مع تزايد الشكوك بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار, اقترحت إسرائيل منح زعيم حركة حماس, يحيى السنوار, "ممرا آمنا للخروج من غزة" مقابل إطلاق الحركة سراح الرهائن الذين تحتجزهم والتخلي عن السيطرة على القطاع, وفقا لما قاله مسؤول إسرائيلي كبير.
وقال منسق ملف المفقودين والمختطفين الإسرائيليين, غال هيرش, في مقابلة مع "بلومبيرغ", امس الثلاثاء, أنه "مستعد لتوفير ممر آمن للسنوار وعائلته ومن يريد الانضمام إليه. نريد استعادة الرهائن. نريد نزع السلاح, ونزع التطرف وبالطبع نريد نظاما جديدا لإدارة غزة".
وكشف هيرش أنه عرض مقترحه على المعنيين قبل يومين, ولم يوضح طبيعة الرد حتى الآن, مؤكدا في الوقت ذاته, أن بلاده ستكون على استعداد أيضا للإفراج عن السجناء الذين تعتقلهم كجزء من أي صفقة.
ووصف المسؤول الإسرائيلي العرض بأنه جزء من جهد للتوصل إلى حلول جديدة مع تزايد ضعف احتمالات وقف إطلاق النار, معتبرا أن "حماس سعت حتى الآن إلى إملاء الشروط بدلا من التفاوض".
ويأتي المقترح الإسرائيلي الذي أعلن عنه هيرش في وقت تتزايد فيه الضغوط الداخلية والدولية على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق ينهي الصراع المستمر منذ نحو عام ويضمن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى الحركة المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى.
تعليقا على المقترح الجديد ومدى إمكانية أن يسهم في كسر جمود المفاوضات, يقول المحلل الإسرائيلي, شلومو غانور, أن هذا العرض "يصدر عن مسؤول إسرائيلي رسمي, ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية تنخرط في مساعي التوصل لاتفاق بعد جملة المقترحات التي سبق أن عرضتها لتحريك الأمور والإفراج عن المخطوفين".
ويضيف غانور في تصريح لموقع "الحرة", أنه في مقابل هذه الجهود, تواصل حركة وقادة حماس "إغلاق كل الطرق والبوادر لإيجاد مخرج للأزمة", بالتالي الاقتراح الجديد "إضافي لاختراق الطريق المسدود".
ومنذ إعلان إسرائيل في الأول من أيلول استعادة 6 رهائن قالت إن حماس قتلتهم في جنوب غزة, أحدهم يحمل الجنسية الأميركية, تزايدت الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق.
وتواصل الإدارة الأميركية أيضا الضغط على إسرائيل وحماس لإبرام اتفاق. وأكد وزير الخارجية الأميركي, أنتوني بلينكن, الخميس, أن "من واجب الطرفين التوصل لاتفاق بشأن القضايا العالقة".
وأقر الوزير الأميركي بأنه لحين الحصول على موافقة نهائية من كلا الجانبين, فإن الاتفاق الذي يتم التفاوض عليه لوضع حد لأحد عشر شهرا من إراقة الدماء قد ينهار في أي لحظة, مشيرا إلى أنه كل يوم قد يجلب "حدثا فاصلا يتسبب ببساطة بإبطاء الأمور ويخاطر بإفشالها نظرا لحساسية الوضع".
وعرض الرئيس الأميركي, في 31 أيار, خطة لوقف القتال لستة أسابيع في المرحلة الأولى وتتضمن إطلاق سراح عدد من الرهائن بمن فيهم النساء والمسنين والجرحى مقابل "إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين" لدى إسرائيل.
وتعثّرت المحادثات للتوصل إلى هدنة, في الأسابيع الماضية, بسبب خلافات أبرزها الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر المعروف باسم "محور فيلادلفيا" الذي يصرّ نتانياهو على إبقاء قوات إسرائيلية فيه, في حين تتمسك حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
وسعت الولايات المتحدة, بالتعاون مع الوسيطين القطري والمصري, في الأسابيع الأخيرة إلى العمل على جسر الفجوات المتبقية.
وقال هيرش, أنه "بالتوازي, يجب أن أعمل على الخطط "ب" و"ج" و"د", لأنني يجب أن أعيد الرهائن إلى ديارهم. الساعة تدق, ولا وقت أمام الرهائن".
