استطاع اليوم حراك العسكريين المتقاعدين تعطيل جلسة مجلس الوزراء, وهي ليست المرة الأولى التي تتعطل فيها مؤسسات رسمية بسبب التحركات وقطع الطرق, ففي السنوات الأخيرة نجح متظاهرون في تعطيل اجتماعات للحكومة ولمجلس النواب وغيرهما من المؤسسات عبر إقفال الطرق المؤدية الى المقارّ.
ولكن بعد التقدم التكنولوجي وما أوجدته تقنيات الاتصال الحديثة, أصبح من الممكن عقد الاجتماعات عن بعد, وهو جُرّب في بلدان كثيرة في العالم خلال جائحة كورونا ولم تتوقف المؤسسات عن العمل وعقدت الاجتماعات عن بعد واتخذت القرار ولم تتعطل أيٌّ من المؤسسات.
السؤال المطروح اليوم هو: لماذا لا تُعتمد الاجتماعات عن بعد, عبر تقنية الفيديو المتوافرة بكل سهولة وخصوصاً أن تعطيل اجتماعات مهمة يمكن أن يمسّ بالمواطنين مباشرة؟
عن هذا السؤال يجيب رئيس مؤسسة JUSTICA في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص مشيراً الى أن الدستور واضح في هذا عبر المادة ٦٥ منه التي تشترط نصاباً وأكثرية حضورية في مقر مجلس الوزراء.
ويقول لـ"النهار": "إن الشذوذ عن هذه القاعدة غير ممكن دستورياً إلا في حال الاستحالة القصوى والمستمرة ولأمور ضرورية جداً لا تحتمل التأجيل وهذا ما لا يستقيم مع الوضع الحاضر".
أما المستشار الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فارس الجميّل فيرى أن "اجتماع الحكومة عن بعد لا يستقيم دستورياً ولا أدبياً ولا سياسياً عن بعد".
ويقول لـ"النهار": "يمكن انعقاد بعض الاجتماعات التشاورية عبر هذه التقنيات وجرى هذا الأمر لمرات عديدة, ولا شيء يمنعه, لكن انعقاد مجلس الوزراء يجب أن يكون حضورياً وبنصاب مؤمن يتجاوز الثلثين, فالنصاب يُقدّر بحضور الوزراء الى مقر الاجتماع وبناءً على ذلك تؤخذ القرارت وتحمل الصفة الدستورية والقانونية".
ويضيف: "لسنا في ظرف استثنائي وقاهر يتطلب عقد مثل هذه الاجتماعات, فأثناء جائحة كورونا عُقدت الاجتماعات حضورياً ولا شيء يستدعي اليوم عدم حصولها".
وبرّر الجميّل تأجيل جلسة اليوم بأنه "لفتح الباب للتشاور والاتصالات والتلاقي وخصوصاً أن جزءاً من العسكر المتقاعدين كانوا يتحاورون مع رئيس الحكومة قبل الجلسة", مشدداً على أن "الحكومة سلطة تنفيذية ولديها القدرة على أن تأخذ قرارات جريئة في وجه من يحاول تعطيل عملها".
وختم حديثه بالتأكيد أن الحكومة ستعاود الاجتماع في مقرّها لاحقاً وستقرّ جدول أعمالها الذي تقرره من دون ضغوط وأن ما جرى اليوم هو فقط لترك باب التشاور مفتوحاً.
وبحسب الفصل الثاني من مرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزراء, ينعقد مجلس الوزراء دورياً في مقره الخاص ويترأس رئيس الجمهورية, عندما يحضر, جلسات مجلس الوزراء وفق أحكام الفقرة (5) من المادة (65) من الدستور وفيما عدا ذلك يترأس هذه الجلسات رئيس مجلس الوزراء, ولا يكتمل نصاب الجلسات ولا تكون الجلسات قانونية إلا بحضور ثلثي أعضاء المجلس ولا يجوز اتخاذ أيّ قرار إلا بتوفر هذا النصاب.(النهار)