خاص "الرأي"
شهدت مدينة بعلبك وقراها أمس فصلاً دمويًا أليمًا, حيث أطلقت القوات الإسرائيلية العنان لآلتها العسكرية لتعيث دمارًا وخرابًا, مستهدفة بلا رحمة المدنيين الأبرياء من مختلف الأعمار, بما في ذلك الأطفال والنساء والمسنين, حيث أسفرت هذه الهجمات الوحشية عن ارتقاء 63 شهيدًا, الذين رووا بدمائهم الزكية تراب الوطن, بالإضافة إلى إصابة العشرات بجروح متفاوتة.
سياسيًا, لا يمكن الاعتماد بجدية على أي مضمون قد يحمله المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من جانب كيان الاحتلال الإسرائيلي, في حال تأكدت الأنباء عن عزمه على التوجه هناك اليوم, مع العلم بأن حتى اللحظة, لا يوجد إعلان رسمي يؤكد حتمية الزيارة, ولا مواعيد محددة له في بيروت, أما بالنسبة لأولئك الذين ينتظرون رداً من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو, فعليهم الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من الشهر المقبل, إذ إن ما يصدر قبل ذلك سيكون مجرد مناورات وملء للفراغ.
مجزرة دموية في بعلبك وصور
توزعت أعداد الشهداء في بعلبك على المناطق كالتالي: شهيد واحد في شمسطار, شهيدان في الحلانية, واثنان في بريتال. شهدت بلدة طاريا سقوط خمسة شهداء من ضمنهم ثلاثة أشقاء من عائلة سماحة. بينما فقدت بوداي ستة أشخاص, خمسة منهم ينتمون إلى أسرة عساف, إضافة إلى هاجر حمزة وطفلها الصغير. أما في بلدة الحفير, فقد استشهد 12 فردًا من آل ناصيف, معظمهم من النساء والأطفال, في مشهد مأساوي تلون بالدماء.
وتحملت بلدة العلاق النصيب الأكبر من هذا الهجوم الوحشي, حيث فقدت عائلة كنعان 16 شهيدًا, شملوا الصغار والرضع. بينما انضمت سارة وفاطمة من يونين إلى قائمة الشهداء, بعد أن فقدتا حياتهما وهن يحاولن حماية أطفالهما. وفي الرام, استشهد تسعة أفراد من عائلة نون, معظمهم من النساء والأطفال, بينهم أم قضت مع أطفالها الأربعة.
وفي بعلبك, خلفت الغارة الثانية في الليل ستة شهداء بالقرب من ثكنة غورو التاريخية وقلاع بعلبك الأثرية, بينهم أربعة أشقاء وأحد أبنائهم, وأوقع الهجوم على حدث بعلبك شهيدين آخرين.
تعرضت هذه المناطق لأكثر من ثلاثين غارة جوية, شملت قرى ومدنًا عدة, مثل شمسطار, الحلانية, سرعين التحتا, قصرنبا, تمنين, بريتال, طاريا, يونين, الرام, بوداي, حدث بعلبك, الحفير, حزين, عين بورضاي, العلاق, النبي شيت, وحوش الرافقة.
لم تسلم مدينة صور من هذه الاعتداءات ايضاً, حيث سقط 7 شهداء و17 جريحاً في غارة إسرائيلية على مبنى في حي الرمل في صور.
خطة إسرائيلية للإستسلام
تحدثت صحيفة "إسرائيل هايوم", الناطقة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, عن خطة تحمل, وفق رؤيته, إمكانيات لتحقيق تحول استراتيجي. تهدف الخطة إلى إحداث تغيير في ميزان القوى في لبنان وتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة, وهي أهداف تحظى بدعم من بعض الأطراف في لبنان وكذلك من جهات دولية وإقليمية. وتسعى إسرائيل من خلال هذه الخطة إلى إعادة تشكيل الواقع في لبنان عبر تسوية سياسية, مع توظيف قوتها العسكرية كورقة ضغط لتحقيق هذا الهدف.
وفقاً للخطة التي طرحتها صحيفة "إسرائيل هايوم", تضع إسرائيل شرطين ملزمين لتحقيق التسوية المنشودة في لبنان. الشرط الأول يتطلب وجود آلية تنفيذ ذات مصداقية تضمن الالتزام الكامل بالقرارات المتخذة, بينما يمنح الشرط الثاني شرعية لقيام إسرائيل بعمل عسكري استباقي في حال حدوث أي انتهاك للاتفاقات.
وتقوم الخطة على مراحل عدة تشمل:
1. تنفيذ القرار 1701: والذي يتضمن وقفاً تاماً لإطلاق النار من جانب حزب الله, وانسحاب كافة قواته إلى ما وراء نهر الليطاني, إضافة إلى انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان, يعقبه انسحاب إسرائيل إلى الحدود الدولية.
2. تنفيذ القرار 1559: الذي ينص على نزع سلاح حزب الله وتفكيكه كميليشيا مستقلة في لبنان, وذلك خلال فترة 24 شهراً, تحت إشراف الجيش اللبناني وآلية إنفاذ دولية.
3. منح إسرائيل حرية العمل العسكري: وفقاً لهذه الخطة, يتم تحديد فترة زمنية تمنح إسرائيل حرية التدخل العسكري المباشر لضمان تنفيذ القرارات في حال تصاعد قوة حزب الله أو حدوث أي خرق لوقف إطلاق النار.
أفاد زوار عين التينة بأن الرئيس نبيه بري أشار إلى أن "التسريبات تذكرنا بسنة كاملة من مماطلة إسرائيلية في مفاوضات غزة, حيث كان نتنياهو يعمد إلى تعطيلها كلما لاحت فرصة للتوصل إلى اتفاق". وكشفت المصادر أن "ما نُقل عبر القناة العبرية يتضمن بعض الحقيقة, خاصة ما يتعلق باقتراح هوكشتين لوقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً, إذ رأى أن أي مفاوضات بلا هدنة ستكون غير مجدية". وأوضح أن هوكشتين حاول استغلال الهدنة للضغط على بري لقبول مقترحات تتعلق بتطبيق القرار 1701, وهي بمعظمها مرفوضة.
وأضاف الزوار أن بري يعتبر الشرط الإسرائيلي المسرب رداً سلبياً وغير واقعي على مقترح هوكشتين, مشيراً إلى أن إسرائيل ليست في موقف يسمح لها بفرض شروطها في ظل استمرار المعركة وقوة المقاومة الميدانية
لقاءات ميقاتي
وفي السياق, واصل رئيس الحكومة اللبنانية, نجيب ميقاتي, خلال زيارته إلى بريطانيا, لقاءاته الدبلوماسية, حيث التقى وزير الدفاع البريطاني جون هيلي في السفارة اللبنانية بلندن. مشدداً على أهمية وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بالكامل, ودعا لدعم جهود "اليونيفيل" في الجنوب, وأكد المسؤولون البريطانيون والأميركيون والفرنسيون على أهمية التوصل لاتفاق لوقف النار وتطبيق القرار 1701 لضمان الاستقرار في المنطقة.