في خضم الأزمة المالية التي يمر بها لبنان منذ عام 2019, تبرز قضايا عديدة تسلط الضوء على الفساد وتورط شخصيات بارزة في التلاعب بالمال العام, من بينهم المحاميان ميشال تويني ومروان عيس الخوري, اللذان اتُّهما بالاشتراك مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في سرقة واختلاس المال العام. وعلى الرغم من جهود القضاء للوصول إلى العدالة, فإن الأمور تبدو عالقة بسبب العرقلة المتعمدة من قبل نقيب المحامين, فادي المصري.
حدد قاضي التحقيق الأول في بيروت, بلال حلاوي, جلسة بالأمس لاستكمال التحقيقات في قضية اختلاس وسرقة 52 مليون دولار من مصرف لبنان, حيث تم استدعاء المحاميين ميشال تويني ومروان عيس الخوري كمدعى عليهما بتهم اختلاس أموال عامة وسرقة أموال مؤسسة حكومية تورط فيها المحاميان مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في "حساب الاستشارات". ومع ذلك, لم تُعقد الجلسة بسبب مماطلة نقيب المحامين فادي المصري, الذي يعرقل سير الملف لأسباب لا تزال غير واضحة, لكنها بالتأكيد لا تخدم العدالة, بل تعكس حساباته الشخصية والسياسية.
نقابة المحامين, التي تعتبر الجناح الثاني في مسيرة العدالة إلى جانب القضاء, باتت اليوم في عهد النقيب الحالي مسرحاً لضرب العدالة وتأخير الوصول إلى الحقيقة في قضية تمس معظم اللبنانيين. هذه القضية تتعلق بمصير ودائعهم التي تبخرت بسبب سياسات حاكم مصرف لبنان وشركائه, ومن بينهم المحاميان تويني وعيس الخوري.
المماطلة التي اعتمدها نقيب المحامين في إعطاء الإذن لملاحقة المحاميين تويني وعيس الخوري أثارت الكثير من الشكوك حول نواياه. فقد استخدم كل الوسائل الممكنة لتأخير هذا الإذن. وبعد منحه أخيراً, استمر في تعطيل التحقيق من خلال تأجيل إصدار إذن التوكيل لمحامي المصرف المركزي, الذي ينتظر منذ 17 يوماً ليكون مدعياً ضد المحاميين المذكورين.
اللافت في هذا السياق أن إعطاء إذن التوكيل يُعد إجراءً روتينياً, ولا يحق لنقيب المحامين الامتناع عن إصداره. بل إن أحد المحاميين أبلغ نقابته كتابةً أنه لا يعترض على أن يتوكل محامي مصرف لبنان ضده, مما يزيد من الشكوك حول دوافع النقيب المصري.
المماطلة التي أدت إلى تأجيل جلسة التحقيق تعرقل مسار العدالة, وتبدو كمحاولة مكشوفة لمساعدة المحاميين على الإفلات من الملاحقة القانونية والتوقيف.
النقيب المصري, الذي ينتمي إلى التيار "السيادي" الذي ينادي بالمحاسبة والشفافية, كشفت ممارساته في هذا الملف الهام زيف هذه الادعاءات. يظهر وكأنه يحاول حماية المتورطين في سرقة أموال اللبنانيين, ضارباً بعرض الحائط حقوق الناس, خاصة المودعين الذين تم السطو على أموالهم.