في ظل تصاعد التكهنات حول استخدام إسرائيل لقنابل تحتوي على اليورانيوم المنضب في عمليات القصف على لبنان, أعلنت الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية, في تصريح خاص لصحيفة "الشرق", أنها أخذت عينات من موقعين تعرضا للقصف الإسرائيلي, لكنها فضلت التريث في إصدار حكم نهائي بانتظار ظهور نتائج الفحوصات.
ويأتي هذا التريث بعد أن اعتبرت نقابة الكيميائيين في لبنان أن "حجم الدمار واختراق المباني والأرض لعشرات الأمتار دليل على استخدام قنابل تحتوي على اليورانيوم المنضب". وأشار خبراء غربيون مستقلون إلى أن هذه الأدلة تتوافق مع الأسلحة الأميركية, مثل BLU137/B, التي استخدمتها إسرائيل في ضربات على مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت, وتحتوي على مزيج من المتفجرات واليورانيوم المنضب.
وفي هذا السياق, أوضح مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية, بلال نصولي, أن الهيئة, بالتعاون مع فوج الهندسة التابع للجيش اللبناني, تمكنت من الوصول إلى موقعين مشبوهين لأخذ العينات, بما في ذلك موقع استهداف أمين عام حزب الله, حسن نصر الله, في الضاحية الجنوبية. لكنه أشار إلى أن النتائج الأولية تتطلب عدة أيام للتحليل, وأن هذه النتائج ستكون شبه نهائية وتحتاج إلى تأكيد من عينات أخرى.
كما أكد نصولي على رصد "استخدام واسع النطاق للفوسفور الأبيض" في الجنوب والبقاع, مشيراً إلى اعتراف إسرائيل باستخدام قنابل مضادة للتحصينات, والتي قد تحتوي على اليورانيوم المنضب, رغم أن هذا النوع من القنابل يستخدم عادة في استهداف الدروع وليس التحصينات.
كذلك, أظهرت الأبحاث التي أجرتها الهيئة بالتعاون مع الجيش اللبناني, نوعية المتفجرات "غير الاعتيادية" التي استخدمت في تفجيرات وقعت في 17 أيلول الماضي, موضحاً أن هذه المتفجرات تشكل خليطاً معقداً من المواد الكيميائية شديدة الفعالية.
وفي سياق متصل, تصاعدت الدعوات من قبل وزارة الصحة اللبنانية لإجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من صحة التقارير حول استخدام الفوسفور الأبيض, فيما أكدت الوزارة أنها ستتقدم بشكوى ضد إسرائيل بتهمة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً بناءً على معلومات موثوقة.
من جهتها, أكدت نقابة الكيميائيين في لبنان أن استخدام هذه الأنواع من الأسلحة المحرمة دولياً, خاصة في المناطق المكتظة بالسكان مثل بيروت, يؤدي إلى دمار كبير ويؤثر سلباً على الصحة العامة, حيث يمكن أن يتسبب غبارها في العديد من الأمراض.
وقد رصدت تقارير متعلقة باستخدام قنابل محملة باليورانيوم المنضب في النزاعات السابقة في غزة ولبنان, حيث أشارت تقارير إلى أن إسرائيل تلقت شحنات كبيرة من الأسلحة الأميركية بعد اندلاع الأحداث الأخيرة في 7 تشرين الأول 2023. وتحدث باحثون مستقلون عن استخدام الجيل الثالث من الأسلحة الأميركية BLU137/B في الضربات العسكرية, والتي تحتوي على مزيج من المتفجرات واليورانيوم المنضب.
فيما يتعلق بالتحقيقات الدولية, أوضح الأسترالي كريس سيدوتي, عضو لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة, أن اللجنة تلقت طلباً من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقق من استخدام الأسلحة, لكنها تواجه صعوبات في بدء هذه التحقيقات بسبب نقص الموارد المالية.
وفي ضوء ما يحدث, أعربت منظمات حقوقية عن قلقها إزاء استخدام أسلحة شديدة القوة في المناطق السكنية, محذرة من أن الضرر الناتج عن تلك الأسلحة يتجاوز الحدود الجغرافية, حيث يمكن أن تمتد المخلفات إلى الدول المجاورة, مما يستدعي إجراء دراسات علمية دقيقة لتقييم الأثر البيئي والصحي.
تظل قضية استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في النزاعات مستمرة, مع تأكيد المؤسسات اللبنانية والدولية على ضرورة التحقق من المعلومات وتقديم الأدلة اللازمة لإدانة أي استخدام غير مشروع لهذه الأنواع من الأسلحة.
(الشرق)