بعد فشل المحاولات الأميركية, أكثر من مرة, لتعديل مهام قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان خدمة للمصلحة الإسرائيلية, تزداد الضغوط على "اليونيفيل" التي طالبها العدو الإسرائيلي بإخلاء مواقعها, فضلاً عن الغارات التي ينفذها بالقرب من هذه المواقع, ما يثير قلقاً جدياً لدى الدول المشاركة فيها . ودفع ذلك بعدد من هذه الدول إلى درس إعادة النظر في وجودها في لبنان, والإنسحاب الكلي, تفادياً لحوادث قد تطال جنودها.
وفي هذا السياق, كشفت مصادر دبلوماسية بارزة أن قيادة اليونيفيل وجهت رسالة إلى الأمم المتحدة, عبّرت فيها عن قلقها مما تتعرض له, مشيرة إلى أن قواتها في الجنوب "تعاني من وضع صعب وهي شبه محاصرة". ووصلت نسخة من هذه الرسالة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر وزير الخارجية عبدلله بو حبيب الذي تلقى اتصالات من جهات أوروبية ناقشت معه هذا الأمر . وعلمت "الأخبار" أن نيبال وغانا وإيرلندا من أكثر الأطراف التي تُبدي قلقاً حيال هذا الواقع, مشيرة إلى أن "الإيرلنديين يدرسون جدياً فكرة الإنسحاب بعدما أرسلت قواتهم تقريراً الى حكومة بلادهم تشرح الواقع على الأرض", مشيرة إلى أن "معسكرات الإيرلنديين قرب مارون الراس تحوّلت إلى دشم بسبب تواجد الجيش الإسرائيلي على بعد مئات الأمتار منها".
وبحسب المصادر, عبّرت فرنسا عن خشية من وجود نية لدى العدو الإسرائيلي لإخراج اليونيفيل من الجنوب نهائياً, وبدأت اتصالاتها مع الدول الأوروبية لحثها على تبني موقف أوروبي موحّد داعِم لاستمرار مهمة هذه القوة كونها تمثل سلطة دولية راعية للاستقرار وحريصة على سيادة لبنان . وتقدّر مصادر دبلوماسية أن "الضغط على اليونيفيل هذه الفترة, قد يكون الهدف منه استبدالها بقوات متعددة الجنسية, ليس فقط على طول خط القرى الحدودية مع فلسطين المحتلة, وإنما أيضاً على إمتداد الحدود مع سوريا للإطباق على كل الخط البري للبنان".
أما في المسار السياسي, فلا تزال الدبلوماسية مكبّلة أمام إصرار العدو الإسرائيلي على استكمال عدوانه . وتقاطعت المعلومات عند "تراجع الحركة الدبلوماسية تجاه الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي " , وهو ما عبّر عنه بري في حديث إلى "الشرق الأوسط" أكد فيه أن "لا تقدم إيجابياً بشأن وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان " , مشيراً إلى أن "الموقف اللبناني لا يزال متمسكاً بالثوابت" التي أُقرت خلال اجتماعه مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والوزير السابق وليد جنبلاط. ولخص المواقف الدولية من مساعي وقف الحرب قائلاً: "الفرنسيون ما زالوا معنا في الموقف, وكذلك البريطانيون. أما الأميركيون فيقولون إنهم معنا, لكنهم لا يفعلون شيئاً لوقف العدوان". ويأتي هذا التصريح في وقت أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن " باريس ستعقد اجتماعاً وزارياً دولياً بشأن الأزمة في لبنان في 24 تشرين الأول, سيركز على الوضع السياسي الداخلي والمساعدات الإنسانية وسط تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله".
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن "المؤتمر الذي تحضّره باريس شبيه بمؤتمر روما الذي انعقد خلال عدوان تموز ٢٠٠٦, وأن فرنسا تنسق مع ميقاتي وبو حبيب لتحديد ما يحتاج إليه لبنان من مساعدات للنازحين وللمؤسسة العسكرية". بينما تقول مصادر رئيس الحكومة إنه تبلغ من " المصريين أن وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن لن يزور المنطقة إلا في حال شعر بأن هناك إمكانية للحل السياسي, وأن الأفق مسدود حتى الآن بسبب إصرار رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو على إجهاض أي مبادرة".
وفيما أكد الرئيس جو بايدن في اتصاله مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على حق إسرائيل في حماية مواطنيها من حزب الله, أعلنت الخارجية الأميركية " إننا لا نريد للوضع في لبنان أن يتحول إلى شيء مشابه لما حدث في غزة ولن نقبل بذلك", وإن "تقييمنا هو أن العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان لا تزال ضمن إطار عملية برية محدودة". وأضافت أن " الجيش الاسرائيلي يقوم بعمليات محدودة على طول الحدود مع لبنان من دون الدخول إلى العمق, وهذا هو مفهومنا للعملية المحدودة, لكننا مدركون لتاريخ إسرائيل الطويل الذي يبدأ بعمليات محدودة تتسع وتتحول إلى احتلال وهذا ما نعارضه بشدة ونواصل اتصالاتنا مع الحكومة الاسرائيلية لأجل ذلك".
ونقل موقع " واللا " عن مسؤول أميركي قوله إن " رئيس الموساد أبلغ رئيس المخابرات المركزية أن وقف إطلاق نار في لبنان يجب أن يشمل صفقة في غزة ". أما " القناة 12 " العبرية فلفتت إلى أن "الرئيس الأميركي جو بايدن أكد في اتصال مع نتنياهو أن على الكيان الإستعداد لمرحلة ما بعد الحرب في الشمال", فيما أشار مراسل " أكسيوس " باراك رافيد إلى أن " المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة بدأت من أجل التوصل إلى أفكار حول شكل استراتيجية الخروج من الحرب في لبنان بعد انتهاء العملية البرية وكيفية الاستفادة من الضغط على حزب الله للتوصل إلى صفقة تبادل في غزة".