ذكر موقع "Middle East Eye" البريطاني أنه "في الوقت الذي يتعثر فيه الغزو البري الإسرائيلي للبنان, تدور حرب بوسائل أخرى خلف خطوط المواجهة. ويحشد الفاعلون الدبلوماسيون والسياسيون والإعلاميون جهودهم لإعادة تنظيم لبنان بعيدًا عن دعم المقاومة الفلسطينية بما يتماشى مع الأهداف الإسرائيلية في لبنان. وفي الحادي عشر من تشرين الأول, ورد أن السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون عقدت سلسلة من الاجتماعات مع سياسيين لبنانيين, بما في ذلك أعضاء "مستقلون" في المجلس النيابي, وورد أنها أخبرتهم بأن يكونوا مستعدين لـ"عصر ما بعد حزب الله" الجديد, حيث لن تستمر سيطرة الحزب المزعومة على الدولة والمعابر الحدودية".
وبحسب الموقع, "من جانبه, أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التزام لبنان بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701, إلا أن إسرائيل لم تُعلن عن موافقتها حتى الآن. إن المسؤولين الأميركيين يراهنون على حصاني طروادة لقلب الطاولة على حزب الله من الداخل. إن الخيار الأول هو التعجيل بانتخاب رئيس جديد يتوافق جدول أعماله مع السياسات الأميركية والإسرائيلية, والنسخة المعدلة من القرار 1701".
وتابع الموقع, "صدرت النسخة الحالية من القرار 1701 في أعقاب الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. في ذلك الوقت, أكد القرار على "سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي" كوسيلة لتقويض المقاومة المسلحة التي يقودها حزب الله في ثلاث خطوات.الأولى هي التي تفرضها الأمم المتحدة على حزب الله, وهي: حظر أي وجود مسلح لحزب الله جنوب نهر الليطاني, وتأييد الدعوة إلى نزع سلاح الحزب وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 1559 الذي صدر قبل عامين. وعلى النقيض من ذلك, لم تفرض مثل هذه القيود على إسرائيل. أما الثانية فهي نشر الجيش في مختلف أنحاء الجنوب اللبناني, والثالثة هي زيادة حجم قوات الأمم المتحدة إلى 15 ألف جندي, مع السعي إلى استخدامها كأداة مراقبة للقوى الغربية بدلاً من حماة شعب الجنوب".
وأضاف الموقع, "لقد نجح حزب الله في الالتفاف على هذه القيود الجديدة باتباع نهج مزدوج: تجنب أي وجود مسلح مرئي جنوب الليطاني. وبالنظر إلى الحرب الحالية, فإن استراتيجية حزب الله كانت ناجحة نسبياً, ولهذا السبب تراهن واشنطن حالياً على نسخة معدلة من القرار 1701 وآليات إنفاذ أكثر صرامة تتجنب إخفاقات الماضي".
وبحسب الموقع, "على الصعيد العسكري, أبرمت الولايات المتحدة شراكة استراتيجية مع الجيش في أعقاب حرب 2006, وشملت الشراكة مساعدات مالية بلغت قيمتها 3 مليارات دولار.
ويجتمع سفراء الولايات المتحدة بشكل روتيني مع قائد الجيش العماد عون ويعقدون تدريبات مشتركة أو فعاليات احتفالية مع كبار الضباط.وكانت هذه السياسة تهدف إلى إنشاء جيش مطواع أيديولوجياً,ولكن بفضل التزام واشنطن الثابت بالتفوق العسكري لإسرائيل, لم يذهب أي من هذه المساعدات لشراء أسلحة هجومية أو توفير التدريب للدفاع ضد العدوان الأجنبي. إن استراتيجية واشنطن في التعامل مع إسرائيل تعني أن الجيش غير قادر على الدفاع عن جنوب لبنان ضد التهديدات الإسرائيلية المعقولة".
وتابع الموقع, "إن قوات الأمم المتحدة في لبنان, المعروفة باسم اليونيفيل, لا تملك القدرة على مواجهة العدوان الإسرائيلي. فمنذ أن تم نشرها بعد غزو إسرائيل للبنان عام 1978, فشلت هذه القوات في وقف أي هجوم إسرائيلي. وفي عام 1996, قصفت إسرائيل مجمعاً للأمم المتحدة في جنوب لبنان يؤوي النازحين اللبنانيين, مما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 وإصابة المئات.
ومنذ عام 2006, يبدو أن الحياد النسبي لقوات اليونيفيل قد استبدل بانحياز صريح تجاه إسرائيل, على الرغم من سلوكها العدواني. وهاجمت إسرائيل قوات الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر بحجة فشلها في تنفيذ القرار 1701 ودعت إلى إعادة انتشارها على بعد بضعة كيلومترات شمال الحدود. وفي السابع عشر من تشرين الأول, أسقطت سفينة حربية ألمانية تعمل تحت علم اليونيفيل طائرة من دون طيار كانت متجهة من لبنان إلى فلسطين المحتلة. وهذا ينبئ بمطالبة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين المزعومة بمنح قوات الأمم المتحدة سلطة التصرف كوكيل لإسرائيل في تعقب ومهاجمة قوات المقاومة".
وبحسب الموقع, "اقتصاديًا, زادت واشنطن وحلفاؤها الخليجيون العقوبات المالية والاقتصادية على لبنان, وحرمته من أي تخفيف بعد الانهيار المالي في عام 2019, وطاردت ثروات الجاليات الشيعية في غرب إفريقيا وأميركا اللاتينية لتجفيف أي تمويل طائفي مزعوم لحزب الله. وكانت هذه التدابير تهدف إلى تأجيج الصراع الطائفي وتحريض القاعدة الاجتماعية ضد حزب الله. وبالتوازي مع ذلك, عززت واشنطن روابط أقوى مع المنظمات غير الحكومية الناشئة والنواب المنتخبين حديثًا لإنشاء نخبة سياسية مستقلة على ما يبدو تنأى بنفسها عن السمعة المكسورة للقوى التقليدية بينما تضم آراء معارضة للمقاومة".
وتابع الموقع, "لقد أحدثت المؤامرات الأميركية بعض التأثير, وخاصة في مجال الرأي العام. لكن حزب الله وحليفه الرئيسي, حركة أمل, عززا قاعدتهما الاجتماعية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة, التي عقدت في عام 2022. وعلى الرغم من هذه النتائج الأميركية المتواضعة, تأمل واشنطن الآن أن يؤدي الجمع بينها وبين البؤس الاجتماعي الناجم عن قتل إسرائيل وإصابتها وتشريد مئات الآلاف من الناس إلى خلق ظروف كافية لشل حزب الله. ولكن من الواضح أنه من غير المرجح أن تؤتي كل هذه الجهود ثمارها في غياب انتصار عسكري حاسم ضد حزب الله".
وختم الموقع, "إن محاولة القضاء بوحشية على القاعدة الاجتماعية لحزب الله من خلال ارتكاب مجازر بحق المدنيين لن تنجح أيضاً.فزيادة الهجمات على المجتمع بأكمله لن يؤدي إلا إلى تعزيز عزم المجتمع على الدفاع عن قوى المقاومة التي تدافع عنه"