تشهد عاصمة الشمال, طرابلس, حالة تفلّت أمني غير مسبوقة, تتفاقم يومًا بعد يوم, في ظل تراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد. ومع اشتداد وتيرة الحرب التي أدت إلى موجات نزوح كبيرة من المناطق الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية باتجاه الشمال, شهدت طرابلس اكتظاظًا سكانيًا غير مسبوق, مما زاد من حدة الفوضى في المدينة التي تعاني أصلاً من أوضاع أمنية متوترة.
ووصف بعض المراقبين, عبر "ليبانون ديبايت", الوضع في طرابلس بأنه "قنبلة موقوتة", محذّرين من أن الأوضاع قد تخرج عن السيطرة إذا لم يتدخل المعنيون لضبط الوضع قبل وقوع كارثة محتملة. وقد شدّد هؤلاء على ضرورة الإسراع في اتخاذ خطوات جدية للحد من التوترات الأمنية التي تشهدها المدينة, والتي تهدد استقرارها واستقرار المناطق المحيطة بها.
ووفق معلومات "ليبانون ديبايت", تشهد المدينة يوميًا سلسلة من الاشتباكات والحوادث الدموية, حيث لا يمر يوم دون وقوع ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة اشتباكات, يتخلّلها تبادل لإطلاق النار أو اعتداءات على خلفيات مختلفة.
وفي حادثة وقعت مساء أمس, أقدم مجهولون على إطلاق النار من سلاح حربي باتجاه شخص يدعى "خ.ز" أثناء وجوده في مدخل أحد الأبنية في منطقة الزاهرية - شارع لطيفة بطرابلس, دون أن يُصاب بأذى, فيما لاذ المجهولون بالفرار. وقد حضر الصليب الأحمر إلى موقع الحادث وعمل على إسعاف "خ.ز" نتيجة تعرضه لإصابة ناجمة عن سقوطه أثناء محاولته الهروب من الرصاص.
وفي ظل هذا التصاعد الأمني, واستجابةً للدعوات المتكررة من فعاليات طرابلس, عَلِمَ "ليبانون ديبايت" أن وحدات من الجيش اللبناني, مدعومة بقوة من المخابرات, نفّذت عملية انتشار أمني واسعة في عدد من شوارع المدينة مساء أمس الأحد. وقد تخللت العملية تسيير دوريات مكثفة وإقامة حواجز متنقلة للتدقيق في هويات المارة وتفتيش السيارات, وذلك في إطار خطة لضبط الأمن وفرض النظام في المدينة.
وشدّدت المعلومات على أن "هذه الإجراءات جاءت بهدف حماية المواطنين والحفاظ على الأمن والاستقرار, لا سيّما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد, والتي تسببت في تزايد الضغط السكاني في طرابلس نتيجة النزوح القسري من مناطق الصراع".
ولفتت إلى أن "قرار الانتشار الأمني يشمل إقامة حواجز متنقلة بين الأحياء والمناطق لمراقبة الوضع على الأرض عن كثب, وملاحقة كل من يُشتبه بمحاولته زعزعة الأمن في المدينة".
كما أشارت المعلومات إلى أن "هذه الخطوة تأتي ضمن إطار خطة أمنية شاملة تهدف إلى تعزيز حضور القوى الأمنية في المناطق الساخنة, وتوجيه رسائل واضحة لكل من يحاول الاستفادة من الوضع المضطرب لتحقيق مصالح شخصية أو توسيع نفوذه عبر الأنشطة غير القانونية".