أربك استهداف حزب الله قاعدة للجيش الإسرائيلي في بنيامينا جنوب مدينة حيفا, حكومة تل أبيب التي باتت أمام ردّين لا ردّ واحد: الأول ضد إيران ردّا على عملية الصواريخ البالستية, والثاني ضد الحزب ردا على الحصيلة الكبيرة من القتلى والجرحى التي وقعت في صفوف الجيش الإسرائيلي في القاعدة التابعة للواء غولاني. ولا ريب أن المشهد العسكري يزداد تعقيدا مع تمدّد الحرب الإسرائيلية التي طالت أمس بلدة أيطو قرب إهدن, ومع عدم اليقين الذي يفرض إيقاعه لبنانيا, سواء لمرحلة الحرب وما بعدها أو لناحية مآل الاستحقاق الرئاسي الذي يدور منذ سنتين ونيف في حلقة مغلقة ليس من السهل تفكيكها.
في هذا السياق, لفتت زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى رئيس مجلس النواب نبيه بري وهي الثانية في غضون أسبوع. وعُلم أن الاجتماع كان مثمرا. إذ تبيّن أن الرجلين دخلا في صلب الاستحقاق الرئاسي وبعض التفاصيل بما يؤشر إلى نتائج ملموسة في المدى القصير, وتم الاتفاق بينهما على استمرار خطوط الاتصال مفتوحة. كما تناول الاجتماع الأوضاع الميدانية وضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار وما يملك لبنان من أوراق لتأمين الضغوط اللازمة على إسرائيل. كذلك حضر في اللقاء ملف اللبنانيين الذين هجّرتهم الحرب الاسرائيلية من أرضهم ودمّرت منازلهم في الجنوب والضاحية والبقاع. وتم البحث في مواجهة التحديات التي يفرضها التهجير ودور القوة الأمنية والجيش في طمأنة الناس.
وكانت معطيات سياسية قد تحدّثت عن اتجاه لمشاورات في مجلس النواب للوصول إلى مجموعة من الأسماء التوافقية, ربما اسمين أو ثلاثة, قادرة على جمع الـ٨٦ نائبا لافتتاح الجلسة الانتخابية, بحيث يصار إلى انتخاب واحد منها بنصاب الـ٨٦ في الجلسة الافتتاحية, وإلا بالغالبية البسيطة (٦٥ نائبا) في الجلسات اللاحقة حال تعثّر الجلسة الأولى. وتواجه هذه الاستشارات تحديات, من بينها تمسك القوات اللبنانية برفض أي صيغة مماثلة, واصرارها على أن يدعو بري إلى جلسة انتخابية بلا شروط مسبقة. لكن الوصول إلى الـ٨٦ نائبا, بلا القوات, قد يشكّل منعطفا وربما محطة مفصلية قد تقود إلى انتخاب الرئيس العتيد وإطلاق مرحلة سياسية جديدة.