عشية الذكرى الاولى لفتح حزب الله جبهة الاسناد في 8 تشرين الماضي, لفت الغارات الاسرائيلية لبنان بأسره من الجنوب الى البقاع مرورا بالضاحية الجنوبية, حاصدا مزيدا من الشهداء والاصابات التي لا توفر الطاقم الطبي والدفاع المدني. بالتزامن سلسلة اتصالات ومساعي تدور في العلن والكواليس لوقف الحرب.
ويبدو ان حزب الله بدأ بالتراجع دبلوماسياً رغم المقاومة الشرسة التي يخوضها في الجنوب فكان اولها ما أكده الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ان خلال الاجتماع الذي حضره مع الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي, تم الاتفاق على ان لبنان لن يربط مصيره بمصير غزة مع التزامه بوقف إطلاق النار وبالقرار 1701 وكافة القرارات السابقة.
من جهتها ايران, تعيش حال انكار وارباك بفعل خسارة اوراقها وتقلّص نفوذها في المنطقة, لاسيما ورقة لبنان, ما قد يدفعها, الى تقديم تنازلات في مفاوضاتها مع واشنطن. لكن قبل ذلك, تتوقع اياما صعبة ستستبق قرار وقف النار يتجلى بتصعيد عسكري خطير في لبنان وخارجه , يرجح ان تقدم عليه اسرائيل بهدف تعزيز موقعها وتحصين شروطها, كطرف هو الاقوى على الاطلاق في المنطقة بعد تدمير حزب الله, وذلك خلال المفاوضات المرتقبة للتسوية والسلام الشامل.
في الميدان, عدّاد الشهداء انتقل الى الالفية الثانية حيث أعلنت وزارة الصحة اليوم ان العدد الاجمالي للضحايا بات 2083 شهيداً و 9869 جريحاً سقطوا في لبنان منذ بدء العدوان الاسرائيلي بحسب ما اعلنت وزارة الصحة, مع الاشارة الى ان عدّاد الشهداء يتصاعد في شكل سريع جدا خلال ساعات, من دون ان يفرّق بين عناصر حزبية ومدنيين وعمال اغاثة. ففي ميزان نتنياهو الكل سواسية والجميع اعداء, والعزم على الاجهاز على من تبقى لم يتبدّل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي صباحا بدء عملية برية مركزة ومحددة في جنوب لبنان, مع انضمام فرقة عصبة الجليل (91) للعمليات. جنوبا, أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على بلدة المطرية, وعلى اطراف بلدتي الحلوسية وبدياس, وبين طير دبا والبازورية, قضاء صور. وأفيد باستشهاد 4 مواطنين بينهم مؤهل في الجيش, جراء غارة استهدفت منزلا في صريفا. وسجلت غارة على بلدة يارين الحدودية وغارة أخرى استهدفت العباسية في قضاء صور. وشن الجيش الاسرائيلي غارة على منزل في بلدة خربة سلم حيث افيد عن سقوط شهيد. وسجلت غارة على برعشيت استهدفت مبنى مركز اطفاء تابع للهيئة الصحية وافيد عن سقوط شهداء. في السياق, صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة البيان التالي: يضيف العدو الإسرائيلي إلى السجل الحافل لإجرامه المتمادي جريمة حرب إضافية ضد رجال الإطفاء والاسعاف في جنوب لبنان مظهرا عنفا ولاإنسانية لا مثيل لهما, من خلال استهدافه أشخاصا يقومون بمهمات إنسانية وإنقاذية صرفة بعيدة كل البعد عما تتطلبه ميادين القتال. فقد أدت غارة معادية همجية على مبنى اتحاد بلديات بنت جبيل في بلدة برعشيت إلى مجزرة بحق رجال إطفاء كانوا موجودين في المبنى استعدادا للانطلاق في مهماتهم الإنقاذية. وأدت الغارة في حصيلة أولية إلى استشهاد عشرة من رجال الإطفاء ولا يزال رفع الانقاض مستمرا من المبنى الذي تعرض لدمار كبير". واستهدف الطيران الحربي محيط مجمع مدرار الطبي في شوكين. وبعد ان طالب الجيش الاسرائيلي باخلاء 25 قرية جنوبا, شن طيرانه سلسلة غارات استهدفت الحوش , البازورية, وعيتيت, القليلة وعين بعال ومنطقة فارس البطاح بين بلدتي الدوير والشرقية ومختلف قرى صور. واستهدفت سلسلة غارات المنطقة الواقعة بين حي السرايا القديم في النبطية وجبل الرويس-الشقيف. الى ذلك, أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على منزل في بلدة قليا في البقاع الغربي, مما أدى الى سقوط شهيدين. واستهدفت غارة من الطيران الحربي الإسرائيلي الجرد بين قصرنبا وبدنايل غربي بعلبك.
