يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديات قانونية داخلية ودولية, حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس مذكرتي اعتقال بحقه ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب المستمرة في غزة منذ أكثر من عام.
هذا التطور جاء قبل أقل من أسبوعين من موعد إدلاء نتنياهو بأقواله في محاكمته المحلية بتهم الفساد التي لاحقته لسنوات. وفي حال إدانته, قد تنتهي مسيرته السياسية. ويؤكد نتنياهو براءته من جميع الاتهامات, سواء المتعلقة بالرشوة أو الجرائم الدولية.
اعلان
ورغم الاستقطاب حول محاكمته المحلية, حظي نتنياهو بدعم داخلي واسع بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية, ما منحه دفعة سياسية في ظل أوضاعه الصعبة. وندد نتنياهو بالقرار ووصفه بأنه "معادٍ للسامية", نافياً الاتهامات التي تتعلق باستهداف المدنيين أو تجويعهم عمداً.
قال يوناتان فريمان, خبير العلاقات الدولية بالجامعة العبرية في القدس, إن الإسرائيليين يميلون إلى الالتفاف حول قيادتهم عند الشعور بعزلة دولية, مما يفسر الدعم الداخلي الكبير الذي تلقاه نتنياهو بعد صدور مذكرتي الاعتقال. وأشار إلى أن هذه الخطوة قد تُصعّب التوصل إلى اتفاقات وقف إطلاق النار مع حزب الله أو المفاوضات بشأن الأسرى المحتجزين لدى حماس.
وفي هذا السياق, قال القنصل العام الإسرائيلي في نيويورك عوفر أكونيس إن القرار "أضر بشدة بفرص التوصل إلى اتفاق مع لبنان والمفاوضات بشأن الأسرى", مشيراً إلى أن المنظمات الفلسطينية واللبنانية قد تتشجع في مطالبها بفضل دعم المحكمة الجنائية الدولية.
تسلّط مذكرتا الاعتقال الضوء على الفجوة بين الرؤية الإسرائيلية للحرب والنظرة الدولية. ويرى مايكل أورين, السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن, أن القرار قد يدفع إسرائيل لاستخدام "أقصى قوتها" في ضرب غزة ولبنان, معتبرًا أن "التنديد الدولي يدفع الإسرائيليين للتصرف بعزم أكبر".
ورغم الدعم الداخلي المتزايد عقب قرار المحكمة, لا يزال نتنياهو يواجه قضايا الفساد التي بدأت محاكمتها في عام 2020. ومن المقرر أن يدلي بشهادته الشهر المقبل بعد تأجيلات عديدة. ويرى منتقدوه أن تمديد الحرب في غزة كان جزءًا من محاولاته لتأجيل محاكمته والبقاء في السلطة.
تعرضت حكومة نتنياهو لانتقادات واسعة بعد الهجوم الذي شنّته حماس في تشرين الأول 2023, والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص في إسرائيل. وردّ الجيش الإسرائيلي بحملة عسكرية شديدة أدت إلى مقتل أكثر من 44 ألف شخص في غزة ونزوح سكانها بالكامل على الأقل مرة واحدة, ما تسبب في كارثة إنسانية ضخمة.
ورفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول سلوك الجيش الإسرائيلي, كما نصحت المدعية العامة الإسرائيلية, مفضلاً تشكيل لجنة من السياسيين فقط. وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن هذا الرفض كان سببًا رئيسيًا في تحرك المحكمة الجنائية الدولية.
يضع قرار المحكمة الجنائية الدولية نتنياهو في خطر الاعتقال إذا سافر إلى أي من الدول الموقعة على ميثاق روما البالغ عددها 124 دولة. ويُتوقع أن يجد الأمان فقط في الولايات المتحدة, التي ليست عضوًا في المحكمة. وأعرب المرشح الأميركي لمنصب مستشار الأمن القومي, مايك والتس, عن نيته اتخاذ موقف صارم ضد المحكمة الجنائية الدولية في حال فوز دونالد ترامب بالرئاسة.
ورغم محاولات إسرائيل حشد الدعم من العواصم الغربية, بما في ذلك وعود من المجر بعدم الالتزام بمذكرات الاعتقال, يرى محللون أن الاتهامات ستزيد من عزلة إسرائيل دوليًا.
(العربية)