أرسلت إحدى المدارس العريقة في لبنان رسالة نصية إلى أهالي تلامذتها لاستفتائهم ما إذا كانوا يفضلون العودة إلى التعليم الحضوري أم الاستمرار في التعليم عن بعد أو ما يعرف بالـ "online", علما أن المدرسة تقع في محيط منطقة في جبل لبنان لم توفرها إسرائيل مرتين في إطار سياسة استهداف شخصيات وعناصر تابعة لـ"حزب الله".
وإذا كانت هذه المدرسة تمضي في التعليم عن بعد في انتظار حسم قرارها الذي يحدد المسار المقبل وفقا لرأي الأهل, فإن مدارس خاصة أخرى عادت وفتحت أبوابها للتلامذة اعتبارا من يوم الإثنين الماضي بعد ضوء أخضر من وزير التربية عباس الحلبي الذي لم تفته الإشارة إلى أن كل إدارة مدرسة تتحمل مسؤولية قرارها, وهذا ما اعتبره مسؤولون في مدارس خاصة "غير قانوني وهدفه التنصل الرسمي عن مسؤولية حماية التلامذة".
تخبط تربوي في بلد بات رسميًّا في قلب الحرب, ولو أن بعضا من أجزائه لا يزال حتى الساعة خارج الحسابات الإسرائيلية. غير أن هذه الاجزاء باتت ملاذا وملجأ لأكثر من مليون ومائتي ألف نازح توزعوا بين أرجائها, وتحديداً في منازل ومراكز إيواء رسمية عبارة عن مدارس ومؤسسات اجتماعية.
وعليه, فإن المشهد التربوي الحالي هو قمة في التناقض والضياع وفيه من كل شيء: تلامذة عادوا إلى مقاعد الدراسة "لنهل العلم". تلامذة في المنازل ووراء الشاشات الذكية يتعلمون افتراضيًّا من خلال الـ"online" مع إقرار بأن اكتساب المعرفة بلا حضور مشكوك بجدواه منذ زمن "كورونا" ولاسيما للصفوف دون "البريفيه" (الشهادة المتوسطة). تلامذة في المنازل وفي مراكز الإيواء من دون تعليم...
وإذا كان وزير التربية عباس الحلبي قد حدد الرابع من نوفمبر المقبل موعداً لانطلاق السنة الدراسية في المدارس الرسمية, فإن أوساطا تربوية مطلعة تقول إن "الوزير يعمل حاليا على تجميع داتا كاملة عن التلامذة النازحين ليصار لاحقا إلى استخدام أبنية المدارس الخاصة لتعليم هؤلاء التلامذة في فترة بعد الظهر, في موازاة أكثر من دوام في المدارس الرسمية الخالية من النازحين".
وبين التعليم الحضوري والتعليم الافتراضي واللاتعليم, يبقى التلامذة النازحون القابعون في المدارس طلبا للأمان لا للعلم هم الخاسر الأكبر. "موزاييك" تربوي مؤرق ليس فقط للقيمين على القطاع التربوي, وإنما أيضا للأهل الذين بدأ بعضهم يقول في سره: "رح يطلعوا اولادنا بلا علم".
بولين فاضل_ الأنباء الكويتية