خاص "الرأي"
في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد لبنان, والتي لم تفلح الجهود المبذولة لوقفها حتى اللحظة, ومع انتظارات متزايدة للرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير, أعلنت السلطات الإسرائيلية عن اغتيال يحيى السنوار, زعيم حركة "حماس", في مدينة رفح. ورغم ذلك, لم تصدر الحركة حتى الآن أي تأكيد رسمي بشأن هذا الخبر, سواء بالتأكيد أو النفي.
في حين غابت الضربات الإسرائيلية عن ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعات الماضية, استمرت الغارات على المناطق الجنوبية والبقاع, مما أسفر عن سقوط عدد إضافي من الشهداء والجرحى وتدمير مزيد من الممتلكات.
في المقابل, تمكنت المقاومة من قتل ضابطين وثلاثة جنود إسرائيليين في الاشتباكات على الحدود, بينما لم تُسجل أي تحركات على الصعيدين الإقليمي والدولي للتوصل إلى وقف إطلاق النار, باستثناء بعض التصريحات الضعيفة التي دعت لذلك.
اغتيال السنوار "بالصدفة"
على الرغم من أن مقتل يحيى السنوار, الذي تعتبره تل أبيب من أبرز أهدافها, ليس بالأمر المفاجئ, إلا أن ما يُثير الانتباه هو أنه لقي مصرعه وهو يرتدي بزته العسكرية, حيث كان يتواجه مع جنود الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في فجر الخميس بحي تل السلطان في رفح, دون أن يدرك هؤلاء هويته.
وفقاً للرواية الإسرائيلية, جرت الأحداث بشكل "عشوائي" و"بالصدفة", حيث رُصد ثلاثة من مقاتلي "القسام" في أحد المباني خلال عملية روتينية, مما أدى إلى اندلاع معركة معهم, وبما أن الجنود الإسرائيليين لم يتمكنوا من التفوق عليهم في تبادل النيران, استخدموا دبابة لاستهداف المبنى, مما أسفر عن تدميره وقتل المجموعة.
وفي الصباح, وعند استكشاف الموقع, اشتبه الجنود أن إحدى الجثث قد تكون لشخصية قيادية من "حماس", وبعد الفحص الدقيق, أعلنت وسائل الإعلام العبرية الخبر: "قُتل يحيى السنوار", إلى جانب مسؤولين آخرين في الحركة, وهما محمود حمدان وهاني حميدان.
مواصلة التحذيرات
خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية, سقط 45 شهيداً وجرح 179 آخرون, في وقت شهدت فيه التحذيرات الإسرائيلية تزايداً ملحوظاً. حيث انتقلت هذه التحذيرات من الضاحية الجنوبية, مطالبة بإخلاء مبانٍ معينة قبل استهدافها, لتشمل مناطق وقرى في البقاع والجنوب والشوف, والتي وُجّهت إليها الغارات فيما بعد.
أفادت التقارير بأن اتصالات هاتفية شملت مواطنين ومسؤولين ورؤساء بلديات, بل وحتى قضاة وسفارات ومكاتب إعلامية, تضمنت تحذيرات ثبت أنها غير صحيحة, إلا أنها أدت إلى فزع عام بين السكان.
وقد كان لاستهداف بلدة الوردانية في قضاء الشوف بغارتين تأثير كبير, حيث شهدت البلدة حركة نزوح ملحوظة.
كما شملت الغارات مناطق تمنين الفوقا وسرعين التحتا شرق بعلبك, إضافة إلى بلدة سرعين, فضلاً عن استهداف منطقة الحوش في صور والبرج الشمالي مرتين. تم تحذير سكان العباسية وطيردبا أيضاً جراء القصف الذي تعرضتا له.
لا خيار إلا القتال
أكد النائب حسن فضل الله أن رغم كثافة النيران والغارات العسكرية, وزج الجيش الإسرائيلي نخبة قواته, فإن المقاومة ما زالت تتصدى في المناطق التي يتسلل إليها العدو, مستهدفة تجمعات جنوده في فلسطين المحتلة. وأشار إلى أن العدو يعتمد سياسة الأرض المحروقة, خاصة على الحدود, حيث يسعى لإنشاء منطقة عازلة, مشدداً على أن المشروع الحقيقي هو جعل جنوب الليطاني تابعاً له, وهو ما ستفشل فيه المقاومة.
وأضاف: "لا خيار أمامنا في لبنان سوى السواعد المقاوِمة وما تفرضه من حقائق في الميدان, وغير ذلك ليس إلا رهانات على سراب, فالمجتمع الدولي لا يتحرك ولا الدول المهيمنة على العالم". وواصل حديثه قائلاً: "ظنوا أن باغتيال قائدنا وارتكاب الجرائم ضد شعبنا سيتمكنون من تحقيق أهدافهم, لكن المقاومة دخلت مرحلة جديدة من التصدي للعدوان".
ووجه رسالة للذين يعتقدون في قدرة العدو على تحقيق ما يريد, قائلاً: "الأمور بخواتيمها, وندعو شعبنا إلى عدم الانجراف وراء الأكاذيب والمخططات المحرضة التي تروج لوهم الاستقرار في لبنان دون مقاومة".
لقاءات بري
في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة, التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري برئيس الحكومة نجيب ميقاتي, حيث تم بحث المستجدات السياسية والميدانية في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان, بالإضافة إلى ملف النازحين. كما استقبل رئيس المجلس سفير فرنسا, هيرفيه ماغرو, وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأوضاع في لبنان والمستجدات السياسية, إضافة إلى مناقشة أجواء التحضيرات للمؤتمر الدولي الذي تعتزم فرنسا تنظيمه دعماً للبنان.
روسيا تحذّر إسرائيل
بينما تتهيأ إسرائيل لتنفيذ ضربات ضد إيران, التي تستعد بدورها للرد على هذه الهجمات, تزايدت المخاوف من إمكانية انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة. وفي هذا السياق, نقلت وكالة "تاس" الروسية تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي, ميخائيل بوغدانوف, حيث حذر قائلاً: "نحذر إسرائيل من مجرد التفكير في استهداف المنشآت النووية الإيرانية".