يدور الحديث بوتيرة متسارعة عن عزم العدو الاسرائيلي القيام بعملية برية في الجنوب اللبناني قريبا, وانه اعد العدة وحشد مزيدا من القوات لها. ويشعر قادة العدو بنشوة وعنجهية كبيرة, بعد اغتيال الامين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله ومعظم اركان القيادة العسكرية للحزب. ونظرا لطبيعة القيادة الارهابية المتطرفة التي تتولى السلطة في الكيان الاسرائيلي, فان هذه العنجهية التي تشعر بها اليوم مقرونة برغبة واضحة لدى نتنياهو والقيادتين العسكرية والسياسية, في الذهاب بعدوانهم على لبنان الى اقصى حد, وانهم لا يتورعون في الاستمرار في هذا السلوك, بل يسعون الى تفجير حرب واسعة في المنطقة باسرها.
وما يشجع هذه العصابة الحاكمة في الكيان "الاسرائيلي" على هذا النهج العدواني, ليس الضربة الموجعة التي تلقاها حزب الله فحسب, وانما غياب الضغط الدولي الجدي لوقف عدوانهم, وتشريع الادارة الاميركية الابواب لهم للمضي في هذا العدوان, من خلال تقديم المزيد من الدعم العسكري من جهة, والتواطؤ الصريح في تأييد ما تقوم به "اسرائيل" بحجة حقها في الدفاع عن نفسها.
وهنا لا بد من الاشارة, كما يقول مصدر سياسي, الى ان دعوات الادارة الاميركية المتكررة لوقف النار في لبنان وغزة, تكاد تكون فقاعات هواء لا جدوى منها, ما دامت لم تقترن باي ضغط جدي على العدو الاسرائيلي.
وفي ظل هذا المشهد لا يختلف اثنان ان العدو الاسرائيلي سيستمر في عدوانه الواسع على لبنان, وانه لا ولن يعطي اي اعتبار لما يحكى عن جهود دولية, للتوصل الى وقف للنار في لبنان او غزة.
وبرأي المصدر السياسي ان تلويح المسؤولين "الاسرائيليين" بالعملية العسكرية البرية, يؤكد انه على الرغم مما قام به سلاح الجو "الاسرائيلي" بمؤازرة البحرية في بعض الحالات من آلاف الغارات على لبنان, وتوجيه ضربة موجعة لحزب الله باغتيال امينه العام وقياداته العسكرية, فان العدو ادرك ويدرك جيدا انه لم يلحق ضررا مؤثرا في البنية العسكرية للحزب, ولم يتمكن من كسر قرار المقاومة وموقفها, وهذا ما اكده نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم امس.
ويقول المصدر يبدو ان هناك رأيا مرجحا داخل القيادتين العسكرية والسياسية للعدو, بانه لا مفر من القيام بعملية برية في الجنوب في اقرب وقت, بينما يرى الفريق الآخر انه يفضل تأخير هذه الخطوة لاستثمار النجاح الذي تحقق, والقيام بمزيد من الهجمات الجوية اليومية لتحقيق ضربات ملموسة, لاضعاف منظومة حزب الله العسكرية.
ويعتقد هؤلاء ان هناك مخاطر مؤكدة من التسرع في القيام بعملية برية, خصوصا ان حزب الله ما زال يمتلك الجهوزية للمواجهة البرية, ما سيؤدي الى خسائر بشرية وعسكرية كبيرة في القوات "الاسرائيلية".
وبغض النظر عن رأي كل فريق من الفريقين, فان العدو وضع في حساباته مؤخرا وانخرط في الاعداد للعملية البرية, بانتظار اتخاذ القرار النهائي وتحديد التوقيت.
وحسب التقارير التي اخذت تتسرب في الآونة الاخيرة, فان النقاش داخل القيادة العسكرية اخذ حيزا كبيرا في الايام الاخيرة, حول حجم القوات المطلوبة لتنفيذ التوغل البري في جنوب لبنان وطبيعة شكل العملية.
ووفقا للتقارير فان هناك سيناريوهات ثلاثة على الاقل قيد التداول داخل المؤسسة العسكرية للعدو:
١- القيام بتوغل بري محدود يتراوح بين ٤ و٥ كيلومترات على طول الحدود, بحيث يستثمر العدو هذا التوغل في التفاوض, لفرض ترتيبات امنية وعسكرية تتجاوز حدود القرار ١٧٠١.
وفي هذا السياق, يشار الى ما اوردتة صحيفة "نيويورك تايمز" امس عن مسؤولين "اسرائيليين" ان "اسرائيل" لم تتخذ بعد قرارا نهائيا بشن عملية برية كبيرة في لبنان. وهذا الكلام يرجح فكرة رغبة "اسرائيلية" بان تكون العملية البرية محدودة, نظرا للتجارب السابقة الفاشلة للاجتياحات الواسعة.
٢ - تنفيذ عملية مزدوجة ومركبة ترمي الى القيام بعمليات انزال خلفية بموازاة توغل محدود.
٣- القيام باجتياح بري واسع الى حدود الليطاني كما حصل سابقا . لكن العدو يدرك صعوبة ومخاطر القيام بمثل هذه العملية, التي سيكون مصيرها السقوط والفشل .
وفي السيناريوهات الثلاثة يسعى العدو الى انشاء منطقة عازلة داخل الحدود اللبنانية بين ٢ و٤ كيلومترات, ينتشر شمالها الجيش اللبناني ليتحول الى ما يشبه حرس حدود, مع منع اي وجود عسكري لحزب الله جنوبي الليطاني.
ويستخلص من كل هذا الجو, ان قادة العدو لم يتخذوا القرار النهائي بشكل وحجم العملية البرية, وانهم بعد ايام من العدوان الجوي الهمجي, وحملة ضرب قيادة حزب الله, وتقتيل الشعب اللبناني, وجدوا انفسهم امام حقيقة لا لبس فيها انهم عاجزون من خلال كل ما جرى على احداث اي تغيير في موقف لبنان, وقرار المقاومة وقدراتها على تثبيت موقفها المعلن منذ عملية طوفان الاقصى, فهذه المقاومة جاهزة في الجنوب وتنتظر ساعة الالتحام البري بكل ثقة واقتدار.
محمد بلوط - الديار