مرحلة جديدة من الحرب بدأتها إسرائيل في العمق العميق للبنان, فلم يبقى محافظة لم تتعرض للقصف والاستهدافات بحجة حربها الدائرة مع حزب الله, وإسرائيل رغم اجرامها بقتل الأبرياء والأطفال لا تنفك بالقول أن حربها مع الحزب لا مع الشعب اللبناني.
فاليوم شهدنا تصعيداً خطيراً بدأ مع قصف المعيصرة في كسروان والكورة وبرجا في قضاء الشوف ما ينذر بأن لا حدود لهذه الحرب, ما خلف عشرات الجرحى والشهداء.
وتوازياً نشط العملاء والحقودين من نازحين سوريين يعيشون بيننا وعلى أرضنا وعلى حساب شعبنا, عمد عدد منهم على إثارة البلبة في عدد من المتن الجبلية البقاعية والجنوبية زاعميت أنهم من قبل العدو الاسرائيلي وأنهم يعطون مهلة للأهالي لإخلاء المنازل قبل قصف العدو لها, ما يحمل الشك في أن يكون هؤلاء إما عملاء واما حقودين يتربصون بأمن وأمان هؤلاء الأبرياء عملا بمشروع ما.
وفي وقت لا يفارق المسؤولون الايرانيون الاراضي اللبنانية حيث باتت بيروت محطة ثابتة على أجندتهم منذ شعورهم بانطلاق مساع رسمية جدية لوقف النار وفك مسار لبنان عن غزة, وصل رئيس مجلس الشورى الايراني محمد باقر قاليباف الى لبنان اليوم وقال قاليباف من المطار, حيث كان في استقباله, ممثل رئيس مجلس النواب النائب محمد خواجة والنائبان حسن عز الدين وابراهيم الموسوي: "أتيت بدعوة من رئيس مجلس النواب السيد نبيه بري وأنا احمل رسالة قائد الثورة الإسلامية ورئيس الجمهورية والشعب الايراني للشعب اللبناني والمقاومة. كما كنا دائما الى جانب الشعب اللبناني ومقاومته والحكومة اللبنانية. من هنا سأنطلق الى جنيف وسأحمل معي قضايا الشعبين اللبناني والفلسطيني المظلومين".
كما زار باقر قاليباف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على رأس وفد قبل ظهر اليوم في السرايا وخلال اللقاء أكد ميقاتي" ان اولويات الحكومة في هذه المرحلة هي العمل على وقف اطلاق النار ووقف العدوان الاسرائيلي والحفاظ على امن لبنان وسلامة ابنائه.
وشدد" على التزام لبنان بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز وجود الجيش في الجنوب, واجراء الاتصالات اللازمة مع دول القرار والامم المتحدة للضغط على اسرائيل لتنفيذ القرار كاملا".
وجال قاليباف ظهرا في موقع الغارة الاسرائيلية في البسطة يرافقه عدد من اعضاء كتلة الوفاء للمقاومة. واعلن في المناسبة "اننا نقدم كل الدعم للشعب اللبناني ونتمنى أن ينتصر وسنبقى الى جانبه في هذه الظروف الصعبة".
بعدها, زار عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقال بعد اللقاء: أتقدّم بالعزاء والمواساة للشعب اللبناني وأحمل معي رسالة من القيادة الإيرانيّة. اضاف: إيران تقف إلى جانب لبنان في كلّ الظروف الصعبة وسأتوجّه من هنا إلى جنيف لمقابلة رؤساء البرلمانات الدوليّة لأنقل مأساة الشعبين الفلسطيني واللبناني. وتابع: مستعدّون لتقديم المساعدات للنازحين تحت إشراف وإدارة حكوميّة كما سيكون هناك جسر جوي بين لبنان وإيران لتقديمها.
وتوازياً مع الحراك الايراني في لبنان, برزت خريطةُ طريقٍ وطنية للخروج من هذا الجهنّم الدموي والعسكري والسيادي, طرحها اليوم اللقاء الوطني الذي عقد في معراب تحت شعار "دفاعا عن لبنان", والتي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يعمل لوقف النار ويتعهد بتنفيذ الطائف والقرارات الدولية خصوصاً القرارات 1559, 1680 و1701 وفقاً لجميع مندرجاتها.
