لأول مرة على صعيد السلطة اللبنانية يقف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بوجه الوصاية الإيرانية التي تجده إيران على فرضها على لبنان, فلم يعد الرئيس الايراني واعوانه يخجلون من الإطاحة بسيادة لبنان وسلامة أراضيه وكأنه نصب نفسه ولياً على لبنان.
اتخذ ميقاتي موقف رجل الدولة الشجاع ورفع الصوت في وجه رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف الذي نصّب نفسه وليّا على لبنان في العلن مؤكدا في حديث ادلى به الى صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية "ان طهران مستعدة للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701".
وذهب ميقاتي في خطوته الجريئة ابعد من الموقف,الذي اعتبر فيه ان الكلام الايراني المستغرب يشكل تدخلا فاضحا في الشأن اللبناني, ومحاولة لتكريس وصاية مرفوضة على لبنان, فطلب من وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب استدعاء القائم باعمال السفارة الايرانية في بيروت والاستفسار منه عن حديث رئيس البرلمان الإيراني, الذي تملصت طهران منه لاحقا معلنة ان ما نشر على لسان قاليباف غير صحيح, علما ان الصحيفة الفرنسية المذكورة من اعرق وسائل الاعلام الفرنسية ولم تقدم يوما على تحريف كلام لاي مسؤول.
رد ميقاتي على قاليباف لاقى اصداء ايجابية في الداخل اللبناني فأصدر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع, البيان التالي: "ما صرّح به الرئيس نجيب ميقاتي اليوم تعليقا على كلام رئيس البرلمان الإيراني يُعطينا بصيص أمل بأن الدولة اللبنانية, ولو بعد خراب البصرة ويا للأسف, بدأت تتحمّل مسؤولياتها. إن ما أدلى به الرئيس ميقاتي صباح اليوم يعبِّر عن وجهة نظر كل لبناني صميم, ونتمنى لو يُكمل الرئيس ميقاتي ويقول إن الحكومة اللبنانية تطلب وقفا لإطلاق النار على أساس تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي 1559, 1680 و1701, لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة لوقف المجازر المستمرة في لبنان منذ نحو شهرين".
وأعلن تكتل "الاعتدال الوطني" "وقوفه خلف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في موقفه الوطني المسؤول الرافض للتدخل الإيراني الفاضح في الشأن اللبناني, بعد الموقف المنسوب لرئيس البرلمان الإيراني عن "ان طهران مستعدة للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق القرار 1701".واكد في بيان, ان "ما قاله ميقاتي هو لسان حال كل لبناني ضاق ذرعاً من السياسات الإيرانية والخارجية التي لم تأتِ إلا بالويلات والخراب على لبنان, في إصرارها الدائم على محاولة الهيمنة والوصاية على القرار اللبناني, وتوريطه في أجندات تحقق مصالحها ولا تكترث لمصلحة لبنان واللبنانيين".
اما كتلة "تجدد" , فاعتبرت أن "الموقف الذي أعلنه رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف, بأن إيران مستعدة للتفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار 1701, يتجاوز خرق الأصول الدبلوماسية والأعراف, إلى ممارسة وصاية مرفوضة طالما حذرنا منها". وأشارت في بيان الى ان "ما قاله قاليباف يؤكد المؤكد, وهو أن إيران لا تأبه لمصلحة لبنان وحياة اللبنانيين, بل تستبيح سيادته, وتسعى دائماً لتحويله إلى ورقة تفاوض لتعزيز نفوذها الإقليمي على أشلاء اللبنانيين ومستقبل بلدهم". وأكدت الكتلة "ان موقف رئيس الحكومة الرافض لمواقف قاليباف ضروري وإن متأخراً, لكنه غير كاف, والمطلوب استعادة القرار السيادي كاملاً, واتخاذ القرار بوقف الحرب وحماية لبنان, ونشر الجيش اللبناني على الخط الأزرق وكامل الحدود, والبدء فوراً بمسار تطبيق القرارات الدولية كافة, واتفاق الطائف واتفاق الهدنة".
وتوازيا ومع وصول رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني الى بيروت اليوم, اعلن قصر الاليزيه ان الرئيس ايمانويل ماكرون سيبحث مع قادة أميركا وألمانيا وبريطانيا وقف النار في غزة ولبنان, في حين توقعت مصادر دبلوماسية أن يزور وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن المنطقة في جولة جديدة تعقب مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار, سعيا لدفع جهود وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس قدماً.
في المقابل, أجرى رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو مشاورات أمنية مع وزير الدفاع يواف غالانت وعدد من وزراء حكومته تناولت الرد الإسرائيلي على إيران والأوضاع على جبهة لبنان. وشملت المناقشات ملف المخطوفين وإنجاز صفقة تبادل بعد تصفية السنوار.
