كشف تحقيق استقصائي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الإثنين, عن حقائق جديدة تتعلق بالتحقيقات الجارية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين كبار في مكتبه. التحقيق يشير إلى الاشتباه في أن مكتب نتنياهو غيّر في بروتوكولات التسجيلات الرسمية المتعلقة بمعرفته بتحركات حركة حماس مساء السادس من تشرين الأول 2023, قبيل هجوم "طوفان الأقصى" على مستوطنات غلاف غزة.
التحقيق, الذي أعده الصحفي الاستقصائي رونين بيرغمان, كُشف فيه عن تجاهل نتنياهو لتحذيرات أمنية بشأن تحركات استباقية لحركة حماس قبل هجوم السابع من تشرين الأول 2023, تم الكشف عنها عبر ما سُمي بـ "عملية شرائح الهواتف", التي أطلقها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) لرصد تحركات وتواصل عناصر حماس.
وتعود بداية "عملية شرائح الهواتف" إلى توجيهات الشاباك لرصد إشارات استخدام محددة لشرائح هواتف إسرائيلية خاصة, والتي تستخدمها الكتائب المقاتلة التابعة لحركة حماس للنقل الفوري لأحداث الهجوم وتنسيق العمليات بين مقاتليها في قطاع غزة. وحسب التحقيق, أظهرت وثيقة استخباراتية لعام 2022, أصدرها قائد الاستخبارات في القيادة الجنوبية, أن وحدات "النخبة" في كتائب القسام, الجناح العسكري لحماس, استخدمت تكنولوجيا مشفرة تتيح لهم التواصل فيما بينهم وبث الفيديو المباشر للهجمات باستخدام تطبيقات مثل "iVideo", بالاعتماد على حزم بيانات إسرائيلية.
أوضحت الوثيقة الاستخباراتية أن تشغيل هذه الهواتف المرتبطة بالشرائح يشير إلى نشاطات استثنائية قد تكون بمثابة استعدادات لعمليات كبيرة. لكن في الوقت نفسه, أكدت الوثيقة أن تشغيل هذه الأجهزة لا يُعتبر دائمًا تحذيرًا نهائيًا, إذ يجري تشغيلها أحيانًا لأغراض فحص الأجهزة أو تحديث التطبيقات.
وحسب التحقيق, في الأيام التي سبقت الهجوم, أظهرت أجهزة الاستخبارات تصاعدًا في إشارات استخدام شرائح الهواتف الخاصة داخل بعض وحدات حماس, وخاصة في منطقتي خان يونس وشمال قطاع غزة. في ليلة السادس من تشرين الأول 2023, بدأت هذه الإشارات تتزايد بشكل لافت, حيث تم إرسال تقارير مفصلة إلى كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي, بما في ذلك مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي.
في أحد التقارير, ورد فيه: "خلال اليومين الماضيين, تم رصد تفعيل غير معتاد للهواتف المتصلة بشرائح الهواتف في وحدات حماس المختلفة.. هذه الإشارات ربما تشكل دلالة على استعدادات حماس لتنفيذ عمليات طارئة أو هجومية". هذا التقرير تم نقله إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر قنوات اتصال سرية, ولكن لم يُتخذ أي إجراء حاسم بناءً على هذه المعلومات. في المقابل, نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تلقيه أي تحذيرات أو إشارات تتعلق بتصاعد استخدام شرائح الهواتف ليلة الهجوم.
ورغم تجاهل هذه التحذيرات, فإن التحقيق يكشف عن محاولة ابتزاز لضابط استخبارات إسرائيلي يحمل رتبة عقيد, الذي أدلى بشهادة حساسة تفيد بأن مسؤولي مكتب نتنياهو ربما حاولوا التلاعب به بهدف إسكات شهادته. العقيد, الذي أشير إليه بالرمز (ش), ذكر أن بعض المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء أشاروا إلى امتلاكهم مواد قد تضر بمسيرته, وهو ما فُهِم كوسيلة ضغط عليه لمنع تسريب معلومات تتعلق بمسؤولية الحكومة عن الأحداث.
كما كشفت التحقيقات عن ادعاءات بشأن تلاعب في تسجيلات محادثات مهمة جرت في صباح السابع من تشرين الأول 2023, بعد ساعات من بدء الهجوم, حيث قدم السكرتير العسكري الأسبق اللواء آفي جيل شكاوى رسمية تفيد بأن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء طلبوا منه تغيير توقيت ومحتوى محادثات حاسمة جرت بين مكتب نتنياهو وقيادات الجيش الإسرائيلي. وعند فحص هذه المحادثات لاحقًا, تبين أن سجلات الاتصالات وملخصات الاجتماعات قد جرى تعديلها, مما يعطي انطباعًا بأن مكتب رئيس الوزراء كان لديه معلومات أقل مما كان عليه الوضع في الواقع بخصوص "عملية شرائح الهواتف".
وبحسب بيرغمان, تشير التحقيقات إلى أن التساؤلات حول عملية شرائح الهواتف قد تؤدي إلى اتهامات خطيرة تتعلق بإساءة استخدام السلطة ومحاولات التلاعب بالأدلة والتهرب من المسؤولية. كما قد تؤثر هذه التحقيقات على مسار المسؤولية المتعلقة بفشل الردع الإسرائيلي في مواجهة هجوم حماس, وما إذا كان مكتب رئيس الوزراء قد حاول طمس أي إشارات إلى علمه المبكر بخطط حماس.
ونقل بيرغمان عن مسؤول استخباراتي كبير وصفه للتحقيقات الجارية بأنها "أكبر تحدّ قانوني يواجهه نتنياهو ومسؤولوه", مشيرًا إلى أن "تجاهل التحذيرات الأمنية, وادعاءات الابتزاز, والتلاعب بالوثائق يجعل القضية تتجاوز المساءلة السياسية لتصل إلى أبعاد قانونية وتاريخية خطيرة".
من جهته, نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي كافة الادعاءات المتعلقة بتجاهل التحذيرات أو التلاعب بالبيانات, واصفًا التقارير بأنها "أخبار زائفة تهدف إلى إسقاط الحكومة اليمينية".