وصباحا, تعرضت الضاحية الجنوبية لسلسلة من الغارات. ولفّ الدخان الأسود سماءها, بعد ليلة عنيفة شهدت عشرات الغارات الإسرائيلية ودمّرت عدداً من المباني السكنيّة.
واصدرت "اليونيفيل" بيانا عبّرت فيه عن "قلق بالغ إزاء الأنشطة الأخيرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي بالقرب من موقع البعثة 6-52, جنوب شرقي مارون الراس (القطاع الغربي), داخل الأراضي اللبنانية. وقد تم إبلاغ الجيش الإسرائيلي مرارا وتكرارا بهذا الوضع المستمر من خلال القنوات المعتادة. ان هذا تطور خطير للغاية, ومن غير المقبول المساس بسلامة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أثناء قيامها بالمهام الموكلة إليها من قبل مجلس الأمن. تذكّر اليونيفيل جميع الجهات الفاعلة بشكل عاجل بالتزاماتها بحماية موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها"...
ولتحييد مطار رفيق الحريري الدولي عن الغارات, رأس ميقاتي اجتماعا في السراي خصص لبحث الوضع في مطار رفيق الحريري الدولي. شارك في الاجتماع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ووزير الاشغال العامة والنقل علي حمية وقائد الجيش. وأعلن مولوي بعد الاجتماع: "بحثنا خلال الاجتماع سبل التشدد في موضوع أمن المطار, وبنتيجة هذا الاجتماع سنعطي تعليمات مشددة لجهاز أمن المطار ولقائده ولكل عناصر الجهاز ليكونوا على جهوزية أكبر, لإجراء كل عمليات التفتيش والعمليات اللازمة لعدم ترك ثغرة في مطار رفيق الحريري الدولي, ولنؤكد ونتأكد بأن سمعة المطار باقية, ونبعد عنه أي خطر. كل الاذونات تصدر وفقا للقانون ومن قبل الجيش , ونحن في جهاز أمن المطار سنتشدد في موضوع التفتيش. اما حمية فقال "كما قال وزير الداخلية فان البحث تناول موضوع الوجود الأمني في المرافق البحرية والبرية والجوية وأولها مطار رفيق الحريري الدولي والمرافق البحرية والمعابر البرية, وفق القوانين اللبنانية المعمول بها بالنسبة الى مطار رفيق الحريري الدولي بيروت, والطائرات العسكرية التي تحلق فوق مطار بيروت او أي مطار في لبنان وتحمل المساعدات الطبية, او الطائرات العسكرية التي تقوم بمهام عسكرية او طائرات الإجلاء او غيرها, فان وزارة الأشغال العامة والنقل لا تعطي أي موافقة على هبوط اي طائرة قبل موافقة الجيش, والتي تأتي من خلال إحالة او برقية رسمية من القوات الجوية في قيادة الجيش وتصل إلى المديرية العامة للطيران المدني. كما ان جهاز امن المطار موجود على ارض المطار للقيام بالتفتيشات اللازمة ان دعت الحاجة, وبالتالي فالموافقات مرتبطة مباشرة بالجيش".
في السياق, أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي جال على المسؤولين اللبنانيين اليوم أن "الأردن يقف إلى جانب لبنان", قائلًا: "سنواصل تقديم المساعدات وندعم كل الجهود اللبنانية لتعزيز الوضع الداخلي السياسي كما نشجع على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ونحن لا نتدخل بهذا الملف". وقال الصفدي من السراي: الأردن على استعداد لتقديم المساعدات لمواجهة العدوان والإستباحة لسيادة لبنان. وشدد على أن "إسرائيل هي التي تتحمل مسؤولية هذا العدوان والتصعيد في المنطقة وأي تصعيد جديد", مؤكدًا أننا "لن نسمح لأحد باختراق الاجواء الاردنية وتهديد أمن الاردنيين وهذا ما ابلغناه لاسرائيل ولايران"... ايضا, أكد الصفدي خلال لقائه قائد الجيش العماد جوزف عون, وقوف الأردن المطلق مع لبنان الشقيق, وأمنه واستقراره وسلامة مواطنيه ومؤسساته, ورفض الأردن للعدوان الإسرائيلي على لبنان وسيادته, وضرورة تكثيف الجهود لضمان تطبيق القرار ١٧٠١, إضافة إلى تقييم الاحتياجات الإنسانية التي يحتاجها لبنان الشقيق, وضرورة إيصال مساعدات إنسانية فورية وكافية إليه.
