يرى خبراء أن اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل , التعاون مع إيران, ينطوي على إستراتيجية دبلوماسية غير تقليدية, حيث يسعى لتغيير دور إيران في المنطقة من طرف في النزاعات إلى شريكة في التهدئة الإقليمية.
وقال الخبير الفرنسي في الشؤون الإيرانية جان بيير فيلو لـ"إرم نيوز", إن "أوروبا تعلم جيدًا أن "فك ارتباط" إيران عن حلفائها في المنطقة قد يكون أمرًا صعب التحقيق".
وأضاف: "لن تتخلى بسهولة عن نفوذها الذي بَنته على مدى سنوات, لكن قد تقبل بلعب دور معتدل إذا كانت هناك فوائد اقتصادية وسياسية حقيقية".
وشهدت العلاقات الأوروبية الإيرانية تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة, خاصة في ظل الجهود الدولية لتهدئة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط.
وبرز اقتراح كجزء من هذه الجهود, وهو اقتراح يعكس رؤية تهدف إلى تحويل إيران من لاعب مباشر في الأزمات الإقليمية إلى وسيط في محاولات المجتمع الدولي لإخمادها.
ورأى الخبير الفرنسي أن هذه الخطوة قد تبدو طموحة بالنظر إلى العلاقات المتوترة التي تجمع إيران بالعديد من الدول في المنطقة, بالإضافة إلى دعمها للفصائل والميليشيات المسلحة, التي تعتبرها أوروبا مصدرًا للتوتر المستمر.
وأوضح أن "فكرة إشراك إيران في تسوية الأزمات ليست جديدة تمامًا, بل هي جزء من رؤية أوسع لإعادة دمج إيران في المجتمع الدولي بعد الاتفاق ".
فك الارتباط مع أذرعها أم ترويض نفوذها؟
أحد الأسئلة الرئيسية التي يطرحها المحللون هو ما إذا كانت أوروبا تسعى بالفعل إلى فك ارتباط إيران بأذرعها الإقليمية, مثل "حزب الله" في لبنان أو "الحوثيين" في اليمن, أم أنها تهدف فقط إلى "ترويض" هذا النفوذ بطريقة تقلل من تأثيره السلبي.
ويعتقد الباحث في معهد العلاقات الدولية, فرنسوا هوبير, في حديث لـ"إرم نيوز", أن "أوروبا لا تهدف بالضرورة إلى تقليص النفوذ الإيراني بالكامل, بل إلى إيجاد صيغة تجعل هذا النفوذ متوافقًا مع الأهداف الدولية للاستقرار في المنطقة".
وقال هوبير إن "ما تريده أوروبا هو نوع من التوازن, حيث يمكن لإيران أن تستفيد من دورها الإقليمي, دون أن تكون عقبة أمام استقرار المنطقة".
ووفقًا لاقتراح ماكرون, يمكن لإيران أن تؤدي دورًا مختلفًا تمامًا عن الدور الذي تلعبه حاليًا, فقد أشار إلى أن إيران بإمكانها المساعدة على تهدئة الأزمات, من خلال العمل كوسيط دولي بدلًا من كونها طرفًا في النزاعات.
واعتبر أن هذه الرؤية تتطلب من طهران التخلي عن بعض إستراتيجياتها الحالية, مثل دعم الميليشيات المسلحة والانخراط في الصراعات بشكل مباشر.
وتعليقاً على ذلك, رأى الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أوليفييه دوراند في حديث لـ"إرم نيوز" أن هذا الاقتراح يضع إيران أمام خيار صعب, مضيفًا أنه "إما أن تستمر في لعب دور الفاعل المباشر في الأزمات, وهو ما يعزلها دوليًا, أو تقبل بأن تكون وسيطًا دوليًا؛ ما يعيدها إلى الساحة الدبلوماسية العالمية".
وأضاف أنه "بالرغم من الطموحات التي يحملها هذا الاقتراح, إلا أن هناك تحديات كبيرة أمام تطبيقه", مشيرًا إلى أن بعض الدول الأوروبية تتساءل حول مدى قدرة إيران على التحول إلى وسيط نزيه في النزاعات التي كانت جزءًا منها لسنوات.
وقال دوراند إن العلاقة بين طهران والولايات المتحدة, التي تتسم بالتوترات المستمرة, تظل عائقًا أمام أي جهود أوروبية لإعادة إيران إلى الساحة الدولية.
وأشار إلى أن رؤية أوروبا لإيران تبقى محكومة بالتوازن الدقيق بين السعي لتقليص نفوذها الإقليمي والمحافظة على استقرار المنطقة.