يرى خبراء أن الحرب التي يشهدها لبنان, في ظل المواجهة بين حزب الله وإسرائيل, قد تفرض واقعاً جديداً يتطلب تنفيذ القرارات الدولية بنزع سلاح حزب الله. ويشيرون في تصريحات لـ"إرم نيوز", إلى أن في مقدمة متطلبات ذلك الواقع نزع سلاح حزب الله.
وبات سلاح حزب الله معادلة صعبة في استقرار الدولة اللبنانية وسيادتها من جهة, ومن جهة أخرى ذريعة لتدخلات في الشأن الداخلي على مستويات سياسية وعسكرية وأمنية, وأيضاً اقتصادية ومجتمعية؛ ما جعل لبنان جبهة قتال إقليمية.
نتائج الحرب
ويقول المحلل السياسي اللبناني, علي حمادة, إن حزب الله لن يقبل بالتخلي عن سلاحه, الذي سبق أن جعله يدفع بالبلاد إلى مشارف حرب أهلية, ولكن الواقع الناتج عن الحرب القائمة قد يفرض أموراً جديدة في هذا الشأن.
وذكر حمادة في هذا الصدد أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله, الذي قتلته إسرائيل خلال الحرب, كان قد رفع شعارات "السلاح يحمي السلاح" و"قطع اليد التي تمتد إلى السلاح", حيث كانت المعادلة مختلفة حينئذ, أما الآن فإن الواقع مختلف مع الحرب الدائرة اليوم وتعرض حزب الله لضربات قاتلة.
ولفت حمادة إلى أن الأمر سيعتمد بشكل كبير على موازين القوى ونتائج الحرب الإسرائيلية على لبنان, وأيضاً المجتمع الدولي الذي ضاق ذرعاً بسلاح حزب الله وتوظيفه من قبل إيران؛ ما أدى إلى هذا العدوان الإسرائيلي على لبنان.
شعار زائف
وتابع بأن سلاح حزب الله ليس لوظيفة لبنانية, وأن شعار دفاعه عن لبنان سقط بالضربة القاضية في هذه الحرب وطويت صفحة الادعاء بأنه سلاح يحمي لبنان, وعملياً كان هذا الشعار زائفاً وانكشف أمام الجميع.
وأكد حمادة أن هناك واقعاً جديداً يقوم على ركائز معينة, الأولى تخص موازين القوى ونتائج الحرب, أما الثانية فهي تتعلق بالضغط العربي والدولي من أجل إنهاء هذا الحالة غير الاعتيادية التي تسمى في لبنان بـ"الحالة الشاذة" المتمثلة في سلاح حزب الله الذي لا يملك أي شرعية.
واستكمل بأن النقطة الثالثة تتلخص في أن الغالبية العظمى من اللبنانيين قاموا بطي صفحة حزب الله بكل يقين, وباتوا مقتنعين أن وجود السلاح في يديه لا يحمي لبنان, بل يهدده باستدراج الحروب من الخارج وإشعال فتن داخلية من جهة أخرى مع المكونات والبيئات اللبنانية المتنوعة.
تهاوي أجنحة إيران
ويتوقع الخبير الاستراتيجي والعسكري, الدكتور محمد بن صالح الحربي, في ظل الوضع المعقد في لبنان, أن حزب الله سيتخلى عاجلا أم آجلا عن سلاحه بشكل تدريجي, في وقت يعاني فيه من السقوط, بالتزامن مع حالة تهاوي أجنحة إيران, ليكون أمام حزب الله الاختيار ما بين البقاء أو الانهيار التام في ظل ضغوط كبيرة تمارس عليه.
وبين الحربي أن حزب الله قام بتشييد بنيته التحتية المتقدمة منذ 2006, عبر دعم إيراني كامل, حيث كانت طهران منذ هذا التوقيت تقدم دعماً مالياً للحزب يتراوح سنوياً من 500 إلى 800 مليون دولار, ولكن مع الضغوط الشديدة والضربات على حزب الله وبنيته التحتية مؤخراً, لاسيما بعد تهجير الحاضنة من الضاحية الجنوبية وتدمير مقراته المالية وغرف العمليات, بات الوضع الخاص بالتخلي عن سلاحه مختلفاً عما كان قبل ذلك.
واستكمل الحربي بأن واقع حزب الله بات مختلفاً, في ظل انشغال إيران بالضغط الذي تتعرض له, والخاص بترقب الضربة الإسرائيلية النوعية المنتظرة, التي توصف بأنها ستكون "جراحية" من جهة, ومن جهة أخرى توغل الجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني والعمل على احتلال قرى حدودية في توقيت حساس, له اعتبارات من جانب آخر بما يتبقى من أيام على إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وتطرق الحربي إلى عدة ضغوط داخلية وخارجية واقعة على حزب الله للتخلي عن سلاحه الذي أدى إلى هذه الأوضاع, للحفاظ على ما تبقى من لبنان, في ظل رغبة المجتمع الدولي بدعم الجيش اللبناني الذي يعتبر صمام الأمان للبلاد, والعودة إلى القرارين 1701 و1559, الخاصين بنزع سلاح حزب الله وتسليمه للجيش, بالتزامن مع ما يعاني منه لبنان من أوضاع سيئة للغاية على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني, من خلال سيطرة "جيش موازٍ" يمثله حزب الله على مقدرات الدولة اللبنانية.