يُعلق لبنان آمال كبيرة على القمة العربية الاسلامية حول غزة ولبنان في الحصول على دعم سياسي وعلى مساعدات تمكنه من الصمود في وجه آلة الحرب الاسرائيلية, فلقد استقطبت هذه القمة الاهتمامات لما تضمنت شكلا ومضمونا من دعم للقطاع ودولة لبنان المنكوبة وتأكيد عدم تنعم إسرائيل وكل دول المنطقة بالأمن والسلام ما لم ينعم به الشعب الفلسطيني, في عودة الى التمسك العربي بحل الدولتين كشرط اساسي لأي حل.
فكان لبنان الحاضر الابرز في القمة التي كانت يرأسها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي أكد "رفض بلاده انتهاك سيادة لبنان ورفض الهجمات على الأراضي الإيرانية". وقال ان "القمة تنعقد في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين والمملكة تجدد رفضها القاطع للاعتداءات في غزة ونرفض انتقاص دور السلطة الفلسطينية وترفض إعاقة عمل الوكالات الإنسانية في غزة". وطالب ولي العهد السعوديّ " بإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ غير المشروع في فلسطين ونطالب بتنفيذ حلّ الدولتين".
وتزامناً مع القمة شهدنا اليوم تدفقاً لمعلومات اسرائيلية عن تقدم في المحادثات الهادفة الى وقف إطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله ومواقف المسؤولين الاسرائيليين في الاتجاه هذا, وسط ترقب لما ستكشفه الايام المقبلة بين ما اذا كانت اسرائيل جدية في طروحاتها هذه ام انها مجرد مناورة ممجوجة.
وقبيل القمة بدا لافتا موقف اعلنه النائب الاول للرئيس الايراني محمد رضا عارف , قبل مغادرته صباحا , متوجها الى الرياض للمشاركة في الاجتماع الطارىء لمنظمة التعاون الاسلامي والجامعة العربية, اذ اكد " أن هذا الاجتماع يعقد باقتراح من إيران وبمتابعة من وزير خارجيتها عباس عراقجي وان هدفه إنهاء الحرب وسفك الدماء في لبنان وفلسطين". ذلك ان مجمل الدول العربية على قناعة ويقين ان ما اصاب ويصيب لبنان منذ نحو خمسين يوما سببه الجمهورية الاسلامية وأوامرها الموجهة الى ذراعها حزب الله اولا بفتح جبهة الاسناد في 8 تشرين الاول 2023 وثانيا بالاستمرار في مواجهة اسرائيل على رغم تدميرها نصف لبنان وقتل الالاف من شعبه وتهجير الباقين , وان قول عارف ان هدف ايران وقف الحرب في لبنان مجرد مزحة ثقيلة لان الحرب تتوقف لحظة اصدار امرها للحزب بانهاء القتال.
وفي كلمته قال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي: باسم جميع اللبنانيين انتهز هذه المناسبة لاوجه كلمة شكر وامتنان لكل الدول التي دعمت لبنان وتدعمه باستمرار, مثنيا على الروابط التي تشُدُّكم دوما إلى لبنان وتشدنا دوما اليكم. ونحن في صدد إنشاء صندوق تمويلي يتغذى من اسهامات الدول الشقيقة والصديقة باشراف ادارة اممية على أن يكون الانفاق لاعادة الاعمار, خاضعا للتدقيق الدولي الموثوق. ويبقى الاساس هو وقف العدوان المستمر على لبنان فورا واعلان وقفٍ اطلاقِ النار, وإرساءِ دعائمِ الاستقرارِ المستدامِ, مع تأكيد التزام الحكومةً اللبنانية الثابت والراسخ بالقرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته وتعزيز انتشار الجيش في الجنوب وبالتعاون الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام, والعمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الحدود المعترف بها دوليا. واليومَ نُجَدِّدُ نداءَنا إلى أصدقائِنا من الدولِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ, وإلى المجتمعِ الدوليِّ بأسرهِ, للدفعِ معنا في الوصولِ إلى وقفٍ فوريٍّ لإطلاقِ النارِ وبدءِ تنفيذِ هذا القرارِ كمدخلٍ لاستقرار دائمٍ".
بدوره, اكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط امام القمة العربية الاسلامية ان "تغييب القانون الدولي شجع القيادة الإسرائيلية على تنفيذ مخططات عبثية ومجنونة".
وقال:"ان إتساع دائرة النار من غزة إلى لبنان عرض مستقبل المنطقة لخطر بالغ".
واشار الى ان "المطلوب هو بدء مسار يفضي إلى حل الدولتين". وشدد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني امام القمة العربية الاسلامية على وجوب ان "تتوقف الحروب الإسرائيلية فوراً لإنهاء الدمار ولمنع دفع المنطقة نحو حرب شاملة". وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي امام القمة العربية الاسلامية على "ضرورة وقف اطلاق النار في لبنان وفقا للقرار الأممي 1701". واكد التزام بلاده" تقديم العون الكامل للبنان وجيشه".