وفي ختام المؤتمر الذي شارك فيه ممثلون عن الكتائب وتجدد وشخصيات مستقلة, أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع "أننا نلتقي اليوم بعد أن بات واضحا لنا أن لبنان كسفينة تغرق لا ربان لها ولا دفة ويمر لبنان بأصعب أيام وأُدخل في أتون حرب جديدة ارتفعت وتيرتها تدريجياً مع اشتداد الدمار والنزوح وتقضي على البشر والحجر ما سبب ضرراً كبيراً للبنانيين". واردف "في هذه المرحلة, لا بد من استعادة هذه الدولة بعد تفكك الكيان وانهيار الهيكل على رؤوس الجميع واستمرار حروب مدمرة بسبب الهيمنة والسلاح والفساد وسيطرة قوى خارجية على قرار الحرب في لبنان, وتدخلها المباشر, المرفوض, عبر ادارة مباشرة للأعمال العسكرية استخدمت جزءاً من الشعب اللبناني في حروبها إما كأدوات قتالية أو كدروع بشرية.
ولكن لم يخرج لقاء معراب عن السياق ذاته لاجتماعات تكتل الجمهورية القوية باستثناء عدد قليل جداً من الضيوف لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
انعقد اللقاء ليتحول من لقاء جامع إلى اجتماع داخلي لتكتل الجمهورية القوية دون سواهم ويمكن وصفه ببساطة أنه اجتماع أهل البيت مع بعضهم البعض بحضور الضيوف ليس أكثر في ظل غياب سني, شيعي, درني, ونصف مسيحي عن اللقاء الذي أطلق عليه معراب ٢.
حضرت القوّات اللبنانيّة عبر قيادتها ونوابها, وحضر حزب الكتائب ممثلًا بـ"إيلي ماروني", والنائب ميشال ضاهر والنائب أشرف ريفي", في حين غاب التيّار الوطني الحرّ وغاب تيّار المردة, والثنائي الشيعي, وكتلة التغيير, والكتل الدرزيّة, والسنيّة, باستثناء ريفي, الذي لا يمثّل السنّة في لبنان.
في الموازاة, جرى اليوم إتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس بري تم خلاله التداول بالاوضاع الراهنة التي يمر بها لبنان والمساعي السياسية الرامية لوقف العدوان الإسرائيلي , حيث أكد رئيس المجلس على الموقف الرسمي اللبناني الذي تبنته الحكومة اللبنانية المُطالب بوقف فوري لإطلاق النار ونشر الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار الأممي 1701 , كما تطرق الاتصال للجهود التي تبذلها فرنسا مشكورة لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان لتجاوز الازمة الانسانية الناجمة عن نزوح أكثر من مليون و200 الف لبناني وكيفية مساعدة لبنان على إغاثتهم .بري جدد شكره لفرنسا ورئيسها على الجهود التي تبذلها على مختلف الأصعدة لدعم لبنان وشعبه في هذه المحنة .
ايضا وفي سياق المواكبة الدولية للتطورات اللبنانية, تلقى ميقاتي اليوم اتصالا من الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين تم خلاله البحث في سبل التوصل الى وقف اطلاق النار ووقف المواجهات العسكرية, للعودة الى البحث في حل سياسي متكامل ينطلق من تطبيق قرار مجلس الامن الرقم1701. وكان هوكشتاين اكد أن الولايات المتحدة لم تعط أي ضوء أخضر لأي عمليات عسكرية في لبنان, مشددا على أن الولايات المتحدة ملتزمة بتعزيز الجيش اللبناني ونشره في الجنوب.
في الاطار ذاته, أعرب البابا فرنسيس تأكيده على "حق جميع الدول في الوجود بسلام وأمان", مشددًا على "أهمية عدم الاعتداء على أراضي الدول واحترام سيادتها". ودعا البابا إلى "ضمان هذه السيادة من خلال السلام والحوار", مؤكدًا أن "الحرب والكراهية لا تجلبان إلا الموت والدمار للجميع", مناشدا "وقف فوري لإطلاق النار على جميع جبهات الحرب في الشرق الأوسط, بما في ذلك لبنان". وفي ختام كلمته, دعا البابا الجميع للصلاة من أجل اللبنانيين, وخاصة من أجل سكان الجنوب الذين أُجبروا على مغادرة قراهم, معربًا عن أمله في أن يعودوا قريبًا ليعيشوا في سلام.