وبعد زيارته رئيس الحكومة, قال وزير الاعلام زياد المكاري ردا على سؤال عن المبادرة الفرنسية, "هذه المبادرة جدية, وستبدأ الأن, وقد طلبت موعدا من الرئيس نبيه بري لوضعه في أجواء ما يحصل, نحن كحكومة وكديبلوماسيين لبنانيين في العالم سنتابع المبادرة". وقال: أؤكد بأن الرئيس ايمانويل ماكرون سيعقد مؤتمرا خاصا عن لبنان في آخر تشرين الحالي, وهذا الأمر يحضر له بشكل جدي وسريع. سئل: يتخوف اللبنانيون من ان تظل هذه المبادرات حبرا على ورق, ما مدى فعالية هذه المبادرات ؟ اجاب: نحن نتحدث عن وقف إطلاق النار الذي هو لمرحلة محددة لنتمكن من الحديث على "الرايق" فاذا كانت الأمور حامية عسكريا كما نرى حيث تقصف بيروت والمناطق, لا أحد يمكنه الدخول بعملية تفاوض او مفاوضات. إن الحكومة والدولة اللبنانية قادرة ان تلتزم بوقف لاطلاق النار كخطوة اولية, وحتى حزب الله يقول: كنا وافقنا على المبادرة الفرنسية الأميركية إنما الجانب الإسرائيلي لم يلتزم بها, وهذا حقيقي, كما تعرفون فإن نتنياهو أعطى الامر باغتيال السيد حسن نصرالله من نيويورك في وقت كان لبنان ينتظر التوقيع على وقف إطلاق النار مع الاسف. ان العدو الإسرائيلي هو من يرفض الدخول في أي مبادرة لوقف إطلاق النار ولهذا لدينا الحرب ولدينا مبادرات نتمسك بها, حتى لا نرى في لبنان المشاهد التي رأيناها في غزة وللأسف. سئل: عما ستتكلمون على "الرايق"؟ اجاب: سنتكلم عن تطبيق القرار1701 بشكل جدي.
على الضفة الرئاسية, وعلى خط اللقاءات المحلية لمحاولة اتمام الاستحقاق, استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري, رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في عين التينة. بعد اللقاء, شدّد فرنجية على أنّ "اذا خسر اي فريق فلبنان سيخسر والأهم أن يكون بلدنا منتصراً". وأضاف: "الأيام المقبلة ستؤكد أن الأمور لن تكون في مصلحة العدو الإسرائيلي". وقال فرنجية: "المهم اليوم أنّ يخرج لبنان منتصراً". وأشار إلى أن "بري لا يزال داعم لترشيحنا واي اسم يتم التوافق عليه لن نقف بدربه".
وسط هذه الاجواء, عقد نواب "قوى المعارضة" مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب, طرحوا في خلاله رؤيتهم المشتركة لإنقاذ لبنان من آتون الحرب وتبعاتها وإعادة بناء مؤسسات الدولة. ووجهوا نداء الى اللبنانيين واللبنانيات, تلاه النائب ميشال الدويهي. وطالب النواب "السلطات الدستورية بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني الذي يدفع ثمن حرب مدمرة لم يكن له خيار فيها, وانقاذ لبنان وحماية مواطنيه, وذلك من خلال القيام بالخطوات التالية فورا: اولا: إتخاذ الحكومة اللبنانية القرار بفصل لبنان عن أي مسارات اقليمية أخرى, ورفض كافة اشكال الاملاءات والوصاية التي تمارس على لبنان, والالتزام بوقف إطلاق نار فوري, وتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته وتفاصيله, وتطبيق اتفاق الطائف وباقي القرارات الدولية لا سيما القرارين 1680 و1559, بما يؤدي إلى تثبيت اتفاقية الهدنة, واسترداد الدولة قرار السلم والحرب, وحصر السلاح بيدها فقط, وتأمين عودة كافة النازحين الى قراهم, كي يتمكن اللبنانيون, اخيرا وبكافة مكوناتهم وفي كل مناطقهم, العيش في كنف دولة واحدة قوية سيدة عادلة, وتحت حمايتها, كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. ثانيا: تحديد موعد فوري ثابت ونهائي لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية, من قبل رئيس المجلس النيابي, بدورات متتالية وفق المواد 49 و73 و74 من الدستور من دون شروط وخلق أعراف دستورية او سياسية, لانتخاب رئيس إصلاحي سيادي انقاذي يصون الدستور وسيادة لبنان. ثالثا: تشكيل حكومة متجانسة تكون أولوياتها تطبيق الدستور والقرارات الدولية وإطلاق عملية التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار. رابعا: نشر الجيش اللبناني على كافة الأراضي اللبنانية وضبط جميع المعابر الحدودية وبمعاونة قوات معززة من اليونيفيل على كافة الحدود اللبنانية جنوبا, شرقا وشمالا, برا, بحرا وجوا.