بعد أسابيع من الدبلوماسية المكثفة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله, استقرت الولايات المتحدة على تغيير جذري في سياستها, حيث قررت السماح للصراع الدائر في لبنان بالاستمرار.
قبل أسبوعين, كانت الولايات المتحدة وفرنسا تدعوان لوقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا, لكن هذه الجهود تعثرت بعد اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله, وبدء العمليات البرية الإسرائيلية في الجنوب.
تراجع المسؤولون الأميركيون عن دعوتهم لوقف إطلاق النار, مشيرين إلى "تغير الظروف".
فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية, ماثيو ميلر, إن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في هجماتها التي تهدف إلى تدمير البنية التحتية لحزب الله, بهدف الوصول في النهاية إلى حل دبلوماسي.
يعكس هذا التحول تضارب الأهداف الأميركية بين احتواء الصراع المتزايد في الشرق الأوسط وإضعاف حزب الله المدعوم من إيران.
ورغم أن هذا النهج يعد عمليًا لكل من إسرائيل وأميركا, إلا أنه محفوف بالمخاطر, حيث قد يشجع الحملة العسكرية الإسرائيلية المتزايدة على اندلاع صراع أكبر.
يقول جون ألترمان, المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية, إن الولايات المتحدة ترغب في إضعاف قدرات حزب الله, لكن عليها أيضًا موازنة ذلك مع مخاطر خلق فراغ في لبنان أو إشعال حرب إقليمية.
ويضيف أن النهج الأميركي الحالي يبدو وكأنه محاولة لتوجيه الحملة العسكرية الإسرائيلية بشكل بناء.
انفجر القتال مجددًا عندما أطلقت حزب الله صواريخ على مواقع إسرائيلية عقب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الاول 2023, مما أدى إلى تصعيد الغارات الإسرائيلية على حزب الله.
ومع عدم إحراز تقدم في محادثات وقف إطلاق النار غير المباشرة بين إسرائيل وحماس, كثفت إسرائيل قصفها, موجهة ضربات مؤلمة للجماعة, بما في ذلك تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بها.
بعد اغتيال نصر الله, وصفته الولايات المتحدة بأنه "إجراء عادل", ومع ذلك, تجددت دعوات الرئيس بايدن لوقف إطلاق النار.
لكن حكومة نتنياهو نفذت اجتياحها البري, وتخلت الولايات المتحدة عن تلك الدعوات بسرعة, معبرة عن دعمها لحملة حليفتها إسرائيل.
في ظل عدم وجود أي محادثات ذات مغزى لوقف إطلاق النار, يخطط الإسرائيليون للاستمرار في عمليتهم في لبنان "لأسابيع إن لم يكن لأشهر", وفقًا لمصادر أوروبية مطلعة.
بالنسبة لواشنطن, هناك فوائد محتملة من الحملة الإسرائيلية, منها تقليص نفوذ طهران في المنطقة.
ومع ذلك, يبقى من الصعب تحقيق تغيير سياسي في لبنان, حيث يشعر اللبنانيون بالانزعاج من وجود حزب الله.
ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن الهدف النهائي هو تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701, الذي يهدف إلى الحفاظ على منطقة الحدود الجنوبية مع إسرائيل خالية من الأسلحة.
لكن المحللين يحذرون من أن استمرار القتال يزيد من خطر اندلاع حرب أوسع, خاصة في ظل التوترات القائمة مع إيران. بعيدًا عن هذا, تبرز المخاوف من أن يتحول لبنان إلى غزة أخرى, مما يعقد الوضع الإقليمي بشكل أكبر.