ذكرت صحيفة "Politico" الأميركية أن "اللبنانيين يعلمون أكثر من غيرهم أن لبنان على شفا الانهيار. ولكن ما يسبب الإستياء الكبير للبنانيين هو محاولات صناع السياسات الغربيين إرغامهم على الإصلاح السياسي المتسرع. وكما هي الحال الآن, فإن عملية الإصلاح هذه لا يمكن أن تبدأ إلا بانتخاب رئيس للجمهورية. إن الرئيس الذي يلتزم باستعادة سلطة الدولة قد يضع لبنان على مسار جديد لتغيير وإصلاح نظامه السياسي بشكل جذري. وفي الدوائر السياسية الغربية, المرشح المفضل لإدارة مثل هذا التحول هو قائد الجيش العماد جوزاف عون. ويُنظر إلى القوات المسلحة على أنها المؤسسة الوطنية الأكثر تمثيلاً وقدرة في البلاد, وتحظى باحترام كبير في لبنان".
وبحسب الصحيفة, "بالنسبة للغرب, فإن الفكرة هي أن عون, أو شخصا مثله, قادر على إصلاح النظام السياسي المحتضر في لبنان, وهذا يعني في الأساس تقويض حزب الله والإصرار على نزع سلاحه, حتى يظل الجيش القوة المسلحة الوحيدة في لبنان. ويرى صناع السياسات الأميركيون انه بعد اغتيال القيادات الرئيسية لحزب الله وبعد تأثر الحزب بالضربات التي وجهتها له إسرائيل, فقد حان الوقت الآن لأخذ زمام المبادرة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في وقت سابق من هذا الشهر: "إن ما نريد أن نراه في نهاية المطاف من هذا الوضع هو أن يتمكن لبنان من كسر القبضة التي فرضها حزب الله على البلاد وإزالة حق النقض الذي يتمتع به الحزب على رئيس البلاد"."
وتابعت الصحيفة, "لكن في حين يشعر اللبنانيون أيضاً بأن فرصة للإصلاح قد برزت الآن, فإن الأمر ليس بهذه البساطة. ووفقاً لمايكل يونغ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط, فإن "الحل التوافقي فقط للأزمة الأخيرة في لبنان من شأنه أن يضمن عدم تعرض البلاد لخطر صراع طائفي آخر". ومن أجل تحقيق هذه الغاية, قال لصحيفة بوليتيكو إن الإدارة الدقيقة لما يتشكل باعتباره هزيمة لحزب الله على يد إسرائيل أمر ضروري. وفي الحقيقة, مع اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وخليفته المتوقع هاشم صفي الدين, تفتقر الحركة الشيعية إلى زعيم ذي خبرة كافية للسيطرة على غضبها. ورأى يونغ أن محاولة فرض واقع سياسي جديد وتقليص قوة حزب الله بشكل كبير وبسرعة من شأنها أن تؤدي إلى حرب أهلية. وحذر من أن "القرارات الكبرى, عندما لا تتخذ بالإجماع في لبنان, تميل إلى توليد صراع طائفي"."
وأضافت الصحيفة, "اليوم, أصبح لبنان في وضع سيئ بشكل خاص للتعامل مع أزمته الحالية. فقد كانت البلاد تتعثر منذ انهيارها المالي في عام 2019, حيث أصبح 85٪ من سكان البلاد تحت خط الفقر حتى قبل أن تشن إسرائيل توغلها البري. وفي عام 2020, هز انفجار هائل مرفأ بيروت, والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 200 شخص وإصابة 7000 وتسبب في أضرار في الممتلكات بقيمة 15 مليار دولار. إن آخر ما يحتاج إليه هذا البلد المتعثر هو حرب أخرى.والسؤال الآن هو كيف يمكن لهذا البلد أن يخرج من هذه الفوضى؟"
بحسب الصحيفة, "إن اللبنانيين أنفسهم يفتقرون إلى الإجابات, ولكنهم يدركون أن الكثير سوف يتوقف على نوايا إسرائيل ومتى تقرر بالضبط أنها فعلت ما يكفي لهزيمة حزب الله وإضعافه. وحتى ذلك الحين, فإن البلاد في حالة توقف, وغير قادرة على المضي قدماً, ولا تملك سوى القليل من القدرة على التصرف, على الرغم من الصخب من الخارج من أجل إعادة تشكيل نفسها والتغيير. إن الخوف الرئيسي هو أن غزو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يكون محدودا كما يقول وسوف يتحول إلى شيء آخر. وتزعم إسرائيل أنها تستهدف فقط أفراد حزب الله والبنية التحتية العسكرية المتطورة للغاية في الجنوب, لكن اللبنانيين لا يخفون أن قرى بأكملها يتم هدمها, مع قصف المدارس والمراكز الصحية والمباني وهدمها. فهل تخطط إسرائيل عمداً لجعل مساحات شاسعة من جنوب لبنان غير صالحة للسكن, وتحويلها إلى أرض لا يسكنها أحد لمنع عودة حزب الله؟ وهل تخطط لجعل الجنوب فارغاً تماماً للحفاظ على السيطرة؟"
وبحسب الصحيفة, "يوم السبت, أكد كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين لإذاعة "كان 11 "الإسرائيلية أن الهجوم البري وصل إلى "مرحلته النهائية" وسوف يكتمل في غضون أسبوع أو أسبوعين.وقالوا إن اهتمامهم سيتحول بعد ذلك نحو القرى الواقعة أسفل جبل الشيخ على الجانب الشرقي من الحدود. ولكن البعض يشكك في ذلك. فما زال حزب الله يواصل المقاومة ويطلق الصواريخ على شمال ووسط إسرائيل. وإلى أن تتوقف هذه الهجمات عبر الحدود, لن تنسحب إسرائيل".