زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان بارو إلى بيروت جاءت في التوقيت الخاطئ, وفي الإتجاه الغلط, ولو كانت مؤيدة ببرودة واضحة من واشنطن, لأن هدير الدبابات الإسرائيلية في الجنوب, وأزيز المسيّرات فوق بيروت, ودوي الغارات المدمرة, والمتنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية, كانت أقوى من كلمات المحادثات التي أجراها الوزير الفرنسي مع كبار المسؤولين اللبنانيين.
بعد ساعات قليلة من مغادرة الوزير الفرنسي بيروت, كانت الدبابات الإسرائيلية تتحرك نحو الأراضي اللبنانية, بعد قوة من النخبة توغلت في منطقة محددة, ثم عادت أدراجها حاملة الضوء الأخضر لانطلاق الهجوم البرّي, إستكمالاً للهجمات الجوية المكثفة التي مهدت في ضرباتها الإستباقية للعملية البرية, التي تهدف إلى إستكمال السيطرة على مواقع حزب لله ومخازن الأسلحة, ودفع مقاتلي الحزب إلى شمال نهر الليطاني.
وفيما قيادات الحزب الباقية على قيد الحياة, تحاول لملمة الوضع, ومواجهة تحديات المواجهة المصيرية مع العدو الإسرائيلي, أعلنت الحكومة اللبنانية, عبر تصريح لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إستعدادها لتنفيذ بنود القرار ١٧٠١, الصادر عن مجلس الأمن بعد حرب ٢٠٠٦, والسعي لإنتخاب رئيس للجمهورية, على قاعدة التوافق وبعيداً عن أجواء التحدي التي كانت سائدة قبل الحرب الإسرائيلية.
الواقع أن التحرك السياسي السريع لإنتخاب رئيس للجمهورية يبقى الرد الأنجع على العدوان الصهيوني, بعد تراجع الرهان علي الرد العسكري. بغض النظر عن شخصية الرئيس المقبل, والذي لن يستطيع تغيير مسار التدهور الحالي بكبسة زر, ولكن وجوده في الرئاسة الأولى يُعيد الروح لشرايين الدولة اللبنانية, عبر تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات الدستورية, ويستعيد مجلس النواب نشاطه التشريعي, ويوقف التدهور المتزايد في إدارات الدولة ومؤسساتها.
كلام رئيس الحكومة عن الرئيس التوافقي, ومن منبر عين التينة بالذات, وإثر إجتماع مع الرئيس بري, يعني أن الإستحقاق الرئاسي تجاوز أهم العقبات التي كانت حتى الأمس القريب تحول دون إنجاز الإنتخابات الرئاسية, طوال السنتين الماضيتين.
ولكن ربط عملية الإنتخاب بوقف إطلاق النار مع العدو الإسرائيلي, يكون الجانب اللبناني قد أعطى العدو اللدود نتنياهو ورقة الإنتخابات الرئاسية, بشكل غير مباشر, لأن قرار وقف إطلاق النار ينتظر موافقة نتنياهو بالذات, بعد إعلان موافقة لبنان المكررة على وقف النار تجاوباً مع النداء الذي أصدرته الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا, وحظي بدعم وتأييد الإتحاد الأوروبي ودول غربية وعربية في مقدمتها السعودية ومصر وقطر والكويت والجزائر.
فهل يجوز أن تكون ورقة الرئاسة بيد نتنياهو الذي يشن حرباً شعواء على لبنان؟
اللواء