مع استعداد إسرائيل لشن هجوم على إيران بعد أن فاجأت الأصدقاء والأعداء على حد سواء بهجومها الخاطف على حزب الله في لبنان مطلع هذا الشهر, يدور الآن حديث عن انزلاق نحو حرب جديدة في الشرق الأوسط.
وقال عدد من الخبراء في مجال صنع القرار على المستويين الاستخباراتي والعسكري, إنه لا تزال هناك عوامل تمنع انجرار المنطقة إلى حريق كبير يمكن أن يدفع إسرائيل وطهران إلى صراع متصاعد تُستَدرج إليه دول أخرى.
وأضاف الخبراء لـ "رويترز", أن إسرائيل لن تتراجع على الأرجح عن شن هجوم جوي على إيران في الأيام القليلة المقبلة ردًا على إطلاق طهران نحو 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل يوم الثلاثاء.
وأفاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأمني المصغر مساء يوم الثلاثاء, "من يهاجمنا سنهاجمه".
ومع ذلك, أبلغ مسؤولون إسرائيليون نظراءهم الأميركيين بأن ردهم على الهجوم الإيراني سيكون "مدروسا" لكنهم لم يقدموا حتى الآن قائمة نهائية بالأهداف المحتملة, وفقا لمصدر في واشنطن مطلع على المباحثات طلب عدم الكشف عن هويته.
وفي حديث لـ "رويترز", قال آفي ميلاميد, المسؤول السابق في المخابرات الإسرائيلية: "أعتقد أن الأهداف التي سيقع الاختيار عليها سيتم اختيارها بعناية وحرص شديد".
وأوضح ميلاميد, أن الأهداف المحتملة تشمل المواقع التي لها أهمية عسكرية لدى إيران مثل البنية التحتية للصواريخ ومراكز الاتصالات ومحطات الطاقة.
وحسبما نقلت "رويترز" عن أكثر من ستة مسؤولين سابقين من الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط ممن عملوا في المجال العسكري والاستخباراتي والدبلوماسي, فإن إسرائيل لن تستهدف على الأرجح المنشآت النفطية التي تدعم اقتصاد إيران أو المواقع النووية.
وتوقع الخبراء أن يؤدي قصف هذه الأهداف شديدة الحساسية إلى رد فعل إيراني قوي.
وصرّح الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس, بأنه لن يكشف عن سير المفاوضات التي يجريها على الملأ عندما سُئِل عما إذا كان حث إسرائيل على عدم مهاجمة منشآت النفط الإيرانية.
وجاءت تصريحات بايدن بعد ساعات من تصريحه بأن واشنطن تناقش مثل هذه الضربات الإسرائيلية, وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط.
ويرى نورمان رول, المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية والذي كان مسؤولا عن الملف الإيراني في المخابرات الوطنية من عام 2008 إلى 2017, أنه "ليس من الحكمة أن يحاول مراقبون من الخارج التكهن بخطة الهجوم الإسرائيلية", مضيفا "لكن إذا قررت إسرائيل توجيه ضربة متناسبة وجوهرية في الوقت ذاته, فقد تختار أن تقتصر هجماتها على الصواريخ الإيرانية وبنية فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي دعم الهجمات التي شنتها طهران ووكلاؤها على إسرائيل".
وأشار رول, وهو كبير مستشارين لدى مجموعة متحدون ضد إيران النووية, إلى أن إسرائيل يمكن أن تقصف المنشآت الإيرانية العاملة في تكرير البنزين والديزل للاستهلاك المحلي مع تجنب المنشآت التي تُستخدم في تصدير النفط.
وقد أدى الهجوم الذي شنه مقاتلون من حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول إلى مقتل 1200 شخص في حين أدى القصف الإسرائيلي الذي أعقب ذلك على غزة إلى مقتل ما يقرب من 42 ألفا ونزوح جميع سكان القطاع تقريبا البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة. كما أجبرت الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله آلاف الأسر في شمال إسرائيل وجنوب لبنان على مغادرة منازلهم.
ونقلت "رويترز" عن مصدر مطلع في واشنطن قوله, إن الولايات المتحدة لا تضغط على إسرائيل للامتناع عن الرد العسكري على الهجوم الإيراني الأحدث, مثلما فعلت في نيسان, لكنها تدعو لدراسة متأنية للعواقب المحتملة لأي رد.
ومع ذلك, فقد ثبت أن نفوذ واشنطن على إسرائيل محدود ولا يزال نتنياهو مصرا على استهداف أعداء إسرائيل منذ هجوم حماس.
واعتبر ريتشارد هوكر, ضابط الجيش الأميركي المتقاعد الذي خدم في مجلس الأمن القومي في عهود رؤساء جمهوريين وديمقراطيين أن الإسرائيليين "تجاوزوا بالفعل كل الخطوط الحمراء التي حددناها لهم".
ويعني اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخامس من تشرين الثاني أيضا, أن قدرة بايدن على الإقناع صارت محدودة خلال الشهور الأخيرة التي يمضيها في البيت الأبيض.
وفي حديث للصحفيين يوم الأربعاء, قال بايدن إن لإسرائيل الحق في الرد "بشكل متناسب", موضحا أنه لا يؤيد توجيه ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية.
وتعليقا على هذه النقطة, قال هوكر إن استهداف مثل هذه المواقع ممكن ولكنه غير محتمل "لأنه عندما تفعل شيئا كهذا فإنك تضع القيادة الإيرانية في وضع يمكنها من القيام بأمر مأساوي جدا ردا على ذلك".
وفاجأت إسرائيل معظم دول العالم بهجومها على حزب الله المدعوم من إيران الشهر الماضي, والذي بدأ بتفجير آلاف من أجهزة الاتصال المعروفة باسم الـ "بيجر" وأجهزة اللاسلكي التي يستخدمها أعضاء الجماعة, واستمر الهجوم باغتيال الأمين العام للحزب حسن نصرالله في غارة جوية على بيروت, ووصل الأمر إلى حد التوغل البري في جنوب لبنان.
(سكاي نيوز عربية)