ميدانياً, بقي استهداف الجيش الاسرائيلي لليونيفيل يتفاعل. بادانات دولية واسعة من فرنسا الى ايطاليا فاسبانيا مرورا بمجلس الامن, لهذه الضربات التي طلب الاميركيون من الاسرائيليين وضع حد لها. في الداخل, استنكر وزير الدفاع موريس سليم بشدة الاعتداءات التي تعرضت لها القوات الدولية العاملة في الجنوب على حفظ السلام , معتبرا ان هذه الاعتداءات ان دلت على شيء فهي تدل على ان العدو الاسرائيلي يضرب بالقرارات الدولية عرض الحائط وبالمهام السلمية لليونيفيل ما يفضح مرة جديدة حقيقته العدوانية ليس فقط ضد لبنان , بل كذلك ضد السلام والاستقرار في المنطقة كلها". واعتبر ان "مطالبة لبنان بوقف النار والتزامه تطبيق القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته يؤكد مرة جديدة ان لبنان لا يسعى الى الحرب , لكنه في المقابل لا يقبل باستمرار الاعتداءات الاجرامية الاسرائيلية التي تستهدف الابرياء في مناطق عدة" . واكد انه على "المجتمع الدولي ان يضغط بقوة على اسرائيل لارغامها على تطبيق القرار ١٧٠١ ووقف العدوان على لبنان", لافتاً الى ان "العدو الاسرائيلي لم يلتزم يوماً بهذا القرار الدولي منذ صدوره في العام ٢٠٠٦ ". وحيّا "التضحيات الكبيرة التي يقدمها الجيش اللبناني دفاعا عن سيادة لبنان وسلامة اراضيه في مسيرة عطاء ووفاء تتعمد بدماء شهداء الجيش الذي لم يبخل يوما في الشهادة, وقد قدم مزيدا من التضحيات باستشهاد جنديين على حاجز كفرا في الجنوب ووقوع عدد من الجرحى متمنيا لهم بالشفاء العاجل".
وعلى الارض, خيم الهدوء الحذر على الضاحية الجنوبية وبيروت في حين بقيت قرى الجنوب والبقاع تحت القصف, الذي يحصد قتلى وجرحى. اما الجديد اليوم فتمثل في غارة على بلدة ديربلا في قضاء البترون. كما استهدفت غارة منزل المواطن عبدالله عمرو في المعيصرة - كسروان حيث نقل عناصر الإسعاف في الدفاع المدني - جبيل عددا من الإصابات , بينها من هو بحالة حرجة , إلى مستشفى سيّدة ماريتيم ومستشفى سيّدة المعونات في جبيل. وافيد عن سقوط قتيل. وسجلت غارة إسرائيلية على مدخل برجا من جهة جدرا. واستهدفت غارة بلدة كفرملكي في منطقة اقليم التفاح.
من جانبه, أعلن حزب الله استهداف قوة مشاة إسرائيلية في خربة زرعيت بقذائف المدفعية وتحقيق إصابة مباشرة, ومصنع المواد المتفجرة في قاعدة 7200 جنوب حيفا بصلية من الصواريخ النوعية. واعلن انه قصف مدينة طبريا المحتلة بصلية صاروخية". واستهدف "تجمعا لجنود اسرائيل على أطراف بلدة بليدا برشقة صاروخية". وقال: استهدفنا تجمعاً لقوات العدو الإسرائيلي في مستعمرة المطلة بصلية صاروخية كبيرة. واستهدف "تجمعا لجنود العدو في مستعمرة كفريوفال بصلية صاروخية". واستهدف "قاعدة الاتصالات في كرن نفتالي برشقة صاروخية كبيرة". واستهدف "تجمعاً لجنود العدو في مستعمرتي خربة نفحا وكفر جلعادي بصلية صاروخية". وشن الحزب "هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضيّة على عين مرغليوت وأصابت أهدافها بدقة". واعلن "اننا استهدفنا تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في مسكفعام بقذائف المدفعية ".