في هذا السياق, يقول المحلل الإسرائيلي غانور, إن الاقتراح الأخير "في محله, وطرح عالميا", وتبقى الآن "الكرة بملعب السنوار وقادة حماس من أجل اتخاذ القرار المناسب للدخول في المفاوضات وإيجاد حل", معتبرا أن "رفض هذا الحل إلى جانب باقي الحلول الأخرى التي طرحت يعني ألا رغبة لديهم في التوصل إلى اتفاق".
في المقابل, أكدت حركة حماس, الأسبوع الماضي, أنه لا توجد حاجة إلى مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار, وإن المطلوب الآن هو الضغط على إسرائيل لقبول مقترح أميركي وافقت عليه الحركة بالفعل.
وذكرت حماس في بيان لها, أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا "يهدف لإفشال التوصل لاتفاق", مضيفة "نحذر من الوقوع في فخ نتانياهو وحيله حيث يستخدم المفاوضات لإطالة أمد العدوان على شعبنا".
وذكرت بلومبيرغ, أنه من غير الواضح ما إذا كانت حماس ستقبل اقتراح مغادرة السنوار لغزة, خاصة بالنظر إلى تاريخ إسرائيل في العمليات التي تستهدف الأعداء في الخارج.
وسبق أن طرح قادة إسرائيليون خيار إبعاد قادة حماس خارج الأراضي الفلسطينية. ففي مايو الماضي, صرح نتانياهو, بأن "مقترح الترحيل مطروح, وقد ناقشناه دوما. لكنني أعتقد أن الأهم هو استسلامهم. فإذا ألقوا أسلحتهم, ستنتهي الحرب".
المحلل الإسرائيلي, يوآب شتيرن, يرى أن "فكرة إبعاد قادة حماس وجزء من السجناء الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم سبق طرحها في إطار مفاوضات الأشهر الماضية".
ويضيف شتيرن في تصريح لموقع "الحرة", أن فكرة "نفي السنوار وغيره من القادة" تكتسي أهميتها لدى الإسرائيليين من منطلق "إبعاد الخطر".
ويلفت إلى أن جزءا من الخلاف الكبير الدائر بشأن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين يتمثل فيما "يمكن أن ينتج عن مثل هذه الصفقات, خاصة بعدما جرى في صفقة تحرير الجندي, جلعاد شاليط, الذي كان محتجزا لدى فصائل فلسطينية في قطاع غزة".
ويوضح شتيرن أنه عقب الإفراج عن شاليط في صفقة مع حماس جرى تحرير السنوار نفسه, إضافة إلى سجناء آخرين كانوا من ضمن المساهمين الرئيسيين في تقوية حماس والضالعين في هجوم السابع من تشرين الاول.
ويتربع السنوار على رأس قائمة المطلوبين لإسرائيل منذ هجوم السابع من تشرين الاول. ويعتقد أنه العقل المدبر للعملية التي لم يظهر علنا منذ تنفيذها.
وأعلنت حركة حماس, مطلع الشهر الماضي, تعيينه رئيسا جديدا لمكتبها السياسي, خلفا لإسماعيل هنية, الذي قتل في العاصمة الإيرانية طهران.
ويوضح المحلل الإسرائيلي شتيرن, أن فكرة إبعاد قادة حماس الحاليين أو السجناء الذين سيفرج عنهم وراءها رغبة إسرائيلية في "إبعاد التهديد", موضحا أن إسرائيل "تريد إبعادهم عن العمل العسكري الميداني حتى تصعّب على التنظيمات الإرهابية, إعادة تنظيم نفسها وأن تشكل تهديدا للبلاد في المستقبل".
وأضاف أن "إسرائيل ترى في السنوار تهديد لأمنها القومي ولحياة الإسرائيليين, بالتالي ترغب في إبعاده عن المناطق الإسرائيلية نحو المنفى".
وعلى الجهة المقابلة, يوضح شتيرن, أن "السنوار بدوره يدرك أنها مسألة وقت فقط, قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من الوصول إليه في غزة", بالتالي "تقدم إسرائيل هذا المقترح اعتقادا منها بأنه قد يكون خيارا يخدم مصالح الجانبين".
ويضيف أن المقترح الإسرائيلي الجديد يأتي أيضا "في ظل القيود التي تواجه استهداف القوات لعدد من القيادات التي تحتمي بالرهائن مما يعقد عملياتها ومساعيها العسكرية", مشيرا إلى أن "القوات الإسرائيلية تفادت استهداف عدد من قياديي حماس خلال الأشهر الماضية حمايةً للرهائن".