في الغضون تواصلت الاتصالات السياسية الهادفة الى وقف اطلاق النار. اليوم تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري إتصالاً من مفوض السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي جوزيب بوريل, وتم البحث في أهمية التواصل لوقف إطلاق النار ليصار الى تطبيق القرار الأممي 1701 وإنتخاب رئيس للجمهورية. وشكر بري لفرنسا والإتحاد الأوروبي "تنظيم المؤتمر الدولي المنوي عقده في باريس لمؤازرة لبنان إنسانيا وسياسيا لمواجهة التداعيات الناجمة جراء العدوان الاسرائيلي المتواصل على لبنان واللبنانيين والذي تسبب بنزوح اكثر من مليون ومئتي الف نازح لبناني".من جهة ثانية, تسلم الرئيس نبيه بري رسالة خطية من وزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو.
على خط آخر, أكد المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان "اليونيفيل" اندريا تيننتي أنه "تم استهداف القوات العاملة في جنوب لبنان عدة مرات, مشيرًا إلى أن 5 من هذه الاستهدافات تمت بشكل "متعمد".وقال في إحاطة اعلامية في جنيف: "مواقعنا استهدفت مرارًا في لبنان مما عرض قوات حفظ السلام للخطر". وكشف تيننتي أن "الدمار والخراب الذي لحق بالعديد من القرى في لبنان على طول الخط الأزرق وما بعده صادم", مشدداً على ضرورة بقاء القوات في لبنان, مؤكداً أن "معنويات قوات حفظ السلام لا تزال مرتفعة للغاية", وفق ما ذكرت وكالة "رويترز".وأكد العثور على استخدام محتمل لمادة الفوسفور الأبيض قرب إحدى القواعد, وقال: "عثرنا على أثر لاستخدام محتمل للفوسفور الأبيض قبل عدة أشهر بالقرب من إحدى قواعدنا".وقال تيننتي إن "طائرة مسيرة سقطت قبالة سواحل لبنان جاءت من الجنوب ودارت حول سفينتنا واقتربت لمسافة أمتار قليلة".وعندما سُئل عن إمكانية اللجوء للدفاع عن النفس ضد إسرائيل, قال تيننتي: "يمكن اللجوء إليه ولكن من المهم تهدئة التوتر".
اسرائيلياً, اشار وزير الطاقة الاسرائيلي ايلي كوهين إلى ان اتفاق الغاز مع لبنان كان خطأ, لافتا الى انه سيدرس الأدوات المتاحة لدينا لإلغائه. ونقل موقع واللا عن كوهين قوله: "ملتزمون بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية". وأضاف: "جميع الخيارات على الطاولة بما في ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية".
ميدانياً, تواصلت الاعتداءات الاسرائيلية بوتيرة أخف اليوم بعدما امطرت الغارات امس قرى البقاع والجنوب. وفي حين شهد البقاع هدوءا تاما , تواصلت الغارات والقصف جنوبا, اذ أغار الطيران الحربي على كفررمان والخيام وعيتا الشعب والشهابية وجبشيت وحاروف والدويروالأنصار ومحيط بلدة الشعيتية والزرارية والمروانية. وأفيد عن سقوط شهيدين في بلدة الزرارية نتيجة الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدخل وادي خليل. كما أدت الغارة على بلدة جويا الى سقوط ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى. وادت الغارة على أنصار إلى مقتل شخصين, أما الغارة على مبنى في زوطر الشرقية فأدّت الى سقوط شهيد.
من جهته, أعلن حزب الله إستهداف مستعمرة زفلون بصلية صاروخية كبيرة, وتجمع لِجُنُود إِسرائيليين في محيط بلدة عيتا الشعب أثناء محاولتهم إجلاء الجنود الجرحى والقتلى برشقةٍ صاروخِيِّة, كما استهدف مجاهدو المقاومة الاسلامية ثكنة يوأف في الجولان السوري المحتل بصلية صاروخية.
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إصابة 13 جندياً في حادثة صعبة أمس حيث استهدفت مُسيّرة متفجرة قوة للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان, واشارت إلى أنه تم نقل 3 جنود مصابين خلال الليل من المواجهات في لبنان إلى مركز زيف الطبي. إلى ذلك, قامت مسيّرة بإختراق أجواء إسرائيل من منطقة رأس الناقورة جنوب لبنان مما أدى إلى دوي صفارات النذار خشية تسلل مزيد من المسيرات. وفي هذا السياق, أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم اعتراض مسيرة من لبنان باتجاه الجليل الغربي صباح اليوم وفي وقت سابق,أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم رصد إطلاق 15 صاروخا من لبنان تجاه خليج حيفا, فيما أشارت وسائل إعلام اسرائيلية عن إطلاق 10 قذائف من لبنان باتجاه الجليل الغربي وأكدت أنه تم إعتراضها.
أمنياً, حذرت قيادة الجيش ان العدو الإسرائيلي لا يزال ممعنًا في اعتداءاته الوحشية التي تشمل مختلف المناطق اللبنانية دون تمييز. هذه الاعتداءات ليست محصورة بالعمليات العسكرية فقط, إنما تتعداها إلى الحرب النفسية التي يشنّها العدو بهدف التحريض وإيقاع الفتنة بين اللبنانيين, عبر بث الشائعات التي من شأنها خلق توتر بينهم. لذا ينبغي التنبّه لمخططات العدو والتحلي بالوعي والمسؤولية. يسعى الجيش لدحض هذه الشائعات المعادية وقطع الطريق على الفتنة وملاحقة مطلقيها".