يحاول رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو تحقيق طموحات كيانه التي ردمتها المقاومة في أول هزيمة له وأول انتصار لها, يحاول من خلال كل ما يَفعله إحياء حلم إسرائيل الكبرى الذي انتهى مهما حاول إنعاشه, يحاول أن يَسير بمشروعه حتى النهاية ومعه العالم كلّه, إلا أن مَن أوقفه وحوّل مساره باتجاه آخر ما زال موجوداً وحاضراً وسيَبقى يَقف بوجه كل مَن يَعتدي على أرضه, هكذا تقول التجربة السابقة وهكذا تقول التجربة الحالية أيضاً... والميدان يَشهد...
تقول المصادر, حتى اللحظة لا يزال نتنياهو غير مقتنع إلا بسيناريو واحد ألا وهو "استسلام المقاومة", فهو على ما يبدو لا يزال يَعتبر أنه يؤلمها من خلال ما يقوم به من تدمير ممنهج يشمل جميع ساحاتها الداخلية, ولا يزال يَعتقد أنه يستطيع أن يَنتزع شيئاً بالقوة العسكرية المركَّزة على سلاح الجو, باعتبار أن الهجوم البري لم يستطع جيشه من خلاله السيطرة على قرية واحدة بعد أكثر من شهر على بدئه.
من الواضح أن نتنياهو يحاول أن يتجاهل ولو إعلامياً ما تقوم به المقاومة في لبنان التي تؤكد أن حساباته خاطئة, فوفق الأداء الميداني وما قاله الشيخ نعيم قاسم هناك ما يُثبت أن العمليات تتم وفق ما خُطِّط لها, تقول المصادر, حتى ان تقليل عدد عمليات المقاومة الذي وصل أحياناً الى ٤٨ عملية باليوم الواحد لا يُعتبر تراجعاً وإنما يمكن أن يوضع في إطار المناورة, فأي فريق عسكري ليس من المفترض منه أن يحافظ على نمط واحد للمعركة, لأنه بذلك يقوم بتسهيل مهمة العدو, لذا يُعتبر كسر النمط المعتاد, مسألة من ضمن تكتيك المواجهة العسكرية.
أما استخدام المسيّرات الذي يَصعب على الإسرائيلي معالجته, فهو يندرج في إطار التصعيد, وميزته أنه سلاح اللحظة الذي يخبىء مفاجآت بنوعية الأهداف, وفق المصادر, وحتى الصواريخ التي تَكشف المقاومة عنها تدريجياً فهي تُنذر بمفاجآت آتية, مثل الكشف عن سلاح أرض-جو الذي أدى الى إبعاد طائرة حربية, وهذا يُعتبر تقدّماً في المعركة يَدل على أن المرحلة المقبلة فيها الكثير من التطورات التي لا يَتوقّعها العدو...
أمام هذا المشهد الذي يُنذر بأيام ليست بقصيرة, لا بدّ من تثبيت معادلات جديدة تتناسب مع المرحلة الحالية بكل تطوراتها ومفاجآتها وانقلاباتها, وهي معادلة "الأمن المفقود" التي بدأت تُكرَّسها المقاومة من بداية الحرب أي منذ أكثر من عام, وفق المصادر, وهذه لطالما تحدّث عنها السيد حسن نصرالله بصيغة مختلفة, عندما قال ولى الزمن الذي تدمَّر فيه بيوتنا وحدنا ويهجَّر فيه أهلنا وحدنا, بحيث أن كل ما يفعله الإسرائيلي في لبنان من تدمير وقتل وتهجير يقابله ما تفعله به المقاومة من تهجير وخسائر اقتصادية واستنزاف لجيشه...
لقد بدا واضحاً أن الحياة في الكيان أصبحت معطَّلة ومشلولة, والاقتصاد مجمَّد, وحيفا تعيش حالة رعب, وتل أبيب باتت الحياة مُقلِقة فيها, فكل ما ادعاه نتنياهو حول أهداف الحرب التي لها علاقة بعودة المستوطنين وأمن "إسرائيل" لا يمكن أن يَتحقّق بالحرب, هكذا تؤكد الوقائع, التي تقول إن الأمن لن يعود الى الكيان إلا إذا توقفت الحرب... هذا ما سيَصلون إليه عاجلاً أم آجلاً, مع فارق أن المستوطن الصهيوني لم يعد يرى في كيانه مكاناً آمناً له...
مريم نسر - الديار