خاص "الرأي"
بينما يدخل لبنان اليوم أسبوعه الرابع على اندلاع الصراع بين إسرائيل و"حزب الله" في لبنان, يتجلى الفارق بشكل صارخ عند مقارنته بحرب تموز (يوليو) 2006, تلك الحرب, التي استمرت 33 يوماً وانتهت بقرار 1701, تبدو للوهلة الأولى كمرحلة محدودة مقارنة بما نشهده اليوم من تصعيد وتدمير, حيث إن الهجمات الجوية الإسرائيلية تعدّ أكثر شمولاً ودماراً, وتشمل عمليات قصف مكثفة تستهدف مناطق متعددة من الجنوب إلى البقاع, بما فيها الضاحية الجنوبية وبلدات الشريط الحدودي, أما الخسائر البشرية فتتزايد بشكل يحمل دلالات مأساوية, والدمار الذي يعصف بالمناطق المستهدفة يدل على أننا ممكن أن نكون غزة 2.
مؤتمر دولي لدعم لبنان
في ظل تصاعد الأحداث وتواصل العدوان, تستعد فرنسا لعقد "المؤتمر الدولي لدعم لبنان" غداً, بمشاركة ممثلين من نحو 70 دولة, بالإضافة إلى الأمم المتحدة, والاتحاد الأوروبي, ومنظمات دولية وإقليمية, فضلاً عن منظمات غير حكومية, يهدف هذا المؤتمر إلى تقديم الدعم الإغاثي والإنساني للبنان, ساعياً إلى تفادي استنزاف البلاد في صراع طويل الأمد عبر البحث عن تسوية سياسية, ومن المتوقع أن يشهد اليوم لقاءً بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في قصر الإليزيه, مما يعكس التزام فرنسا بتعزيز جهود المساعدة ومساندة لبنان في هذه الأوقات العصيبة.
جلسة "مخيبة للآمال"
أما عن جلسة مجلس النواب المخصصة لانتخاب اللجان كانت محور اهتمام كبير, حيث اعتبرها الكثيرون بمثابة المرحلة الأولى نحو حل الأزمة الرئاسية, ومع ذلك, جاءت النتائج مخيبة للآمال, إذ تعادل الجميع بصورة سلبية, ما أدى إلى إبقاء الأوضاع على ما هي عليه, هذا التوجه أتاح للتيار الوطني الحر تبرير استغنائه عن المعركة لاستعادة حصته, فيما أكد استمرار إغلاق المجلس أمام عملية انتخاب الرئيس, وفي هذا الصدد, قرأت مصادر سياسية مخضرمة ما حدث بأنه رد فعل من "أبو مصطفى" على محاولات استهدافه من قبل الخارج, كما كان بمثابة جواب فعّال على الاقتراحات التي طرحها الوسيط الأمريكي, وذلك بعد ليلة من الرسائل المتبادلة التي شهدتها الساحة البيروتية.
باسيل ينهي التحالف مع حزب الله
في إطار خلط الأوراق, وبعد أن قاطع تكتل لبنان القوي جلسة انتخاب اللجان بناءً على اتفاق سابق مع رئيس المجلس, يبدو أن رئيس التيار الوطني الحر, جبران باسيل, يتجه نحو فك ارتباطه بتفاهم مار ميخائيل, مضرساً بذلك خطوطاً جديدة للتوازنات والمصالح السياسية على الساحة الداخلية, وقد اعتبر باسيل أن حزب الله هو من بدأ العدوان الحالي, محذراً من أن استمرار الأوضاع بهذا الشكل قد يفضي إلى فتنة قد تؤدي إلى تقسيم لبنان, وأعلن نهاية التحالف مع حزب الله قائلاً: "إذا كانت طهران ترغب في محاربة تل أبيب, فعليها أن تخوض المعركة بنفسها", وعليه, تأتي هذه المواقف في وقت يتصاعد فيه التوتر مع القوات اللبنانية.
الملايين في الملاجئ
بالتزامن مع مؤتمر عقده مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله, محمد عفيف, شهد يوم أمس تصعيداً في بيروت بعد فترة من الهدوء النسبي. حيث أعلن حزب الله استهداف تل أبيب وحيفا برشقات صاروخية, ما أسفر عن وقوع خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي المتوغل. في المقابل, شنت إسرائيل غارات متفرقة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق أخرى في لبنان.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 16 جندياً تم نقلهم إلى مستشفى زيف في صفد بعد إصابتهم في معارك جنوب لبنان, بينما أعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة 25 جندياً في الاشتباكات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بإطلاق 20 صاروخاً من لبنان باتجاه تل أبيب والجليل الأعلى وشمال الجولان.
كما أعلنت الجبهة الداخلية الإسرائيلية, التابعة لجيش الاحتلال, عن انطلاق صفارات الإنذار في مناطق وسط إسرائيل وتل أبيب الكبرى وقيساريا وهرتسليا وجنوب حيفا نتيجة إطلاق الصواريخ من لبنان. وقد اضطر نحو 4 ملايين إسرائيلي إلى الاحتماء في الملاجئ والغرف المحصنة.
الرد الإيراني والسرية التامة
وفيما أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن الطائرة المُسيّرة التي استهدفت منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أصابت نافذة غرفة نومه بدقة, تبنى حزب الله المسؤولية عن العملية, وفي هذا السياق, صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه على قائمة الأهداف التي ستُستهدف في إيران, بعد إجراء تعديلات عليها مع الحفاظ على سرية تامة, وذلك إثر تسريب وثيقتين أمريكيتين سريتين, مما أفشل الخطة السابقة. هذا التسريب قد يؤثر على حظوظ الحزب الديمقراطي في الانتخابات, خاصة مع الحديث عن فضيحة داخل مكتب وزير الدفاع الأمريكي.
خطة إغاثة
فيما يتعلق بأعمال الإغاثة, ورغم الخلافات المتزايدة بين الوزراء, وضعت الحكومة اللبنانية خطة ثلاثية للتعامل مع أزمة النزوح مع اقتراب فصل الشتاء.
تشمل الخطة أولاً تأمين وسائل التدفئة وتوفير مادة المازوت لمراكز الإيواء والمدارس الرسمية الواقعة على ارتفاع يتراوح بين 300 و500 متر عن سطح البحر.
ثانياً, تزويد المدارس الرسمية بوسائل التدفئة بعد ترميم وإصلاح مراكز الإيواء.
ثالثاً, توفير الملابس والاحتياجات الضرورية لتوزيعها على النازحين بالتعاون مع الجهات المانحة.
في هذه الأثناء, أبلغت شركة كهرباء لبنان الجهات المعنية أن تزويد مراكز الإيواء بالكهرباء سيفرض عليها تكاليف إضافية تُقدر بحوالي 50 مليون دولار.