوساطة التي بذلتها فرنسا والولايات المتحدة والتي سمحت بالتوصل إليه.وقال "إنّه إنجاز كبير, وقد دعا إليه الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مراراً وتكراراً طوال هذه السنة.ومن الأهمية بمكان الآن أن يستمر وقف إطلاق النار كما تم الاتفاق عليه, لضمان سلامة الأشخاص في كل من لبنان وإسرائيل, والسماح للنازحين داخلياً على جانبي الحدود بالعودة إلى بيوتهم.ويتطلب هذا في المقام الأول الالتزام من الجانبين, إذ يجب احترام سيادة كل من لبنان وإسرائيل بصورة كاملة ويجب وقف جميع الهجمات عبر الحدود. ويدعو الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف الإقليمية والدولية إلى الانخراط في دعم وقف إطلاق النار حتى يتحول إلى مساهمة دائمة في السلام والاستقرار الإقليميين".واضاف "إنَّ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء ملتزمون بحشد مجموعة واسعة من أدوات الاتحاد الأوروبي, بما في ذلك آلية السلام الأوروبية, لدعم الجيش اللبناني واليونيفيل حتى يكون في الإمكان تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 بشكل فعّال وكامل على الأرض. وسيواصل الاتحاد الأوروبي كذلك تقديم مساعداته الإنسانية والمشاركة في التعافي المبكر وإعادة الإعمار بعد النزاع, بهدف دعم الشعب اللبناني المتضرر من النزاع, بما في ذلك الأعداد الكبيرة من النازحين داخلياً. والاتحاد الأوروبي عازم بشكل خاص على دعم سيادة الدولة اللبنانية وجهود بناء الدولة. وختم: لدى القادة السياسيين اللبنانيين الفرصة – والمسؤولية الهائلة – لوضع خلافاتهم جانباً بسرعة وإيجاد وسيلة للخروج من المأزق السياسي والاقتصادي الذي طال أمده, حتى يتشاطر جميع اللبنانيين المستقبل الوطني نفسه كجزء من مصير لبناني مشترك وسلمي ومزدهر. وعليهم الآن المضي قدماً في انتخاب سريع لرئيس للجمهورية, بعد عامين من الشغور, للبدء في إعادة بناء دولة لبنانية قوية وذات سيادة".
بدوره, شدّد وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس, على دعم الجيش اللبناني مشيرًا إلى أنه ركيزة للاستقرار الداخلي وعلى تطبيق القرار 1701 بشكل كامل. وأكد أن بلاده لا تبيع أسلحة لإسرائيل, معتبرا أن الشرق الأوسط لا يحتاج إلى أسلحة بل إلى السلام. وقال: "لا نسمح للسفن التي تحمل أسلحة متجهة إلى إسرائيل بالرسو في موانئنا".
ليس بعيداً, أكّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنّ "حزب الله ارتكب جريمة كبيرة بحق اللبنانيين عمومًا, وبحق سكان البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية خصوصًا. فقد كنّا بغنى عن مقتل أكثر من 4000 لبناني, وعن تهجير من تهجّر, وتدمير ما تدمّر. ورغم كل هذه الكوارث, لا يزال نواب حزب الله يتحدثون عن "انتصار" بمنطق عجيب غريب لا يمتّ إلى الواقع بصلة", مشدّداً على أنّ "الحرب الأخيرة كانت خدمة لقضية أخرى على حساب لبنان. فمن كلّف حزب الله بإعلان حرب الإسناد؟ الغالبية الساحقة من اللبنانيين كانت ترفض هذه الحرب ولم تكن موافقة على جعل لبنان منصة لصراعات الآخرين".كما أشار إلى "أنّنا بالأساس لا نعتبر أن سلاح حزب الله شرعي. والقرار الذي وافق عليه الحزب بنفسه لوقف إطلاق النار يشكّل أكبر دليل على عدم شرعية هذا السلاح", مؤكّداً أن "لا وجود لمعادلة "جيش شعب مقاومة" بحسب الاتفاق الموقع لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل, بالنسختين العربية والإنكليزية. و"عم بجربوا يزعبرو من كل الجهات كأنو مش ميت حدا", في محاولة لتغيير الواقع, لكن الحقيقة واضحة ولا يمكن التلاعب بها", لافتاً إلى أنّ "حزب الله وافق على قرار وقف إطلاق النار وعليه أن يكون صادقًا مع نفسه ويفي بالتزاماته. يجب أن يتم تنفيذ القرار من خلال الجلوس مع قيادة الجيش اللبناني وبدء عملية تفكيك البنى التحتية العسكرية على الأراضي اللبنانية كافة, كما ينص الاتفاق".وقال: "ولّى زمن عدم تنفيذ الاتفاقات والتعهدات. الحكومة ومجلس النواب, كما حزب الله, يجب أن يقفوا أمام مسؤولياتهم ويعملوا على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بما يخدم مصلحة لبنان ويؤمن استقراره. ووفق الاتفاق, السلاح يجب أن يبقى في يد الجيش اللبناني والقوى الأمنية فقط". وتابع: "أوعى حدا يفكر إنو ممكن نرجع لمرحلة ما قبل 7 تشرين الأول 2023. مستحيل نعود إلى ما كنّا عليه سابقًا. وإذا ما بدكن دولة, قولو لنعرف حالنا شو بدنا نعمل. لبنان لا يمكن أن يبقى على هذا الحال من دون وضوح أو مسؤولية من الجميع".
في مجال مواقف الدعم للبنان, استقبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب سفير دولة قطر , الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني, الذي أبلغه عن ترحيب قطر بوقف إطلاق النار, ونية بلاده بمؤازرة لبنان في عملية إعادة الإعمار خلال هذه الفترة الحرجة والدقيقة من تاريخه.في المقابل, شكر بوحبيب دولة قطر لوقوفها الى جانب الشعب اللبناني مثنيا على المساعدات القطرية التي بلغت أكثر من ٢٢٤٠ طناً من المساعدات الانسانية والطبية وخلافه, حملتها ٢٠ طائرة مساعدات قطرية وفقا للائحة الاحتياجات اللبنانية المستلمة من السلطات اللبنانية المختصة, كما وأبدى بوحبيب امتنانه لكل ما تقدمه قطر من رعاية ومساعدة في عميلة إستشفاء حالات حرجة ومكلفة لأطفال لبنانيين يحتاجون الى عناية طبية خاصة.
وفي اطار عودة الحياة الى مسارها شبه الطبيعي اثر الهدنة , رحب بوحبيب بقرار شركة الطيران القطرية بإستئناف رحلاتها إلى لبنان إبتداءاً من ٩ كانون الأول القادم. وبحث مع إلتقى القائم بالأعمال التركي الجديد, السفير مراد لوتيم, في إمكانية أن تستأنف الخطوط الجوية التركية تسيير رحلاتها إلى بيروت, حيث وعده خيرا في القريب العاجل.
جلسة وزارية: من جهة ثانية, أعلنت رئاسة مجلس الوزراء, أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث في 48 بندا مدرجا على جدول الاعمال.