شكّلت مشهدية الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية, أمس, وردّ المقاومة الذي وصل إلى أطراف تل أبيب إشارة مقلقة للخارج الذي كانَ لا يزال حتى مساء أمس, يحذّر من تصعيد يجرّ المنطقة الى الانفجار. وعلمت "الأخبار" أن رسالة مقتضبة, مصدرها الولايات المتحدة, وصلت السبت الماضي الى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي تقول بأن "أبواب الديبلوماسية أغلقت ولم يعد هناك مجال لأي مفاوضات". وفي وقت لاحق, تلقى رئيس الحكومة اتصالات أميركية تكرر الفحوى لناحية القول بأن "واشنطن لم تعد قادرة على ضبط الإسرائيليين ولا مجال لفعل أي شيء".وبينما كان العدو يطلق أوسع عملية جوية منذ 18 عاماً, باشر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وحلفاء من دول المنطقة, عملية ضغط كبيرة على لبنان, وهدفها الوحيد محاولة إقناع حزب الله بوقف جبهة الإسناد لقطاع غزة, كمدخل لوقف العدوان الإسرائيلي. وكان أول الواصلين الى بيروت أمس المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان في زيارة كانت مقررة مسبقاً, ورأت مصادر مطّلعة أن "التطورات الأخيرة ستفرض تعديلاً على جدول أعماله, حيث يتوقع أن يطرح وساطة فرنسية". وهو التقى أمس قائد الجيش العماد جوزيف عون, على أن يزور اليوم الرئيسين بري وميقاتي.
لكن القنوات الديبلوماسية توسعت مع كشف مصادر مطلعة عن "رسائل أميركية وعربية وأوروبية وصلت يوم أمس بكثافة الى بري وميقاتي وحتى الى حزب الله, تضمّنت طلباً إسرائيلياً واضحاً ومباشراً بإغلاق جبهة الإسناد كمدخل لوقف التصعيد", وقد حملت هذه الرسائل تهديدات مبطّنة بأن "أحداً لن يستطيع الضغط على إسرائيل في حال عدم قبول حزب الله بالتراجع". كما أعلن, أمس, عن دخول تركيا وقطر على خط الوساطة مع حزب الله مباشرة. وقالت المصادر إن وفداً سيصل من البلدين الى بيروت اليوم "حاملاً مبادرة ذاتية, لا تتضمّن أيّ ضمانات من إسرائيل". وقالت المصادر إن "الرسائل تتقاطع حول نقطة واحدة وهي أن إسرائيل تريد خلق منطقة عازلة لا بشر فيها ولا حجر بعمق 10 كيلومترات, ولن تتراجع عن ذلك, وأن الحل الوحيد هو في العودة إلى تطبيق القرار 1701 مع تقديم التنازلات التي تطلبها إسرائيل, وأيّ رفض لن يواجه إلا بمزيد من الضربات والتصعيد".
وفد تركي – قطري لمناقشة احتمال الفصل بين غزة ولبنان
من جانبها, بدأت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان, جينين بلاسخارت, زيارة رسمية لإسرائيل أمس, من المقرر أن تلتقي خلالها كبار المسؤولين الإسرائيليين لمناقشة آخر التطورات, وهي شددت على أنه "لا يوجد حل عسكري من شأنه أن يوفّر الأمان لأيّ جهة", معتبرةً أن "سلامة المدنيين على جانبَي الخط الأزرق واستقرار المنطقة باتا على المحكّ, ما يستوجب إفساح المجال لنجاح الجهود الديبلوماسية".
وفي تكرار للمعزوفة التي سمعها العالم منذ نحو سنة على بدء الحرب على غزة, أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه "يعمل على احتواء التصعيد في لبنان", وقال بايدن إنه سيبحث مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد, الموجود في واشنطن, "الجهود المناسبة لإنهاء الحرب في غزة والتوصل الى تهدئة الوضع في لبنان". فيما كشفت وزارة الدفاع الأميركية عن إرسال قوات إضافية إلى الشرق الأوسط, وذلك بعد التصعيد الأخير بين إسرائيل وحزب الله.
وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة, قال الرئيس الإيراني إن إسرائيل تريد التصعيد وزيادة منسوب التوتر في المنطقة. فيما قال وزير خارجيته عباس عراقجي, إننا "لن نظلّ غير مبالين وسنقف إلى جانب الشعبين الفلسطيني واللبناني". فيما دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني, إلى "بذل كل جهد ممكن لوقف العدوان على لبنان". وقال السيستاني في بيان على موقعه الإلكتروني "في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها الشعب اللبناني الكريم, حيث يتعرّض بصورة متزايدة للعدوان الإسرائيلي الغاشم وبأساليب متوحشة, تعبّر المرجعية الدينية العليا عن تضامنها مع أعزّتها اللبنانيين الكرام ومواساتها لهم في معاناتهم الكبيرة".
وكان الرئيس ميقاتي قد قال إن "العدوان الإسرائيليّ المتمادي على لبنان حرب إبادة ومخطط يهدف إلى تدمير القرى والبلدات. وما يحصل يجب أن يكون حافزاً للجميع ولا سيما لدول القرار للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها". وجدد ميقاتي "التزام لبنان بالقرار 1701 بشكل كامل ونعمل كحكومة على وقف الحرب الإسرائيلية المستجدة ونتجنّب قدر المستطاع الوقوع في المجهول".
بدوره, أبلغ النائب السابق وليد جنبلاط, الرئيس بري "جبلنا جبلكم وبيوتنا بيوتكم", وقال في حديث إلى قناة "إم تي في" إننا "دخلنا في الحرب الشاملة وأخشى من تكرار سيناريو غزة". وقال "نحن لم نعطِ ذرائع لإسرائيل, والمقاومة احترمت قواعد الاشتباك", مشيراً الى أن الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي عاموس هوكشتين لإسرائيل كانت بمثابة "عملية تخدير تصبّ في مصلحة الأخيرة".
الأخبار