يعزز رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو, مناعته سياسيا, ويوسّع تدريجيا حلقة الالتفاف حوله , متمادياً بالهروب الى الامام رغم انه يعلم ان لا مجال له للنفاذ من المحاكمة والسَجن الا من خلال تحقيق انتصار كبير, على مَن ألحقوا الاذية والذل بالاسرائيليين. ففعل كل ما يجب فعله, ولو اقتضى الامر مجازر واغتيالات وقطيعة مع المجتمع الدولي والعواصم الكبرى, من اجل هذا الهدف. بدأ نتنياهو عبر جيشه عملية برية نحو لبنان, غير أن حتى الساعة تأكد ان لا اجتياح بري اسرائيلي قد حصل ولم تعبر اي دبابة الى الداخل اللبناني, كما لم ينسحب الجيش اللبناني من مراكزه الحدودية الجنوبية لعدة كيلومترات انما نفذ اعادة تموضع لنقاط مراقبة امامية, فإن الانظار كلها متجهة جنوباً رصداً لتوقيت وطبيعة العملية المحدودة جغرافيا بحسب الزعم الاسرائيلي, والتداعيات التي ستخلفها لجهة مواجهتها من حزب الله.
ويبدو ان الجيش الاسرائيلي يستعد للتوغل البري في جنوب لبنان بعد ان نال الضوء الاخضر السياسي الاسرائيلي والاميركي لعملية محدودة مبدئيا, تقول مصادر عبرية انها لن تتوسع جغرافيا. واذ لم يسجل اي خرق للحدود اللبنانية او احتكاك بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله حتى لحظة كتابة هذه السطور, بحسب حزب الله, استمرت الغارات على الجنوب في حين حذر الجيش الاسرائيلي اهالي القرى الحدودية طالبا منهم مغادرة منازلهم... الجيش الإسرائيلي اعلن صباحا أن الفرقة 98 بدأت أنشطة موجهة ومحددة في منطقة جنوب لبنان, كما نشر مشاهد من تحضيرات قوات الفرقة. وقال: "قوات الفرقة 98, ومن بينها قوات لواء الكوماندوز والمظليين والمدرعات من اللواء 7, أجرت الاستعدادات على مدار الأسابيع الأخيرة لتنفيذ عملية برية في جنوب لبنان, والتي بدأت الليلة الماضية.
في المقابل, اعلن حزب الله "اننا أطلقنا بنداء لبيك يا نصر الله صليات صاروخية من نوع "فادي 4" على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الإستخبارات العسكرية 8200 ومقر الموساد التي تقع في ضواحي تل أبيب". واعلن انه استهدف تجمعاً للجنود الاسرائيليين قرب مستعمرة روش بينا. و"اننا استهدفنا تجمعاً للقوات الاسرائيلية في ثكنة دوفيف بصاروخ فلق 2ـ وتجمع لجنود العدو بين موقعي الرمثا والسماقة في تلال كفرشوبا بـ 32 صاروخ كاتيوشا". وإستهدف " تجمعاً لقوات العدو في موقع المطلة بقذائف المدفعية وأصابه إصابة مباشرة". واستهدف "الحزب" المطلّة ومستعمرة كفار جلعادي.
كما اعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري: استهدفنا عشرات الأطنان من المواد المتفجرة وممتلكات ومقار قيادية لحزب الله , اضاف: عملياتنا في الأراضي اللبنانية ستستمر هذه الليلة, واكد ان : قيادة الشمال نفذت عشرات من عمليات الدهم لمواقع قوة الرضوان التابعة لحزب الله, مشيرا الى "اننا عثرنا على خريطة ونفق يتجه نحو حدود إسرائيل بهدف احتلال بلدات ظهرت على الخريطة".
أمنياً, صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان نفى فيه انسحابه من الجنوب قائلاً: "مع استمرار العدو الإسرائيلي في اعتداءاته الهمجية المتزايدة على مختلف المناطق اللبنانية, تناول بعض وسائل الإعلام معلومات غير دقيقة حول انسحاب الجيش من مراكزه الحدودية الجنوبية لعدة كيلومترات في ظل تحضيرات العدو لتنفيذ عملية برية داخل الأراضي اللبنانية. يهم قيادة الجيش أن توضح أن الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية ضمن قطاعات المسؤولية المحددة لها. كما تُواصل القيادة التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان".
