منذ فترة كان رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل, يوصف من قبل بعض الافرقاء بالسياسي الذي بات وحيداً, فلا حلفاء ولا اصدقاء في السياسة بل مجموعة خصوم, يتكاثرون يوماً بعد يوم, ولا حتى أي حليف مسيحي, والسبب الخلاف على الرئاسة, بدءاً من ترشح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بعدما كان الحليف الاول, لكن خطوته هذه قضت على تلك العلاقة, ما جعل التيار البرتقالي في مسار آخر, لتصبح العلاقة في أسوأ حالاتها, كذلك الامر مع "القوات اللبنانية", بعدما وصلت العلاقة الى مرتبة جيدة خلال حقبة تفاهم معراب الذي لم يدم طويلاً, فوصل الطرفان المسيحيان الى ذروة الخلافات, بعدما اطمئن المسيحيون وشعروا بالارتياح بعد توقيع ذلك الاتفاق في كانون الثاني من العام 2016, لكن كل ذلك الارتياح ذهب مع الريح, وأعاد المسيحيين الى مرحلة الاحباط.
اما مع حزب الله فالعلاقة في طريقها للعودة, لانّ ترميم الجرّة التي انكسرت يجب ان يحصل بالفعل لا بالقول فقط, وسبق ذلك انفتاح كبير على عين التينة, حيث العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في أحسن حالاتها, لانّ رئيس " التيار" محتاج الى مَن يسانده سياسياً في هذه الظروف الصعبة, التي أبعدته عن الجميع, لذا يقوم بتخطيّ رواسب الخلافات الماضية, وترميم العلاقة التي ترافقت مع توتر كبير في فترة معينة بين الرجلين, خصوصاً انّ الوحدة لا تجوز في السياسة اللبنانية, بحسب ما تلقى نصائح من قبل سياسيين مقرّبين, مذكّرين إياه بأنه تولى منصب وزارة الخارجية لفترة طويلة, وعليه ان يستفيد من تلك الخبرة ويكون ديبلوماسياً الى أبعد الحدود, لان عدم إيصال فرنجية الى بعبدا يتطلّب منه التوافق مع "القوات اللبنانية" أي انّ المصلحة تقتضي, وهذا ما بدا قبل أيام وتحديداً بعد كلمة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع, خلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية, حيث أعلن باسيل تأييده لبعض ما جاء في الخطاب بعد ساعات قليلة, من خلال بيان رسمي صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في "التيار الوطني الحر", برز ضمنه اعتبار "التيار" أنّ كلمة جعجع حوت تطوراً في الموقف, من ناحية الحوار والعيش المشترك والملف الرئاسي, وتأييده الحوار والتشاور اذا كان محصوراً بالرئاسة, إضافة الى الخروج من الماضي والتخطيط نحو المستقبل, وتسمية مقاتلي المقاومة الذين يسقطون في الجنوب بالشهداء, ورفض "وحدة الساحات", معتبراً انّ هذه المواقف تتلاقى مع "التيار" وانفتاحه على الاطراف الاخرى, وبصورة خاصة في الاستحقاق الرئاسي والتوافق على جلسات انتخابية مفتوحة.
الى ذلك تضمّن البيان دعوة الى" القوات" يمكن القول انها مبطّنة نوعاً ما, للتجاوب بهدف التوافق وحل المعضلة الرئاسية, التي ستدخل عامها الثالث بعد فترة وجيزة, مع الإشارة الى انّ كلمة رئيس "القوات" لم تتضمّن اي " لطشة " للتيار العوني, الامر الذي ساهم في هذا الانفتاح, لكن ووفق ما أظهرته الايام القليلة الماضية فرئيس " التيار" لم يلق اي تجاوب قواتي لغاية اليوم, ربما بسبب غياب الثقة وفق ما رأت أوساط قواتية, ولانّ التجارب السابقة عديدة, وأشارت لـ "الديار" الى رفضها عبارة " التطور في الموقف" الذي جاء في بيان "التيار" وكأنها الدكتور جعجع غيّر مواقفه, في حين انّ هذا الامر غير صحيح لانّ رئيس "القوات" ما زال على مواقفه, كما انّ دعوة باسيل الى تجاوز ما وصفه بـ "الشكليات البسيطة " ليست ايضاً في محلها, لانّ ما ننادي به لا يمكن وصفه بذلك, لافتة الى انّ الخلاف مع "التيار الوطني الحر" استراتيجي.
وعلى خط التيار العوني فالجواب اتى ديبلوماسياً," لانو عملنا يلي علينا " والكرة في الملعب القواتي, وقالت مصادره لـ "الديار":" لقد أظهرنا انفتاحنا وحسن نيتنا في سبيل إنقاذ لبنان والتوافق على القرارات المصيرية, لانّ الوضع يحتاج الى التفاهم والوقت ليس للعتاب بل للمصارحة والانفتاح المسيحي".
صونيا رزق- الديار