خاص "الرأي"
بينما كان البعض يتوقع تصعيدًا محدودًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية, جاءت التطورات بشكل غير متوقع, لتسفر عن تهجير جماعي لأهالي مدينة بعلبك والمناطق المحيطة, مما يعكس فصولاً جديدة من العنف التي أضرت بالبقاع الشمالي وأعادت رسم معالمه كخطوط ساخنة في صراع مستمر.
في حين يترقب الجميع نتائج المحادثات بين هوكشتاين وزميله المستشار بريت ماكغورك مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو, حيث يُتوقع أن يُسفر اللقاء عن "رؤية إسرائيلية للتسوية", خاصة وأن هذا اللقاء يشكل الفرصة الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة يوم الثلاثاء المقبل, وفي المقابل جاءت تصريحات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لترفع من موجة التفاؤل هذه, إلا أن ما رافق ذلك من إشارات ضعفت من حدة التفاؤل, وخاصة بعد التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض, مما يزيد من التعقيدات في موقف الولايات المتحدة ويعكس حجم التحديات الحقيقية التي تواجه لبنان.
موجة نزوح ضخمة من بعلبك ومجازر
يبدو أن التصعيد العنيف الذي شهدته المنطقة أمس كان مرتبطًا بالاستعدادات الأميركية الرامية للتوصل إلى تسوية لوقف إطلاق النار, المرتقبة لبدء العمل بها اليوم. وقد تزامن ذلك مع خطوة غير مسبوقة تمثلت في إنذار وجهه الجيش الإسرائيلي إلى سكان بعلبك وعين بورضاي ودورس, مما أدى إلى حالة من الذعر في صفوف السكان ونتج عنه موجة نزوح ضخمة, حيث توجه عشرات الآلاف باتجاه زحلة ودير الأحمر في خضم حالة من الهلع.
ومع حلول فترة ما بعد الظهر, كثف الطيران الإسرائيلي غاراته على بعلبك ومحيطها, وقد وردت أنباء عن سقوط 7 شهداء نتيجة غارة استهدفت مزرعة بيت صليبي, و9 شهداء في غارة على بدنايل, بالإضافة إلى 7 شهداء آخرين سقطوا في غارات استهدفت سحمر في البقاع الغربي.
استهداف عاريا
في سياق متصل, نفذت طائرة مسيرة إسرائيلية غارة على سيارة رابيد في بلدة بشامون, لكن صاحب السيارة نجا من الهجوم. كما تم استهداف فان على طريق ضهر الوحش في عاريا, مما أسفر عن مقتل سائقه, مع وجود أدلة على انتشار صواريخ بالقرب من الفان المستهدف.
في هذا الإطار, أصدرت بلديتا عاريا والكحالة بيانًا استنكرتا فيه "استخدام الطرق الدولية والآليات المدنية من قبل المسلحين لنقل الأسلحة والذخائر, مما يعرض حياة العابرين وسكان البلدتين للخطر."
كلام نعيم قاسم
في خضم هذه التطورات, ظهر الأمين العام الجديد لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم للمرة الأولى بعد تعيينه, ليعلن أن "برنامج العمل الذي سيتبعه هو امتداد لبرنامج قائدنا سابقًا, حسن نصرالله".
وأكد قاسم "أننا لا نقاتل نيابة عن أحد أو من أجل مشروع معين, بل نحن نقاتل من أجل مشروعنا الخاص, وهو حماية لبنان وتحريره, وإيران تدعمنا في هذا المسعى دون أن تطلب شيئًا منا."
كما أعرب عن تأثره جراء أزمة "البيجر" واغتيال السيد نصرالله وعدد من القيادات, مشيرًا إلى أن هذه الضربة كانت موجعة, لكننا تمكنا من النهوض مجددًا, وهو ما أثبته الميدان. ووجه رسالة إلى العدو, قائلاً: "أنتم ستتعرضون للهزيمة حتمًا, فالأرض لنا وشعبنا ملتف حولنا. اخرجوا من أرضنا لتخففوا من خسائركم, وإلا فإنكم ستدفعون ثمنًا غير مسبوق, كما انتصرنا في تموز, سننتصر الآن."
بري: الكرة في ملعب نتنياهو
ومن الواضح أن الرئيس نبيه بري الذي يتولى قيادة المفاوضات إلى جانب الرئيس نجيب ميقاتي, ابلغ موقفه للموفدين, وهو في انتظار الردود, ومع ذلك, شدد على أنه لن يتنازل عن أي من حقوق لبنان, حتى لو تعرض لضغوط من العالم أجمع, ولن يبدأ المفاوضات قبل تحقيق وقف إطلاق النار, وأكد أيضًا عزمه على الدفاع عن المقاومة حتى النهاية, بغض النظر عن حجم التهديدات.
وفي التفاصيل, أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الخطوات المتفق عليها مع المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين تتضمن وقف إطلاق النار ونشر الجيش اللبناني في الجنوب لتطبيق القرار 1701, دون نية لتغيير نص القرار.
ونفى أن تكون هناك إشارات لتطبيق القرار 1559 أو استبدال قوات الطوارئ الدولية بقوات متعددة الجنسية. أوضح بري أن لبنان جاهز للالتزام بالاتفاقات بعد تفاهم هوكشتاين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو, مطالباً بضمانات للتنفيذ, مشيراً إلى أن الكرة الآن في ملعب نتنياهو لإثبات استعداده لتنفيذ التفاهم.
ميقاتي وهوكشتاين
وفي هذا الإطار, أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه تواصل مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين, الذي أبلغه بوجود فرصة جدية لوقف إطلاق النار قريباً.
وعبر ميقاتي عن أمله في أن تؤدي زيارة هوكشتين لإسرائيل إلى اتفاق سريع, مشيراً إلى أن الاتفاق المتوقع سيعتمد على القرار 1701 دون أي تعديلات.
كما أوضح أن لبنان مستعد لتنفيذ الاتفاق فور وقف العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية, مع استعداد الجيش اللبناني للانتشار في الجنوب بالتعاون مع القوات الدولية, وأن أي تفاصيل تنفيذية ستُناقش عبر لجنة تقنية وعسكرية.