من جهتها, اعلنت " اليونيفيل " في بيان ما يلي: "أبلغ الجيش الإسرائيلي قوات اليونيفيل يوم أمس عن نيته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان. ورغم هذا التطور الخطير, فإن حفظة السلام لا يزالون في مواقعهم. نحن نعمل بانتظام على تعديل وضعنا وأنشطتنا, ولدينا خطط طوارئ جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر. إن سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية, ونذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام ذلك". اضاف البيان: إن أي عبور إلى لبنان يشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان, وانتهاكاً للقرار 1701. إننا نحث جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء." واكدت "اليونيفل"إن" ثمن الاستمرار في مسار العمل الحالي باهظ للغاية". وشددت على" وجوب حماية المدنيين, وعدم استهداف البنية الأساسية المدنية, واحترام القانون الدولي". وحضت "الأطراف بقوة على إعادة التزام قرارات مجلس الأمن والقرار 1701 (2006) باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة".
ايضا, أشارت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت التي زارت بكركي ورئيس التيار جبران باسيل إلى ان "ما كنّا نخشاه حصل. في ظل الضربات التي طالت كافة أرجاء لبنان, بما في ذلك في قلب بيروت والتوغلات عبر الخط الأزرق, يتصاعد العنف إلى مستويات خطيرة". وأكدت في بيان, ان "كل صاروخ يُطلق وكل قنبلة تُسقط وكل غارة أرضية تُنَفّذ, تُبعد الأطراف أكثر عن الغاية المتوخاة من قرار مجلس الأمن رقم 1701 (2006) كما تباعد بينهم وبين خلق الظروف اللازمة للعودة الآمنة للمدنيين على جانبي الخط الأزرق". وشددت على ان "دائرة العنف الجارية لن تحقق لأي طرف مبتغاه. لا زال هناك بصيص أمل لنجاح الجهود الدبلوماسية, لكن السؤال هل ستغتنم تلك الفرصة أم يجري اهدارها؟"
بدورها, وزعت بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان, بيانا للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعد الاجتماع الاستثنائي مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قال فيه: "إنَّها لحظة الحقيقة مع لبنان", مضيفا: يجدِّد الاتحاد الأوروبي دعوته الى وقف فوري لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل, ويدعو الطرفين إلى الالتزام بالتنفيذ الكامل والمتناسب لقرار مجلس الأمن الدولي 1701, لضمان العودة الآمنة للسكان النازحين على كلا الجانبين من الحدود كجزء من تسوية تفاوضية أوسع.وقد سبق وأشرنا إلى الخسائر العديدة في صفوف المدنيين في لبنان, وتدمير البنى التحتية المدنية بما يرتب آثارا طويلة الأجل, وإلى هذا العدد الكبير من المهجرين داخليا.
أما سياسياً, فلقد سجلت حركة سياسية لافتة نحو عين التينة. فأكدّ النائب فؤاد مخزومي بعد لقاء كتلة تجدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "خيارنا هو مدّ اليد لتضامن وطني حقيقي غير مصطنع وأن تحمي الدولة جميع اللبنانيين", لافتًا الى أن "زيارتنا للرئيس بري كانت للعب دور الإنقاذ وستليها زيارة إلى ميقاتي". وشدّد على أن "المطلوب هو المصارحة والحلول الجدية والجرأة واتخاذ القرارات الصائبة والتنسيق بين المؤسسات الحكومية للوقوف إلى جانب أهلنا وضبط التعديات على الممتلكات في بيروت". ودعا مخزومي "للتضامن الانساني ووضع حد للنزيف لعودة أهلنا الى مناطقهم بأمان والاتفاق على حماية اللبنانيين وعودة الجميع الى الدولة وفصل لبنان عن ملف المساندة". كما دعا "لانتخاب رئيس للجمهورية فوراً والالتفاف حول الشرعية". وقال: "طلبنا تحديد جلسة مفتوحة بدورات متتالية وتشكيل حكومة بعدها والمطلوب وقف إطلاق النار ومنع أيّ عمل عسكري ونشر الجيش على طول الخط الأزرق وتطبيق القرارات الدولية".