ذهب خبراء لبنانيون إلى أن انتخاب رئيس للجمهورية, ونشر الجيش اللبناني على الحدود هما أول بوادر حل الأزمة اللبنانية الراهنة, مؤكدين أن التطورات الأخيرة أثبتت أنه لا بد من دعم الجيش اللبناني ومنحه غطاءً سياسياً, وأن لا يقابله جيش آخر, وأن ينتشر على الحدود, ويحفظ الأمن والسلم الداخلي.
وأسفرت الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي رافقت منذ ما بعد الحرب الأهلية, عن ترهل مؤسسات الدولة, حيث تراجع دورها على حساب الأحزاب والطوائف.
وحالت الخلافات السياسية التي زادت حدتها بعد العام 2005, إثر اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري, وانسحاب الجيش السوري من لبنان, دون بناء مؤسسات قوية. وفي كل مرة عجز النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية دون تدخلات خارجية, وتفاهمات إقليمية, وبعد تعديل الدستور, وإقرار وثيقة اتفاق الطائف, تراجعت صلاحيات رئيس الجمهورية, إلا أنّه ظل ضابطاً لسير المؤسسات وانتظام عمل الدولة.
ومع انتهاء ولاية الرئيس, ميشال عون, منذ حوالي سنتين, لم ينتخب البرلمان رئيساً للجمهورية, وامتنع نواب "حزب الله" و"حركة أمل" عن تأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة بهدف إيصال مرشحهم الذي لا يحظى بتأييد الأغلبية النيابية.
ومع بدء الحرب بين "" وإسرائيل, ارتفعت أصوات مطالبة بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية, يكون ضامناً للاستقرار, وقادراً على التفاوض لوقف الحرب ورسم التسوية السياسية. ورغم كل المحاولات ومن ضمنها, لسفراء اللجنة الخماسية, المملكة العربية السعودية, فرنسا, الولايات المتحدة الأمريكية, قطر, ومصر, لم يتم التوصل إلى أي اتفاق.
انتخاب رئيس لانتظام المؤسسات
ويرى الخبير الدستوري, الدكتور عادل يمين, أنه لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية وسد الفراغ في سدة الرئاسة لإعادة انطلاق عمل المؤسسات والسلطات والإدارات العامة, خصوصاً أن رئيس الجمهورية في لبنان هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن والقائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء.
ولفت يمين في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن النظام اللبناني هو نظام برلماني لكنه في الوقت ذاته له صلاحيات جادة على رغم تقليصها بعد اتفاق الطائف, لذلك لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة ونيلها ثقة البرلمان, لأن مجلس الوزراء هو الذي يتولى السلطة الإجرائية في البلاد.
وأضاف يمين أننا في فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال, ما يعني أن إدارة البلاد منقوصة وغير سليمة والميزان الميثاقي مختل, كذلك لا بد من وضع استراتيجية دفاعية للبلاد, تعيد تفعيل دور الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية, وتحدد في الوقت ذاته دور ومصير أي قوى نتيجة حوار وطني تترجم قراراته لدى السلطة الدستورية حتى نتكمن من قيام الدولة وتفعيل المؤسسات.
وشدد يمين على أنه لا بد أن تكون الدولة صاحبة القرار الشرعي والسيادي من دون أن يلغي ذلك ضرورة تأمين استراتيجية دفاعية للبنان تحفظ قوته.
دعم الجيش اللبناني ونشره على الحدود
في المقابل, ذهب الكاتب السياسي وجدي العريضي إلى أنه لا مناص من أن تكون هناك دولة قادرة ومؤسسات من شأنهما ضبط الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي, وانتظام الحياة الدستورية ومفاصل الدولة التي ترهلت وشاخت, نتيجة هذا الشغور الرئاسي, وفي ظل حكومة تصريف أعمال.
وأضاف العريضي في حديث لـ"إرم نيوز" أنه من هذا المنطلق لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية, لأن رأس الهرم هو الأساس, وعندها تنتظم الحياة السياسية والدستورية وتشكيل حكومة إصلاحية, وهذا مطلب دولي للشروع في إصلاحات بنيوية اقتصادية ومالية, وأن يكون هناك إصلاح في كل مؤسسات الدولة التي بحاجة إلى مكننة وضخ دم جديد.
وشدد العريضي على ضرورة أن تكون هناك دولة واحدة لا دولتان؛ لأن دويلة "حزب الله" جلبت للبلاد الخراب والدمار, لافتاً إلى أن "اتفاق الطائف الذي دعا إلى تسليم السلاح الداخلي والخارجي لم ينفذ وبالتالي, لسنا بحاجة إلى قرارات دولية في حال تم تطبيقه نصا وروحاً".
وأشار العريضي إلى أنه لا بد من دعم الجيش اللبناني ومنحه غطاء سياسياً, وأن لا يقابله جيش آخر, وأن ينتشر على الحدود, ويحفظ الأمن والسلم الداخلي.
وخلص العريضي إلى أن التطورات الأخيرة أثبتت أننا بحاجة إلى دولة قوية وقادرة ورئيس جمهورية توافقي ووزراء مشهود لهم بنظافة الكف, وأنه بعد ما وصلنا إليه من حروب الآخرين على أرضنا آن الأوان أن تبسط الدولة قرارها وسيادتها وسيطرتها وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإلا استمر دوراننا في حلقة مفرغة.