وكان ميقاتي عقد سلسلة اجتماعات في الرياض, قبيل عقد القمة العربية الاسلامية بعد الظهر. وفي خلال هذه اللقاءات, شدد رئيس الحكومة "على اولوية وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان والتوصل الى وقف اطلاق النار". وطلب "دعم موقف لبنان بوجوب وقف العدوان الاسرائيلي على لبنان والانسحاب من الاراضي اللبنانية المحتلة".
ميدانياً, استمر القصف الاسرائيلي جنوبا وبقاعا حاصدا عشرات الشهداء والجرحى ومخلفا دمارا كبيرا في الحجر والآثار في وقت كشفت اليونيسف عن مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان منذ بدء تصاعد الصراع. ليس بعيدا, قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر "لم نتخذ أي قرار بشأن ضم مناطق في الضفة الغربية", مضيفاً: "مستعدون لإنهاء الحرب في غزة عندما تتحقق أهدافنا". وأوضح ساعر أن "هناك تقدما في محادثات وقف إطلاق النار على جبهة لبنان ونعمل مع الأميركيين في هذا الصدد". وتابع "سنكون جاهزين للتسوية إذا أصبح حزب الله بعيدا عن حدودنا الشمالية وتراجع إلى ما وراء نهر الليطاني", زاعماً أن "جيشنا يواصل العمل على تفكيك البنية التحتية لحزب الله في جنوب لبنان". ورأى أن "حزب الله أصبح في وضع مختلف ولا يمكنه الآن تنفيذ ما كان ينوي فعله ضد إسرائيل".
في المقابل, رأى عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب بلال عبدالله أن لا "مؤشّر جديّاً حول ضغط اميركي واضح للوصول الى إرساء وقف لإطلاق النّار على جبهة لبنان, على الرّغم من الإشارات الإيجابية غير الكافية التي تُبثّ". أضاف في حديث اذاعي "لبنان قدّم كل ما لديه من تسهيلات والسّؤال هل سيلتزم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أجندة حل إدارة جو بايدن وقد أصبح رئيساً انتقالياً"؟
وفي وقت شن حزب الله سلسلة عمليات ضد اهداف اسرائيلية في الاراضي المحتلة, أشار مسؤول العلاقات الاعلامية في حزب الله محمد عفيف, في كلمة في مجمع سيد الشهداء بمناسبة يوم شهيد حزب الله, الى ان "وقائع الميدان في أيدي مجاهدينا وستكون لها الكلمة الفصل", لافتا الى ان "بعد اكثر من 40 يوما من القتال الدامي لا يزال العدو عاجزا عن احتلال قرية لبنانية واحدة". ورأى عفيف ان "الحديث عن تراجع كبير في مخزوننا من الصواريخ مجرد أكاذيب, ولدى قواتنا في الخطوط الأمامية ما يكفي من العتاد لحرب طويلة", معتبرا ان "علاقتنا بالجيش الوطني كانت وستبقى قوية ومتينة, ونحن المؤمنين بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة, ونقول لمن قاتلوا الجيش وقتلوا ضباطه إنكم لن تستطيعوا فك الارتباط بين الجيش والمقاومة". وأكد عفيف ان "استعادة المقاومة للمبادرة في الميدان وانتخاب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم صدما الأعداء", لافتا الى ان "مقاومتنا وشعبنا وبيئتنا تتعرض منذ عام لحملات سياسية وإعلامية متعددة الأشكال معروفة الأهداف". وذكر عفيف بأن "مقاومتنا نشأت على الأراضي اللبنانية التي احتلها العدو ولا نتلقى إيعازا من أحد كي ندافع عن أرضنا أو نناصر الشعب الفلسطيني", مشيرا الى ان "الحديث الحالي عن حراك سياسي سببه صمود أبطال المقاومة في الميدان". وقال " نحن نفهم ونقّدر دور الجيش في حماية التراب الوطني والأمن الوطني. لقد تعمّدت دماء الشهداء هادي نصر الله وهيثم مغنيّة وعلي كوثراني بدماء الشهيد جواد عازار, وأن يقوم العدو بقتل الرائد الشهيد البطل محمد فرحات على تراب عيترون والذي كان تشييعه في زغرتا عرساً وطنيّاً جامعاً فإننا نفهم رسالة العدو, هكذا نفهم الجيش وهكذا نفهم علاقة المقاومة به, أما أولئك الذين لطالما قاتلوا الجيش أبّان الحرب الأهلية البغيضة وقتلوا ضباطه وجنوده, أما أولئك الذين وقفوا خلف شعار الدفاع عن الجيش لإطلاق النار على المقاومة بذريعة تساؤل طبيعي وطلب التوضيح من دون إدانة أو اتهام عن حادثة البترون فنقول لهم خسئتم, لن تستطيعوا أن تفكوا الارتباط بين الجيش والمقاومة, وكلاهما كلّ بطريقته وإمكاناته في قلب معركة الدفاع عن لبنان واللبنانيين".