تشير التوقعات الاقتصادية الحالية إلى احتمال انكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة 6% نتيجة الحرب القائمة والظروف السياسية والاجتماعية الصعبة. هذا الانكماش يشكل مصدر قلق كبير للعديد من المراقبين والمحللين, حيث يمكن أن تترتب عليه تداعيات سلبية جسيمة على استقرار سعر صرف الدولار في البلاد.
في هذا الإطار, أكّد الخبير الاقتصادي أنطوان فرح, أن "المنحى التصعيدي الذي اتخذته الحرب منذ اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله, انعكس بشكل مباشر وسريع على الوضع الاقتصادي والحركة الاقتصادية".
وفي حديث إلى "ليبانون ديبايت", قال فرح: "خلال الأشهر التي سبقت هذا الحدث, كانت الحرب تأخذ طابعًا جزئيًا في الجنوب, وكانت تؤثر على الاقتصاد بنسبة معقولة, إلا أن التصعيد الأخير جعل معظم القطاعات الاقتصادية تواجه حالة من الجمود والركود. فبعد أن كانت التأثيرات تقتصر على قطاعات معينة مثل القطاع السياحي, أصبح الركود يطال معظم القطاعات تقريبًا, باستثناء قطاع المواد الغذائية وقطاع المحروقات إلى حد ما".
وأضاف, "قدّر البعض حجم هذا الجمود بنسبة تتراوح بين 90-95%, ما يعني أن هناك مؤسسات أصبحت شبه متوقفة عن العمل, وتعاني من تكاليف تشغيلية تهدد استمراريتها. هذه المؤسسات قد تلجأ في أي لحظة إلى خفض الرواتب أو تقليص عدد الموظفين, أو ربما كلا الأمرين معًا".
وتابع, "إذا ما طالت فترة الحرب, قد تلجأ بعض هذه المؤسسات إلى إعلان إفلاسها, نظرًا لعدم قدرتها المالية على الصمود وعدم توفر إمكانية الحصول على قروض من القطاع المصرفي بعد توقف العمليات المصرفية عن منح القروض".
واعتبر أن "هذا الواقع يجعل الكثير من المستثمرين وأصحاب المؤسسات يفكرون في إغلاق أعمالهم, ما يؤدي إلى أزمة أكبر تتمثل في زيادة معدلات البطالة. هذه الزيادة في البطالة تعني انخفاض دخل الأفراد, وبالتالي تراجع الاستهلاك, ما يؤدي إلى دخول الاقتصاد في حلقة مفرغة من الركود. هذا الركود سينعكس على إيرادات الدولة, التي تعتمد على الحركة الاقتصادية لتحصيل الرسوم والضرائب".
وأردف, "الحرب تؤدي إلى تراجع قدرة المواطنين والمؤسسات على دفع الضرائب, حتى تلك التي لا ترتبط بشكل مباشر بالحركة الاقتصادية. وهذا يؤدي إلى انخفاض كبير في إيرادات الدولة, ما يضعها أمام تحدٍ كبير في دفع الكلفة التشغيلية, لا سيما رواتب موظفي القطاع العام.
واستكمل, "في ظل غياب الإيرادات, يبرز السؤال حول كيفية تمويل الدولة لعملياتها وإنفاقها على الحرب ورواتب الموظفين. فهل ستلجأ الدولة إلى طباعة العملة؟ وفي حال لجأت إلى ذلك, فإن ضخ كميات من الليرة في السوق سيؤدي إلى انهيار جديد في سعر الصرف, وبالتالي ندخل في خطر انهيار سعر الصرف مجددًا".
أما إذا لم يتم هذا الأمر, ولجأت الدولة إلى سحب الدولارات من مصرف لبنان, يعتبر فرح أن "الخطر سيكون أكبر. أولًا, ستتم إعادة السحوبات من الدولارات على حساب الملكية الخاصة للمودعين. ثانيًا, سيصبح من الصعب إيجاد حل أو علاج لقضية المودعين بعد انتهاء الأزمة".