كشفت مصادر رسمية أن المبادرة الفرنسية الخاصة بتنظيم مؤتمر لدعم لبنان, جاءت في ظل خلافات بين الرئاسة الفرنسية والإدارة الأميركية الحالية. وقالت المصادر إن باريس مصرّة على عقد الاجتماع في 24 الشهر الجاري, مشيرة إلى أن الخلافات بين الجانبين برزت بوضوح أثناء اجتماعات نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونقلت عن الرئيس نجيب ميقاتي, الذي التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون, بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن, أنه لمس تضارباً كبيراً بين الجانبين حيال كيفية التعامل مع الأزمة اللبنانية, وأن ماكرون عاود الاتصال بميقاتي لإبلاغه بأن موقف فرنسا من لبنان يحظى بدعم غالبية الدول الأوروبية, وأنه تلقّى اتصالات تضامنية؛ أبرزها من رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي أبلغته أن حكومتها قررت وقف تسليم الأسلحة لكيان الاحتلال.
وبحسب المصادر, تطرّقت المحادثات بين ماكرون وميقاتي الى امكانية فتح قنوات اضافية لمعالجة ملف الحرب على لبنان. وعرض الفرنسيون ورقة عمل تشمل التفاوض على مشروع متكامل يتضمن بنوداً تتصل بالقرار 1701. وبعد اطلاع ميقاتي على الورقة, تفاهم مع الجانب الفرنسي على ان هناك حاجة لإشراك ايران في التفاوض, نظراً الى دورها وموقعها وتأثيرها على حزب الله, ما دفع بالجانب الفرنسي الى إرسال رسالة حول المشروع الى الجانب الإيراني, وهو ما كان سبب حديث رئيس مجلس النواب الإيراني محمد باقر قاليباف حول الاستعداد للتعاون بين إيران وفرنسا بشأن تطبيق القرار 1701.
ولاحقاً, عندما عبّر الرئيس ميقاتي عن انزعاجه من تصريحات قاليباف, حصل تواصل بينه وبين المسؤولين الإيرانيين, وأبلغهم أن موقفه كان ضرورياً في ظل المناخ السياسي السائد في لبنان. وأبلغ ميقاتي الفرنسيين وجهات لبنانية بأنه قد يكون استعجل في إطلاق المواقف قبل الحصول على توضيحات من الجانب الإيراني, علماً أن طهران "قررت احترام العلاقات, ولم تشر الى أن موقف قاليباف جاء في سياق التفاعل مع المقترح الفرنسي".
اما بشأن مؤتمر باريس, فقد علمت "الأخبار" أن الاتفاق بين ميقاتي والرئاسة الفرنسية يشتمل على طلب مليار دولار من الدول المانحة لتمويل الجيش اللبناني, إضافة الى 428 مليون دولار لمعالجة ملف الإغاثة, و400 مليون دولار للخدمات المقدّمة من الدولة.
وفي ظل التنافس الأميركي – الفرنسي حول إدارة ملف لبنان, وإصرار الولايات المتحدة على استخدام ملف المساعدات كورقة ضغط على لبنان للقبول بشروط العدو, دعت مصادر مطلعة الى عدم التعويل كثيراً على نتائج المؤتمر, وسط مؤشرات بأن المؤسسات المانحة ليست في وضع يسمح لها بتلبية ما يحتاج إليه لبنان, ولا سيما أن الأمر يتطلب ضغطاً سياسياً. وقالت المصادر إن المقّدر فعلياً هو الحصول على 185 مليون دولار من الأميركيين و50 مليون دولار من الأوروبيين, بينما من غير المعروف كيف سيكون تجاوب الآخرين مع ما يحتاج إليه لبنان.
وقرر لبنان تشكيل وفد الى المؤتمر برئاسة ميقاتي, ومشاركة الوزراء: عباس الحاج حسن وعبد الله بوحبيب وناصر ياسين. وأبلغ رئيس الحكومة الوزراء الآخرين بأنه في حال طلب مشاركتهم يمكنهم الانضمام عبر تقنيات الهواتف من خارج القاعة. وعلمت "الأخبار" أن الرئيس الفرنسي اتصل ببري ودعاه إلى حضور المؤتمر, لكن الأخير اعتذر وقال إن "رئيس الحكومة يمثلني ويمثل لبنان".
وفي السياق, دعت الخارجية الفرنسية إيران إلى المساهمة بشكل كامل في الجهود الرامية إلى حل الأزمة في لبنان. وكشف الناطق باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان أن "بلاده تجري حواراً صعباً مع طهران كي تنخرط في عملية تؤدي إلى وقف إطلاق النار في لبنان".
الاخبار