يرى خبراء في العلاقات الدولية أن الأسابيع القليلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي الأنسب لإسرائيل لتنفيذ الضربة المنتظرة ضد إيران, لكنهم رجحوا أن يؤدي ذلك إلى توترات دولية على مستوى الأمن والاقتصاد, خاصة مع اقتراب تشكيل تحالف يضم روسيا والصين, وربما كوريا الشمالية وإيران.
وأوضح الخبراء, لـ"إرم نيوز", أن تأجيل الضربة لما بعد الانتخابات سيجعل "الرد" غير واضح؛ إذ تمتد الفترة بين الانتخابات وتسلم الرئيس الجديد منصبه شهرين؛ ما قد يؤدي إلى تغييرات تفرض حسابات جديدة.
كما أن أي ضربة قبل الانتخابات قد تحرج إدارة الرئيس جو بايدن, ما قد يصب بمصلحة المرشح الجمهوري دونالد ترامب, في ظل احتمالات ارتفاع أسعار النفط عالميًا, بحسب المحللين.
وقال الدكتور فراس إلياس, أستاذ الأمن القومي والدراسات الإيرانية بجامعة الموصل, إن "اللحظة الحالية هي الأنسب لإسرائيل للرد على إيران, إذ يمكنها الحصول على ضمانة أمريكية لدعم تل أبيب في حال كان الرد الإسرائيلي واسعًا وواجه ردًا قويًا من إيران".
وأشار إلياس, في تصريحاته لـ"إرم نيوز", إلى أن "هناك عدة أسباب تدفع إسرائيل للقيام بالرد قبل الانتخابات الأمريكية, أبرزها الدعم الأمريكي المقدم لإسرائيل, وخاصة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو, لتحقيق أهداف الحرب في غزة ولبنان؛ ما يعزز من فرص اتخاذ قرار الرد قبل دخول الأيام الحاسمة للانتخابات الرئاسية, حيث إن انتهاء الانتخابات ستعقبه فترة انتقالية حتى تسلّم الرئيس الجديد مهامه في يناير المقبل, وهي فترة طويلة قد تشهد تغيرات إقليمية ودولية تؤثر في الوضع".
وأوضح أن "يدرك جيدًا أن الوقت ليس في صالحه, لذا يضغط عبر المحادثات التي يديرها وزير دفاعه يوآف غالانت مع وزارة الدفاع الأمريكي, لعرض وجهات النظر الإسرائيلية وبنك الأهداف المحتمل للرد الإسرائيلي على إيران, بالإضافة إلى المحادثات المستمرة بين نتنياهو وبايدن".
وأضاف أن "بايدن يدرك أن معارضة رغبة نتنياهو في توسيع الرد الإسرائيلي وتقليص بنك الأهداف قد يؤثر في موقف اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة؛ ما قد يؤثر في فرص المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس, خصوصًا أن هذا اللوبي يؤدي دورًا كبيرًا في الانتخابات الأمريكية, سواء بين الجالية اليهودية, أو على مستويات سياسية أخرى مهمة, مما قد يرجح كفة مرشح على آخر".
بدوره, أكد الدكتور حامد الصراف, الخبير في العلاقات الدولية, أن "الوضع الدولي والإقليمي في الشرق الأوسط, في ظل المواجهة بين إسرائيل وإيران, يتيح فرصة لتنفيذ الضربة الإسرائيلية في هذه الفترة, رغم التردد الأمريكي بسبب تأثيرها المحتمل على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة".
وقال الصراف لـ"إرم نيوز", إن "الرئيس الأمريكي جو ونائبته كامالا هاريس قد لا يتمكنان من التعامل مع تداعيات هذه الضربة, خصوصًا أن الدولة العميقة في الولايات المتحدة لا ترغب في خوض هذه الحرب, لعدة أسباب, منها احتمال تعرض القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط لهجمات انتقامية من إيران, ما قد يضر بمصالح واشنطن بشكل كبير".
ويؤكد الصراف أن "نتنياهو يسعى لجرّ الولايات المتحدة إلى هذه المواجهة, مستغلًا ضعف قدرة بايدن على اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الحرب", مضيفاً "قد يراهن نتنياهو على إحراج الإدارة الأمريكية بتنفيذ الضربة, مما قد يؤثر سلبًا على موقف الديمقراطيين في الانتخابات, ويفتح المجال أمام فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب, الذي يعتبره نتنياهو داعمًا لطموحات إسرائيل التوسعية".
كما أوضح أن "الرد الإسرائيلي سيؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة, أبرزها ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير في حال إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز, الذي يمر منه 20% من الإنتاج العالمي".
وتابع أن "الرد الإيراني على أي ضربة إسرائيلية سيأخذ بعين الاعتبار تحالفًا رباعيًا يضم الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران", مشيرا إلى أن "هذا التحالف, في حال تصاعد الأوضاع, قد يسعى إلى تعطيل الانتخابات الأمريكية وإعادة ترتيب النظام العالمي نحو تعدد الأقطاب".
ولفت الصراف إلى أن "تأسيس هذا التحالف يأتي في وقت حساس يشهد نتائج لثلاثة نزاعات دولية هي الحرب في أوكرانيا وفشل الناتو في إلحاق هزيمة بروسيا, وفشل إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة في القضاء على حماس وحزب الله", بالإضافة إلى "التوتر المتزايد بين واشنطن وبكين حول استعادة الصين لتايوان", مؤكدا أن "هذه التطورات قد تؤثر على الخريطة السياسية للانتخابات الأمريكية, وكذلك على طبيعة وحجم الضربة المحتملة من جانب إسرائيل"